دفعت قيم المدرسة القديمة والحظر المفروض على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الجودة في أسلوب اللعب المنتخب الاسترالي إلى بلوغ الدور ثمن نهائي من مونديال قطر لكرة القدم، ليضرب موعداً مع ​أرجنتين​ ​ليونيل ميسي​ السبت.

في خضم الاستعدادات للعرس الكروي العالمي في قطر، كانت التوقعات في الحضيض، في حين اعتبر انجاز هاري كيويل وتيم كاهيل ومارك فيدوكا الذين قادوا "سوكروز" إلى ثمن نهائي مونديال 2006، مجرّد ذكرى قديمة.

أعلن غراهام أرنولد مدرب أستراليا الذي اضطر لمواجهة الشكوك بشأن منصبه قبيل انطلاق المونديال، أن المنتخب الحالي يمكن أن يشكّل "جيلاً ذهبياً" جديداً.

هي نظرة متفائلة، لأن المنتخب الأسترالي الذي سقط أمام فرنسا 1-4 في مستهل مبارياته في المجموعة الرابعة قبل الفوز على ​تونس​ و​الدنمارك​ بنتيجة واحدة (1-صفر)، لا يملك في صفوفه لاعبين يخوضون غمار الدوريات الأوروبية الكبرى أو اسماء كبيرة بحجم النجوم.

لكن ما يمتلكه "سوكروز" هو إحساس قوي بالتكاتف وروح قتالية ومدرب يجمع بين الذكاء التكتيكي وما قد يعتبره البعض قيماً قديمة.

إذا كان هناك شيء واحد يكرهه أرنولد، البالغ 59 عاماً، فهي وسائل التواصل الاجتماعي.

قال هذا المدرب الذي يتميز بصراحته بعدما سجل ماتيو ليكي هدف الفوز في مرمى الدنمارك الأربعاء "تنظر إلى المستضعفين وهم يحققون شيئاً ما ويحصلون على نتيجة رائعة ثم يحتفلون بعاطفة كبيرة".

وأضاف: "ومرة أخرى، أكره قول هذا، يتواجدون على وسائل التواصل الاجتماعي حتى الساعة الرابعة أو الخامسة فجراً يقرأون كل هذه التعليقات...، كل تلك الأشياء".

وأردف: "أمضيت في اللعبة فترة طويلة بما يكفي لأعرف أن أهم شيء هو التعافي والنوم والتأكد من أنك تفعل كل شيء للاستعداد للمباراة التالية".

استخدم أرنولد تعبير "واو" عندما بلغه أن مدرب انكلترا غاريث ساوثغايت وعد بأنه سيكافئ لاعبيه في كأس العالم بالسماح لهم بتناول مخفوق الحليب.

وعندما سُئل عما إذا كان سيتيح لرجاله الحصول على الامتياز ذاته، أمسك أرنولد مبتسماً بعبوة مياه في اشارة إلى انه لن يسمح للاعبيه سوى بشرب الماء.

شدّد مرة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، منتقداً "ما يمكن أن تتسبّب به (وسائل التواصل) للاعبين من الناحية الذهنية".

قال "إذا كانوا يقرأون أشياء سلبية، فإنهم لا ينامون جيداً" و"لذلك أقول دائماً للاعبين +اضحك قبل أن تنام، واستمع إلى الموسيقى الشعبية التي تحبها، هي موسيقى أسترالية، واجعل نفسك سعيداً قبل أن تنام+".

-بداية عصيبة-

ولكن لتصوير أرنولد، أو "أرني" كما يحب أن يطلق عليه ليكي، كنوع من الديناصورات من المدرسة الكروية القديمة يمكن أن تلحق الأذى بسمعته نظراً إلى إنجازاته في قطر.

يدعو أرنولد إلى العمل الجاد والقتال و"العقلية الصحيحة"، وفي الوقت ذاته وضع خطة لعب ناجحة أمام الدنمارك المخيب للآمال ووصل إلى الدور نصف النهائي من بطولة أوروبا العام الماضي.

ضيّقت أستراليا الخناق على صانع ألعاب مانشستر يونايتد كريستيان إريكسن وفازت في النهاية بشكل مريح إلى حد ما، بفضل اللمسة النهائية الرائعة لمهاجم ملبورن سيتي ليكي.

تكرّر السيناريو ذاته أمام تونس، فحقق أستراليا فوزاً صعباً (1-صفر) بفضل رأسية المهاجم ميتشل ديوك. في المناسبتين كلتيهما، كان الدفاع بقيادة هاري سوتار مدافع ستوك سيتي المثير للإعجاب حازماً ووقف سداً منيعاً أمام هجمات المنافس.

فازت أستراليا في مباراتين توالياً في نهائيات كأس العالم للمرة الاولى في تاريخ مشاركاتها.

سبق لأرنولد أن اختبر هذه التجربة سابقاً، اذ كان مساعداً للمدرب الهولندي غوس هيدينك خلال مونديال 2006 عندما بلغت أستراليا ثمن النهائي، لتخسر أمام إيطاليا صفر-1 بركلة جزاء في الوقت المحتسب بدل الضائع.

وإلى جانب مواجهة "البرغوث" الصغير ميسي، يجب أن أستراليا أن تتمالك أعصابها بمواجه الأرجنتين في سعيها لأول مرة في تاريخها.

ألقى أرنولد اللائمة على التوتر لبداية أستراليا البطيئة أمام الدنمارك، وقال "بقدر ما أحاول الضحك وإسعادهم، كان التوتر سائداً لأن معظم هؤلاء اللاعبين لم يسبق لهم أن اختبروا مثل هذه البطولة وهي تجربة جديدة بالنسبة لهم".