نزل خبر إعلان الفيفا لبراءة رئيس الإتحاد الآسيوي ​محمد بن همام​، كالصاعقة على المتابعين لشؤون وشجون المستديرة، ليس لشيء إنما لما قامت به أكبر منظمة كروية في العالم لجهة التلاعب بسمعة "المعارضين" لسياستها، وإلصاق التهم بهم من كل حدب وصوب لغاية في نفس القابع على الكرسي منذ العام 1998، وهو ما يجسّد حالة من الفساد المستشري في جسم الفيفا منذ سنوات طويلة، رغم المحاولات الحثيثة لـ"التعمية" عليها من هنا وهناك.
وإذا كانت الشكوك قد ثارت حول نشاط بن همام منذ حملته الانتخابية بوجه الرئيس الحالي جوزف بلاتر للفوز بمنصب رئيس الاتحاد الدولي، فإن من المدهش أن يتم إصدار "صك براءة" لشخص جرى إيقافه منذ مايو 2011، بتهمة دفع رشاوى مالية لأعضاء اتحاد الكونكاكاف، ليُعلن بعد عام ونصف أنه بريء من التهم الموجهة إليه.
وأبعد من قضية المسؤول القطري، فإن رائحة الفساد في الإتحاد الدولي لكرة القدم باتت تزكم أنوف الكثير من الشرفاء داخل الفيفا، وإن كانت المؤشرات توحي أن الغالبية العظمى من الإتحادات القارية باتت متورطة حتى "العظم" في قضايا رشاوى من الدرجة الاولى، ابتداءً من حقوق البث التلفزيوني لمسابقات الفيفا، مروراً بمنح شرف تنظيم نهائيات كأس العالم، ثم مشروع الهدف، وإنتهاء بمشروع تكنولوجيا خط المرمى، وما بين هذا وذاك الكثير والكثير.
وفي الحقيقة فإن تلك الإرتكابات باتت مادة دسمة لدى العديد من وسائل الإعلام العالمية، التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لإحراج بلاتر تمهيداً لإخراجه.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد الإعلامي، لأنه تعّداه إلى ما هو أبلغ وأهم، وتحديداً لدى اللجنة الاولمبية الدولية والتي صرح رئيسها جاك روغ قبل أشهر، انه لن يسكت على ما يُكشف من فضائح وتزوير مرتبطة بمسؤولين كبار في الإتحاد الدولي.
لكن الأهم من كل ذلك أن مافيا الفساد في الإتحاد الدولي لكرة القدم لا تزال تقاوم بكل ما أوتيت من قوة، من أجل منع إحداث تغيير يساهم بخلط الاوراق بشكل جذري.
ولعل ما يدعو للأسف هو ذلك الإمتداد الكبير لفصول الفساد المالي والإداري والذي ضرب بشكل واسع أروقة الإتحادات القارية لاسيما في آسيا والكونكاكاف، وهو ما انعكس بشكل يدعو للقلق على الكثير من الإتحادات المحلية في تلك الدول ومنها العربية على وجه التحديد.
وإذا كانت عودة بن همام إلى الساحة الرياضية مجدداً لا تزال غير محسومة، فإن مجرد خروجه بريئاً من تلك القضية يفضح وجها آخر من فصول الفساد في الإتحاد الدولي لكرة القدم، وبالتأكيد سيكون فصلاً جديداً من المعركة خلالا الاسابيع المقبلة بين بن همام وخصومه الآسيويين أولاً، ثم مع الخصم الرئيسي ونعني به السويسري جوزف بلاتر الذي سيسعى بكل قوته لمنع عودة بن همام الى الهرم الآسيوي.