لطالما حفلت الرياضة بشكل عام وكرة المضرب بشكل خاص، بالكثير من الأساطير والنجوم الذين مروا على ملاعب الكرة الصفراء بمختلف فئاتها وتركوا الكثير من الآثار الإيجابية بفضل الموهبة التي قدموها في الثمانينات والتسعينات، أمثال بيورن بورغ، جيمي كونور، جورج ماكنرو، ​أندريه أغاسي​، ​بوريس بيكر​، ​بيت سامبراس​، ستيفان ادبرغ وغيرهم.

ومع انطلاق الألفية الثانية كانت لعبة كرة المضرب قد شهدت اعتزال العديد من النجوم إضافة لدخول التقنيات عالم التنس والتي أرست تطورا مذهلا على مختلف الأصعدة، لكن السؤال الأبرز بقي مطروحا دائماً على كل الألسن وهو: من هم اساطير هذه الحقبة وهل بقي من مجال لرؤية المزيد منهم بعدما حفلت الفترة الماضية بالعديد منهم؟.

لم يتأخر الرد مع بزوغ نجم السويسري روجيه فيديرر ومن ثم الإسباني رافاييل نادال اللذين فرضا على مدى خمسة عشر عاماً مسيرة مختلفة لعالم الكرة الصفراء وصل الى 20 لقباً في البطولات الأربع الكبرى وبفارق ثلاثة القاب عن المنافس الوحيد في هذه الحقبة وهو الصربي ​نوفاك ديوكوفيتش​.

ليس من السهل على اي لاعب كرة مضرب أن يحقق هذا العدد من الألقاب الكبرى في تلك الفترة الزمنية وهو ان دل على شيء، فإنما يدل على القدرة غير الطبيعية لكل من السويسري والاسباني على تحقيق الانجازات مع العلم انهما تخطيا الثلاثين، فيما بات فيديرر على عتبة الأربعين من العمر.

يمكن اعتبار ثنائية روجيه فيديرر ورافاييل نادال أشبه بثنائية ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو في عالم كرة القدم، لكن الطابع الفردي للعبة كرة المضرب يمنح الأول والثاني الأفضلية خاصة ان ما حققاه طوال هذا المشوار ربما يكون صعباً كسره في المدى المنظور سيما وان اللاعبين ما يزالان يمارسان الابداع على الملاعب الترابية والعشبية.

الانجاز الذي حققه نادال أمس بفوزه بلقب رولان غاروس للمرة الثالثة عشر في تاريخه والذي عادل به رقم فيديرر في عدد القاب البطولات الاربع الكبرى، هو رقم خرافي لم يسبق لأي لاعب تنس ان حققه في بطولة واحدة، اذ ان اقرب فائز بعدد واحد من الألقاب هو فيديرر وديوكوفيتش بفوزهما ببطولتي ويمبلدون واستراليا ثماني مرات.

كل هذا يعني اننا أمام لاعب اسطورة لم يسبق ان شهدت الرياضة بشكل عام وكرة المضرب بشكل خاص مثيلاً له، لكن الملفت ان وجود الاسباني والسويسري في هذه اللعبة أسس لتاريخ مشرق ومستحق لكل منهما، وساهم التنافس بينهما في تعزيز مكانة البطولات الاربع الكبرى لدى الجماهير، ويكفي ما قاله فيديرر بعد فوز نادال "بصفته غريمي الاكبر على مر السنوات، أعتقد أننا دفعنا بعضنا البعض لنصبح لاعبين افضل" ليعبر عن الحقيقة الدامغة في هذا الصراع الذي سيكون من دون شك درساً كبيراً ومهماً للأجيال المقبلة في عالم الرياضة.