باتت كرة القدم قاب قوسين أو أدنى من العودة الى وضعها الطبيعي وان كانت بخطوات ناقصة وغير مسبوقة وعبر بروتوكولات صحية معقدة وصارمة، لكنها الخطوة الأهم التي كان الجميع يبحث عنها، بعد توقف دام أكثر من شهرين بسبب جائحة كورونا، وصولا الى اعلان الدول الكبرى في عالم المستديرة استئناف الأنشطة ابتداء من هذا الشهر.

نجح المسؤولون عن الكرة الألمانية في تمهيد الطريق أمام عودة المنافسات في كل من ​اسبانيا​ وانكلترا و​ايطاليا​ بعدما أثبت الألمان مرة أخرى ريادتهم عبر استئناف ​البوندسليغا​ الشهر الماضي في خطوة منحت العالم الأمان الصحي "دون التخلي عن الحذر" بإمكانية القدرة على التغلب على كل الفوضى التي أحدثها فيروس كورونا في العالم.

صحيح ان الحياة لن تعود الى طبيعتها في ملاعب كرة القدم ولن يتمكن الجمهور من العودة الى المدرجات فيما تبقى من مباريات هذا الموسم، وصحيح ان اللاعبين لن يتمكنوا من مصافحة بعضهم او الاحتفال بشكل جماعي، لكن ما هو مؤكد ان استئناف المنافسات بهذه الطريقة أفضل بكثير من التوقف او الإلغاء كما حدث في ​فرنسا​ و​هولندا​ و​بلجيكا​ واسكتلندا.

بات من الواضح اننا أمام كرة قدم جديدة خاصة وان التداعيات التي طالتها كثيرة سواء اقتصادية أو صحية وحتى إجتماعية، مما يعني ان على الجميع التعاطي بواقعية مع المستجدات التي فرضتها أزمة كورونا والتي ربما تمتد لتطال الموسم المقبل، الأمر الذي يؤشر إلى أننا دخلنا فعلاً مرحلة جديدة يتعين علينا الإعتياد عليها، كما يتعين على اللاعبين البدء من جديد وكأنهم يتعلمون فلسفة جديدة لم يسبق لهم التعرف عليها.

دخلت كرة القدم في وضع مختلف وربما غريب نوعا ما، مما سيفرض تغييراً في ديناميات العمل المعتادة للأندية واللاعبين والجماهير، لا بل حتى الشركات الراعية وتلك التي تملك حقوق النقل التلفزيوني وهذا سينعكس ايضاً على مئات الملايين من المشاهدين الذين سيتحتم عليهم بدء حياة جديدة ايضاً مع كرة القدم ستكون من خلف الشاشات، اضف الى ذلك ان المشاهد التي ستصلهم من الملعب ستكون مختلفة دون أدنى شك عن تلك التي تعودوا على رؤيتها قبل أزمة كورونا.

هو واقع جديد بكل معطياته ليس على كرة القدم فقط انما في الحياة العامة، لذلك فإن من البديهي القول ان ما بعد أزمة كورونا ليس كما قبله وعلى الجميع التعاطي مع هذا الأمر كونه أصبح أمراً واقعاً قد يصعب تغييره في المدى المنظور ما لم يظهر في الافق بوادر تؤشر لانتهاء جائحة كورونا.