ربما هي لحظات نادرة تلك التي تترك في نفوس الجماهير ذكرى مؤلمة بعد رحيل نجم او أسطورة، لكن لا يمكن ان تصف تلك اللحظات حين يكون الحدث هو اسطورة كرة السلة ​كوبي براينت​، ذلك الملهم الذي طبع العالم بالسواد بعد وفاته وابنته في حادث تحطم طائرته، تاركاً هذا العالم في لحظة بشعة حطمت معها كل الإنجازات والبطولات وحوّلتها في ثوانٍ إلى مجرد ذكريات لا أكثر ولا أقل.

رحل كوبي براينت تاركاً خلفه كل هذا الحب المفعم بذكريات لا تنسى في عالم كرة السلة حتى اضحى رمزاً لا بل لغزاً محيّراً عجز الكثيرون عن اكتشافه أو فك طلاسمه بعدما استطاع على مدى سنوات طويلة من تحويل الضعف إلى قوة والعجز إلى صلابة والسقوط إلى نقطة بداية نحو مسار أفضل وأروع.

عانى كوبي براينت كثيراً قبل ان يتمكن من "ترويض" تلك المعاناة وتحويلها إلى إنجازات فاقت بحدودها ما حققه كل من ​مايكل جوردان​ و​ماجيك جونسون​، اللاعبان اللذان لطالما اعتبرهما بمثابة مثله الأعلى، وهو الأمر الذي حوّله خلال سنوات إلى ملهم لكل الأجيال ليس فقط لعشاق كرة السلة فحسب، إنما الى لجميع الجماهير الرياضية حول العالم.

لطالما حلّق كوبي براينت عالياً من أجل تسجيل النقاط، لكنه لم يقوَ على مقارعة التحليق بطائرة أسقطته كما لم لم تستطع كل ملاعب السلة على فعله أو التفكير بذلك، فلا يمكن ان ينسى أحد اصراره على اللعب وهو يعاني من ألم شديد، ولا يمكن لأحد ان يتجاهل تسجيله أكثر من 50 نقطة ذات مرة وهو يعاني من كسور في اصابع اليد، لا لشيء إنما من أجل هدف واحد لطالما سعى لتحقيقه خلال مسيرته ألا وهو الفوز فقط دون سواه.

حظيت الرياضة بمختلف أنواعها بأساطير رحلوا وتركوا أثراً في الملاعب والحلبات ومنهم ​محمد علي كلاي​ و​يوهان كرويف​ و​ارتون سينا​ وغيرهم، لكن رحيل كوبي براينت كان الاكثر تأثيراً لدى الجيل الحالي الذي شاهد وعاصر التضحيات الكثيرة التي قدمها اسطورة كرة السلة حتى خُيّل للكثير منهم ان براينت ورغم اعتزاله سيبقى أيقونة يمكن العودة إليها مع كل خيبة أمل او احباط من هنا وهناك.

من الواضح ان رحيل كوبي براينت سيبقى حدثاً يقارب تلك الانجازات التي حققها في الدوري الاميركي لكرة السلة، لا بل ان هذا الرحيل المفاجئ تفوق بكل تفاصيله المؤلمة على ما سبقه وبالتالي بات هناك عالم جديد فقد واحداً من أهم أساطيره. وداعاً كوبي!.