أصاب لاعب بورتلاند ترايل بلايزرز سي دجاي ماكولوم في تفسير الانسحابات المتتالية للاعبي الصف الأول من تشكيلة المنتخب الأميركي لكرة السلة، حين قال عشية انطلاق النسخة الثامنة عشرة من بطولة العالم أن أحدا لا يريد أن يكون "وجه منتخب مرشح للخسارة".

حصلت المفاجأة الأربعاء وودع المنتخب الأميركي مونديال الصين بخسارته في ربع النهائي أمام نظيره الفرنسي، متنازلا بذلك عن اللقب العالمي الذي أحرزه في النسختين الماضيتين عامي 2010 و2014.

ودفع المنتخب الأميركي ثمن قرار نجوم الصف الأول بالتفرغ لانشغالاتهم الشخصية وتأقلمهم مع فرقهم وزملائهم الجدد، ومن بينهم ماكولوم الذي برر كثرة الانسحابات التي تلت قرار لاعبين مثل ​ليبرون جايمس​ وستيفن كوري عدم المشاركة، قائلا "أعتقد أن الشبان الآخرين نظروا الى الأمر من هذا المنظار +لماذا سأذهب لأكون على الأرجح وجه منتخب مرشح للخسارة؟".

كانت خسارة الأربعاء أمام فرنسا الخروج الأول للمنتخب الأميركي عند هذه المرحلة المبكرة في بطولة كبرى منذ مونديال 2002 حين خرج من ربع النهائي أيضا على يد يوغوسلافيا.

كان الخروج المبكر من مونديال 2002 الذي أقيم في الولايات المتحدة، جرس إنذار للأميركيين الذين أدركوا أن المنافسة أصبحت أشد ضراوة من السابق في ظل ارتفاع عدد اللاعبين الأجانب في الدوري الأميركي للمحترفين، فوضعوا نظام تحضير مسبق لكل البطولات باشراف جيري كولانغيلو، المسؤول عن اختيار اللاعبين، ومدرب جامعة ديوك مايك كريشيفسكي الذي بقي في منصبه حتى 2016.

نجح الأميركيون خلال حقبة كريشيفسكي في نيل الذهب الأولمبي ثلاث مرات أعوام 2008 و2012 و2016، إضافة الى اللقب العالمي عامي 2010 و2014، قبل أن يترك المهمة التي انتقلت الى المدرب التاريخي لسان أنتونيو سبيرز غريغ بوبوفيتش.

اعتقد الكثيرون بأن اللقب العالمي السادس تحصيل حاصل بالنسبة للمنتخب الأميركي بوجود مدرب من طراز بوبوفيتش وبمساعدة مدرب غولدن ستايت ووريرز ستيف كير، لكن الرجلين اصطدما بمعضلة قرار نجوم الصف الأول تفضيل مصالحهم الشخصية على الدفاع عن ألوان المنتخب الذي اضطر لخوض المونديال الصيني بفريق شبه رديف.

قرار الاعتذار عن عدم المشاركة مع المنتخب الوطني في الاستحقاقات الكبيرة ليس جديدا على الأميركيين، لكن الغيابات في مونديال الصين 9 كانت أكثر من المتوقع. واضطر بوبوفيتش لخوض المونديال بلاعبين من الصف الثاني بعد قرار نجوم مثل جيمس، كوري، كواهي لينارد، جايمس هاردن، أنطوني ديفيس، راسل وستبروك وبول جورج، الاعتذار، بينما غاب كيفن دورانت وكايل لاوري وكلاي طومسون بسبب الإصابة.

- مشهد يتكرر في طوكيو 2020؟

ودفع المنتخب الأميركي ثمن هذه الغيابات بخروجه من الدور ربع النهائي الأربعاء، ما يثير التساؤلات حول مصير ذهبيته الأولمبية الصيف المقبل في أولمبياد طوكيو في حال واجه المشكلة ذاتها في تشكيل الفريق الذي تأثر كثيرا بقرب موعد المونديال من انطلاق المعسكرات التدريبية لأندية دوري المحترفين الذي يبدأ في 22 تشرين الأول المقبل.

وفي ظل التغييرات الكثيرة الذي شهدها موسم الانتقالات الحرة هذا الصيف والمنافسة الحامية المتوقعة، لاسيما في المنطقة الغربية التي تعتبر نصف أنديتها مرشحة بقوة لمحاولة انتزاع اللقب من تورونتو رابتورز، يحاول "معظم اللاعبين النجوم المحافظة على طاقتهم. أعتقد أنه الهدف الرئيسي خلف قرار الانسحاب" من المنتخب بحسب ما قال عشية المونديال سام ميتشل، المحلل التلفزيوني الذي لعب في الدوري بين 1989 و2002 ودرب فيه قرابة ستة مواسم.

بعض اللاعبين لم يفكروا ولو للحظة بإمكانية المشاركة مع المنتخب في بطولة هذا العام، بينهم نجم لوس أنجليس ليكرز ليبرون جيمس الذي بدأ تصوير فيلم "سبايس جام 2" في أواخر حزيران.

لكن بالنسبة للاعب بروكلين نتس جو هاريس، ليس باستطاعة أحد التشكيك بتفاني اللاعبين الذين خاضوا المونديال الصيني، موضحا "نعلم مدى العمل الذي بذلناه. نعلم حجم التضحيات التي بذلها كل شخص منا بالقدوم الى هنا والابتعاد عن عائلاتنا طيلة 39 يوما".

لا يحوم الشك حول المجهود الذي بذله لاعبو المنتخب، لكن مؤهلاتهم في بطولة تضم العديد من نجوم الصف الأول في الدوري الأميركي في المنتخبات المنافسة، لم تكن كافية لمحاولة الاحتفاظ باللقب العالمي.

وبدأت مؤشرات الفشل مع الخسارة الودية 94-98 قبيل البطولة أمام أستراليا التي وضعت حدا لمسلسل المباريات المتتالية دون هزيمة للمنتخب الأميركي عند 78، إن كان في البطولات الرسمية أو وديا.

ثم بدأت مشاكل الأميركيين منذ المباراة الثانية في المونديال الصيني حين اضطروا الى خوض شوط إضافي للفوز على تركيا المصنفة 17 عالميا في مباراة كلفتهم خسارة جهود أحد أبرز لاعبيهم نجم بوسطن سلتيكس جايسون تايتوم الذي تعرض لالتواء في الكاحل.

وعاد التفاؤل الى الأميركيين بعدما تمكنوا في الدور الثاني من الفوز على اليونان ونجمها يانيس أنتيتوكونمبو الذي اختير أفضل لاعب في الدوري الأميركي الموسم المنصرم، ثم البرازيل، قبل صدمة الخسارة الأربعاء في ربع النهائي أمام فرنسا التي حلت ثانية في مجموعتها خلال الدور الثاني خلف أستراليا.

وبعد صدمة الخروج على يد رودي غوبير وزملائه، ينتظر الجمهور الأميركي الآن ما سيكون عليه الوضع الصيف المقبل في أولمبياد طوكيو، وإذا كان لنجوم الصف الأول الرغبة الكافية بالعودة من أجل الدفاع عن "كبرياء" المنتخب والذهبية الأولمبية.