قررت شركة ​ليبرتي ميديا​ في نهاية عام 2016 أن تقوم بخطوة لربما بدأت تندم عليها وهي شراء حقوق الملكية لبطولة العالم للفورمولا 1.

دفعت ليبرتي 4.6 مليار $ ثمن هذه الصفقة وأول أمر قامت به هو طرد المدير التنفيذي السابق للفورمولا 1 ​برني إكليستون​ الذي كان يسيطر على هذه الرياضة منذ سبعينيات القرن الماضي.

إستلمت ليبرتي مهامها في فترة صعبة تمر بها الفورمولا 1 حيث أن نسبة المشاهدة في إنخفاض مستمر كون الفورمولا 1 فقدت بريقها. لكن قدوم ليبرتي أعطى دفعة امل لمحبي هذه الرياضة كون الشركة الأميركية لديها باع طويل في الترويج وسيكون سهل عليها إعادة الجمهور الذي ترك الفورمولا 1.

لكن في الفورمولا 1 الأمور ليست كما تبدو، الفورمولا 1 عالم يلفّه الغموض والسرية والطعن بالظهر والمصالح الشخصية فوق كل إعتبار. وهكذا اكتشفت ليبرتي أنه لديها عدوين أساسيين هما الفرق ومروجي السباقات.

العدو الأساسي لليبرتي من الفرق كان ​فيراري​ الذي هو أقدم فريق في هذه الرياضة والذي فورًا هدد بالخروج من البطولة في حال تم وضع قوانين تنظيمية/مالية جديدة لا تناسب تطلعاته. أما فريق ​مرسيدس​ الذي يسيطر على الفورمولا 1 منذ عام 2014 فكان أكثر من سعيد بالهجوم الذي شنه الفريق الإيطالي على ليبرتي كونه هو فعليًا سيغادر الفورمولا 1 في اول لحظة لا تناسبه الشروط. اما فيراري فبالرغم من كل الصريخ الذي أطلقه فالكل يعلم ان ​سكوديريا​ هي الفريق الوحيد المربوط مصيره بالفورمولا 1، أي أن مبيعات سياراتها تتأثر بنتائجها في السباقات في الفورمولا 1.

لذلك بدأ فيراري تنفيذ الخطة "باء" وهي أن يكون لديه أكثر من صوت في جلسات التصويت قي مجموعة الإستراتيجية (مجلس يضم ممثلين عن فرق الفورمولا 1 و​الإتحاد الدولي للسيارات​ وليبرتي ميديا وتتخذ فيه جميع القرارت).

وهكذا ندخل موسم 2019 وفيراري لديه الى جانبه فريقين هما هاس و​الفا روميو​. هاس هو فريق اميركي دخل الفورمولا 1 في 2016 وهو يعتمد بشكل كبير على فيراري الذي يزوده بالمحرك وبكل القطع الباقية المسموحة قانونًا، ما يعني أن صموده في الفورمولا 1 مربوط بفيراري. أما الفا روميو فهو فريق "فيراري باء" فعليًا كون الشركتين تابعتين لنفس مجموعة فيات.

فإذاً فيراري أصبح لديه 3 أصوات أما مرسيدس لديه صوتين (فريق رايسنغ بوينت ومن شبه المؤكد أن فريق ويليامز سينضوي تحت عباءة مرسيدس مستقبلًا)، ورد بُل صوتين (فريق تورو روسو).

هذه الأمور تعني أن هناك جبهة موحدة في وجه ليبرتي من ناحية الفرق الثلاث الكبيرة التي تسيطر على الفورمولا 1 والتي لديها 7 أصوات تتحكم بها من أصل 10.

هذه الفرق الثلاث (فيراري – مرسيدس – رد بُل) تعارض بشدة ان يتم وضع سقف مالي للإنفاق كون هذا هو ما يفرّقها عن باقي الفرق وهو قدرتها المالية الكبيرة التي تمنحها تفوق على الحلبة.

من ناحية أخرى هناك جبهة مروجي السباقات، أي الذين يستثمرون الحلبات التي تقام عليها السباقات خلال الموسم. هؤلاء بدورهم يريدون مصالحهم وهددوا منذ أيام أنه في حال لن يتم تخفيض رسوم الإشتراك عليه فسيقومون بخطوات تصعيدية.

وهكذا تجد نفسها ليبرتي في وضع صعب وما يزيد الأمور تعقيدًا هو "عقد الكونكورد" الذي يربط الفرق بمالك الفورمولا 1 والذي لن ينتهي قبل 2020 والذي أُتفق عليه قبل قدوم ليبرتي. هذا العقد يحدد الكثير من الأمور التي لا يمكن لليبرتي ان تعدّل بها بالرغم من أنها لديها حقوق الملكية.

حتى الآن لم تتمكن ليبرتي من تحسين أي أمر في الفورمولا 1 لا بل الأمور في تراجع و2020 بعيدة ولا يمكنها الإنتظار الى ذلك الوقت كي تمسك بزمام الأمور.

في رأيي ليبرتي على مفترق طرق حاليًا وعليها أن تحكم بيد من حديد وإلا إن الأمور لن تتحسّن. الفورمولا 1 بحاجة لدكتاتور، إن الديمقراطية لا يمكن أن تنجح كون الفرق لا تهمها سوى مصلحتها وهي مستعدة بأن تدمر الفورمولا 1 كي تنال ما تريده.

على ليبرتي تهديد الفرق بأن الفورمولا 1 أكبر منهم وهناك العديد من الفرق في العالم تتمنى الدخول عليها وهي لا تفعل حاليًا بسبب السيطرة العقيمة للفرق الثلاث الكبيرة عليها. ومن جهة المروجين فالإنتصار سهل عليهم. هناك آلاف الحلبات حول العالم ويمكن تحديث القليل منها بسرعة كي تصبح مؤهلة لإستقبال سباق فورمولا 1.

وأنا كمتابع لهذه الرياضة أفضّل أن يكون هناك 12 سباق ممتع وتنافسي على 21 سباق (كما هو الحال حاليًا) ممل ومعروف سلفًا من سيفوز به.