عندما تم بيع نادي إي سي ميلان لمستثمرين صينيين وإنهاء حقبة طويلة من سيطرة الميلياردير الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني على النادي، استبشر عشاق الميلان خيرا وذلك بعد سنوات عجاف أخيرة قضوها رفقة بيرلسكوني حيث تراجع الفريق إلى مراكز لا تليق أبدا بسمعة من كان في فترة ليست ببعيدة الرقم الأصعب في القارة العجوز.

لكن الموسم الاول مع المستثمرين الصينيين لم يكن على قدر التوقعات ما دفع بالإدارة الجديدة إلى التحرك بشكل سريع. وبالفعل، لم تكد عجلة سوق الإنتقالات الصيفية تبدأ بالدوران، حتى قامت الإدارة بالصفقة تلو الأخرى ليصل العدد حتى الآن لأكثر من ثماني صفقات. وجرت العادة على أن يلجأ أصحاب المليارات بعد استحواذهم على الأندية بالقيام بصفقات كثيرة بحاجة أو بغير حاجة مع ضخ مبالغ طائلة وذلك من أجل ترجمة الهدف الذي أتوا من أجله وإسعاد الجماهير لكن القارئ الجيد بين سطور صفقات الفريق الإيطالي هذا الموسم، يدرك أن الأمر مختلف كليا.

فميلان لم يدفع أي مبلغ طائل على لاعب واحد وهو رغم قدرته المادية لم يضم لاعبا بستين أو سبعين يورو بل كان ذكيا كثيرا في طريقة اختيار اللاعبين وهذا يدل على وجود تخطيط مميز ليس من الناحية المالية بل من الناحية الفنية وفي المراكز التي تم تدعيم صفوف الفريق بها فكانت معظم الصفقات في إطار أرقام مالية مقبولة لم تتجاوز عشرات الملايين من اليورو حيث لم ينجر الميلان رغم قوته المالية للجنون الذي يسيطر على سوق الإنتقالات وأسعار اللاعبين في أيامنا هذه.

وإذا ما أردنا استعراض الأسماء التي انضمت لميلان حديثا، نجد بونوتشي، بيليا، كالهانوغلو، كونتي، كيسي، روديريغيز، بوريني، موساشيو وهي أسماء بمعظمها شابة وقدمت أداء مميزا الموسم الماضي. اللافت بها أنها جاءت في كل المراكز وذلك في إطار خطة شاملة لتدعيم الفريق في كافة الخطوط كما أن الفريق استقطب نجوم الدوري الإيطالي الموسم الماضي وذلك بأسعار مقبولة وهذا سيعطي اللاعبين أفضلية كونهم يعرفوا الدوري الإيطالي عن قرب وأسلوب اللعب هناك في الكالتشيو. كما أن معدل الأعمار في هذه الصفقات كان لافتا أيضا، فمعظم اللاعبين هم في العشرينات من عمرهم وبالتالي هم قادرين على أن يكونوا نواة لمشروع مستقبلي لميلان وليس فقط لموسم أو موسمين وهذا يدل على بعد نظر في اختيار اللاعبين والذين يناسبون مشروع الميلان المستقبلي القائم على إعادة النادي لأمجاده السابقة.

ومع هذا الكم من التعاقدات والذي يتوقع أن يزيد في الأيام المقبلة مع بعض الصفقات المتوقع إتمامها، تّطرح بعض الأسئلة عن شكل الميلان في الموسم المقبل ؟ وهل ستكون الأسماء هذه أساسية في ظل وجود بعض الأسماء الهامة مع الميلان والتي أثبتت فعاليتها ؟ وكيف سيستطيع المدرب ​مونتيلا​ التعامل مع هذه الأسماء وتركيب الفريق ؟

لا شك بأن الموسم المقبل سيكون موسما مصيريا في مسيرة مونتيلا التدريبية، فمونتيلا لم يحقق أي إنجاز كبير طوال مسيرته التدريبية وهو إن كان من المتفق عليه أنه يتمتع بأسلوب هجومي مميز وبفكر كروي لا بأس به لكن العبرة غالبا ما تكون في البطولات. وفي موسم 2017-2018 لن يكون أمام مونتيلا أي عذر في عدم المنافسة على البطولات وأهمها كسر هيمنة يوفنتوس على البطولة المحلية. من هنا سيكون مونتيلا مدعوا للتعاطي بذكاء مع لاعبيه وبمعرفة كيفية توظيفهم وبعدم الزج فورا بالوافدين الجدد بشكل أساسي في الفريق على حساب بعض النجوم الذين لفتوا الأنظار في الموسم الماضي ما قد يؤثر على معنوياتهم ويخلق بعض المشاكل في الفريق وفي دكة الإحتياط. بالطبع، لن يكون من السهل إدخال أكثر من تسعة لاعبين في جو الفريق بشكل سريع للغاية، ما يعني بأن بداية الميلان في الدوري قد تكون بطيئة نوعا ما من أجل أن يتكون الشكل الفني النهائي للفريق لكن على الفريق شيئا فشيئا أن يزداد التجانس بين صفوفه من أجل فرض نفسه منافسا بارزا على البطولات التي سيخوضها الموسم المقبل.

قد يحتاج أي نجاح كروي إلى أربعة عناصر: أموال وفيرة، تخطيط إداري، لاعبون مميزون ومدير فني ذو فكر تكتيكي جيد. العناصر هذه قد توفرت في الميلان ما يعني أن أية مبررات لن تكون مقبولة لجماهير الفريق التي تعتبر بأنه وبعد موجة الإنتقالات الجيدة التي اجتاحت الفريق، فإن العودة بميلان لمكانه الطبيعي في كرة القدم الإيطالية والأوروبية يجب أن يحصل هذا الموسم ومن دون أي تأخير.

" أحمد علاء الدين "