حقق المنتخب الإنكليزي للشباب لقب ​كأس العالم لكرة القدم​ للمرة الأولى في تاريخه بعدما تغلب على نظيره الفنزويلي 1-0 في المباراة النهائية التي جمعتهما يوم أمس في مدينة سيون بكوريا الجنوبية في إنجاز جيد لرجال المدرب بول سيمبسون.

المنتخب الإنكليزي بدأ المباراة بشكل سريع حيث اعتمد على سرعة التمرير والوصول للأمام مع تحركات لسولانكي وكالفين ليويرت في عمق ملعب الخصم أزعجت كثيرا دفاعات منتخب فنزويلا لكن المنتخب الفنزويلي دخل لجو المباراة بعد حوالي عشر دقائق من البداية ليصبح اللعب هادئا ومحصور في وسط الملعب مع سعي كل منتخب لإبقاء الخصم بعيدا عن منطقة جزاءه. اللافت في المنتخب الإنكليزي كان سرعة التحول من الدفاع إلى الهجوم حيث كان يتصدى لهجمات فنزويلا ثم ببضع تمريرات قليلة يستطيع الوصول للثلث الأخير من مرمى الخصم. ما ساعده في ذلك كان قدرة لاعبيه على تجاوز الضغط العالي الذي مارسه الفنزويليون والذي أعطى المنتخب الإنكليزي الكثير من المساحات في الخلف مع تحركات جيدة من مهاجمي إنكلترا وتحديدا لوكمان في طرفي الملعب وهو عرف كيف يخترق دفاعات فنزويلا ليترجم المنتخب الإنكليزي أفضليته في اللعب وقدرته على السيطرة على وسط الملعب بهدف التقدم عند الدقيقة 31 عبر كالفن ليوين لتصبح النتيجة 1-0 لإنكلترا. بعد الهدف تراجع المنتخب الإنكليزي إلى الخلف للدفاع عن التقدم ما سمح لفنزويلا بالإمساك بالكرة محاولة تهديد مرمى إنكلترا عبر تحركات في الأطراف لأجنحة الفريق أو للعب كرات في عمق دفاعات إنكلترا واعتماد مبدأ التسديد البعيد في كثير من الأحيان لكن التسرع في التمرير وإنهاء الهجمات عاب أداء الفنزويليين لتنجح إنكلترا في تمرير باقي الدقائق وإنهاء الشوط الأول متقدمة بهدف نظيف.

الشوط الثاني استمر بإيقاع سريع مع تبادل المنتخبين للهجمات والفرص في ظل وجود بعض الفراغات في الخلف في دفاعات إنكلترا مع تبديل أجراه مدرب فنزويلا في الأمام بإخراج شاكون وإدخال سوتيلدو الذي نشط كثيرا العمليات الهجومية. إنكلترا تراجعت للخلف بعض الشيئ مع محاولة إغلاق المنافذ أمام الخصم ومنعه من إختراق الدفاعات ومن ثم الإعتماد على الهجمات المرتدة السريعة. المنتخب الإنكليزي استمر بالظهور بشكل جيد إنما أيضا عابه التسرع في إنهاء الهجمات حيث اختار التسديد البعيد بدل الإختراق أكثر للأمام في ظل مساحات بدأت تظهر عند المنتخب الفنزويلي نتيجة اندفاعه للأمام. فرصة ذهبية سنحت لفنزويلا عند الدقيقة 70 عبر ركلة جزاء لكن حارس إنكلترا وودمان صدها ببراعة. المنتخب الإنكليزي تراجع للخلف بشكل واضح من أجل الحفاظ على تقدمه حيث تمركز في الخلف مع تقارب في الخطوط الثلاثة ما جعل فرص فنزويلا قليلة في ظل عجز عن الإختراق مع اتكفاء بلعب كرات عرضية لداخل منطقة جزاء إنكلترا. المنتخب الفنزويلي حاول التقدم أكثر بخطوطه إلى الأمام مع سيطرة كاملة على خط وسط الملعب ومساندة من الأظهرة للأطراف لكن الوصول لمرمى الحارس وودمان كان أمرا صعبا. الدقائق الأخيرة شهدت ذكاء في اللعب من المنتخب الإنكليزي الذي تقدم للأمام ولعب الهجمات المرتدة، الهدف منها لم يكن تسجيل هدف ثان بقدر ما كان تبطيئ اللعب وإبعاد الخطورة عن منطقته الدفاعية واستهلال الوقت القليل المتبقي. الفنزويليون حاولوا لعب كرات طويلة إلى الأمام في الدقائق الأخيرة لكن حسن انتشار الدفاع الإنكليزي وتعامله الجيد مع كافة الكرات العرضية أنهى المباراة بفوز إنكليزي حصد من خلاله اللقب العالمي لفئة الشباب.

إذا وبعد فترة طويلة من الجفاء مع الألقاب، سطع نجم المنتخب الإنكليزي الشاب حيث لفت الأنظار واستبشر خيرا به الكثيرون على أن يكون نواة للمنتخب الإنكليزي الأول، ويساعد الكرة الإنكليزية على العودة إلى منصات التتويج. وإذا ما بدأنا بالصعيد الفردي، ضمّ المنتخب لاعبين صغارا في السن وموهوبين في مراكز عدة، أولها الحارس وودمان والذي تصدى لكثير من الكرات أثبتت أن مستقبلا باهرا بانتظاره في مركز تحتاجه كثيرا الكرة الإنكليزية. كما كان خط وسط الفريق وأظهرته إضافة للاعبي خطه الهجومي متألقين مع سرعة ومهارة فردية إضافة لقدرة على اللعب تحت الضغط الدفاعي وهو إن دل على شيئ، يدل على الخامة الجيدة لهؤلاء اللاعبين. أما جماعيا، فإن لمسات المدير الفني سيمبسون بدت واضحة، في تركيب منتخب يقوم على تقارب الخطوط والسرعة في الأداؤ وما ساعده في ذلك نضج اللاعبين التكتيكي وقدرتهم على تنفيذ التعليمات واللعب كما يريد المدرب، أمر ليس بسهل على لاعبين شبان يجبذون الإندفاع البدني واللعب المهاري في هذا العمر على أساس الإنضباط الخططي، لكن لاعبي إنكلترا كانوا غير ذلك وهي نقطة إيجابية أخرى تحسب لهم.

ويبقى السؤال الأهم، كيف يمكن الإستفادة من هذا الجيل الإنكليزي الناشيء ؟ إذا ما نظرنا للاعبي المنتخب، نراهم يلعبون في الفرق الإنكليزية الكبيرة كليفربول، توتنهام، إيفرتون، نيوكاسل يونايتد وفرق أخرى لها وزنها على الساحة الإنكليزية وعلى الرغم من اللعب لفريق الرديف حاليا، لكن هذا سيسمح بالطبع بتطور مستواهم ولفت نظر مدربي الفريق الأول لترفيعهم أو إعطائهم فرصة للتطور عبر إعارتهم ومنحهم دقائق لعب كافية في مستويات أعلى ما يعني المزيد من التطور وتحسين المستوى الشخصي. هذا سيكون مفيدا للغاية للمنتخب الإنكليزي في المستقبل القريب، حيث نعلم جميعا مدى معاناة إنكلترا مع منتخيها الأول طوال الفترة الماضية، ما يعني أن الكرة الإنكليزية ستكون من جديد على موعد مع أسماء شابة رنانة، تستطيع أن تغير كثيرا أن تم الإهتمام بها بشكل جيد والعمل على تطويرها كما يجب لعلنا نرى من جديد المنتخب الإنكليزي على منصات التتويج، ليس مع الفرق الشابة بل مع الفريق الأول وهو أمر ما زال عشاق كرة القدم الإنكليزية ينتظرونه بفارغ الصبر.

أحمد علاء الدين