يتميز لبنان بالثلج الذي دائما ما يغطي قمم جباله في فصل الشتاء وأوائل فصل الربيع ومن تلك القمم برزت رياضة التزلج كإحدى الرياضات الفريدة التي ميزت لبنان في محيطه العربي، رياضة قد يمارسها الكثيرون كهواية لكنها لعبة رسمية ولها اتحاد خاص منضو تحت لواء الإتحاد الدولي للعبة كما أن هناك العديد من الأندية والتي تضم مئات اللاعبين واللاعبات الذين يمارسون هذه الرياضة بشكل محترف.

فريدي كيروز

تأسس إتحاد التزلج عام 1961 ويرأسه حاليا شربل سلامة. وللإطلاع أكثر على جو اللعبة وواقعها الحالي ومعرفة مكان لبنان على خريطة التزلج العالمية، كان لا بد من لقاء أحد الأشخاص الفاعلين بقوة في رياضة التزلج اللبنانية، أمين عام اتحاد التزلج فريدي كيروز الذي تحدثنا معه.


اشار كيروز الى انه ينضوي تحت لواء إتحاد التزلج واحد وثلاثون ناديا إضافة إلى نادي الجيش اللبناني الذي لديه مدرسة للتزلج في الأرز ويشارك في البطولات المحلية والخارجية. يضم كل نادي حوالي ثلاثمائة لاعب يختار منهم أفضل أربعة أو ستة لاعبين للمشارة باسم النادي في البطولات الرسمية المحلية وفي فئة الأولاد لدينا حوالي مئتي لاعب إضافة إلى حوالي مئتين وخمسين لاعبا في فئة الصيصان ( تحت العشر سنوات ).


وردا على سؤال عن واقع رياضة التزلج في لبنان أجاب: هي رياضة موسمية تمتد لثلاثة شهور فقط. السنة هذه الموسم تأخر، إذ كان من المفترض أن يبدأ الموسم في شهر كانون الأول لكن تأخر إلى كانون الثاني بسسب الطقس ونحن اليوم نشهد هواء ساخنا وهذا ينهي الموسم باكرا في أول شهر آذار، وللأسف إن لم يكن الشتاء قاسيا ويشهد ثلوجا كثيفة فموسم رياضة التزلج يتضرر كثيرا.


اسيويا، يعتبر كيروز أننا نتمتع بمستوى جيد ونحن سننظم بطولة أسيا للأولاد في آذار على تلال كفرذبيان وستشارك بها ستة عشر دولة أسيوية وسنحاول حصد أكبر عدد من الميداليات كما سيستضيف لبنان السنة المقبلة بطولة آسيا للكبار في حدث مهم سيترك انعكاسات إيجابية على اللعبة ويعكس الثقة الكبيرة التي يضعها الإتحادين الدولي والأسيوي بنا.


بحسب كيروز فإن لبنان يمتلك طاقات شابة تعتبر من أهم خمسين موهبة عالميا والنتائج التي حققها جيفري رحمة وسونيا جورج في أولمبياد ليلهامر الشتوي للشباب مؤخرا، هو أكبر دليل إذ استطعنا الحلول في أول ثلاثين مركز من أصل ستين مشاركا وهذا أمر إيجابي للغاية حيث أننا دائما ما ننافس لاعبين تخوض موسما من عشرة أشهر بينام نحن موسمنا كا قلت من ثلاثة أشهر وليس يوميا إذ أن اللاعبين لديهم مدارس وجامعات وبالتالي فقط تكون النشاطات في عطلة نهاية الأسبوع.


يرى كيروز ان إتحاد التزلج برئاسة رئيسه شربل سلامه وفريق العمل كله وضع خطة منذ ثلاثة سنين عند تسلمهم الإتحاد لرفع مستوى اللعبة في لبنان والتزلج ليس فقط رياضة التعرج التي تقام على الثلج بل لديه أيضا لعبة " سنو بورد " وتزلج العمق وبالتالي الهدف كان تطوير كل هذه الفئات وبالفعل السنة الماضية شاركنا لأول مرة في بطولة العالم لتزلج العمق وكسبنا نقاط مهمة في تصنيفنا كإتحاد. ولدينا ايضا فريق وإن كان صغيرا في لعبة " سنو بورد " ونحن نعمل على تطوير الفريق حاليا. كذلك هناك لعبة التزلج على العشب حيث لدينا مضمار خاص في فقرا وهي لعبة تلعب في الصيف واستطعنا تكوين منتخب باللعبة يشارك في بطولات دولية.


كما استقدم الإتحاد مدربا صربيا لمدة ثلاثة شهور في السنة كي يطور اللاعبين خصوصا على فئة الصغار والأولاد الصاعدين. ونحن نعد مجموعة من اللاعبين كي نشارك في أولمبياد كوريا 2018.

ميزانية إتحاد التزلج بحسب كيروز تؤمن من عدة مصادر، بداية من الإتحاد الدولي للتزلج الذي يقدم مساعدة وهي تزداد كلما نظمنا بطولات عديدة وحققنا نتائج أفضل ومشاركات خارجية أكثر وكل ما طورنا اللعبة كلما زادت المساعدة وهو أمر نعمل عليه. المصدر الثاني هو وزارة الشباب والرياضة وهي تساعدنا قدر إمكانياتها إضافة إلى بعض الرعاة خصوصا عبر رئيس الإتحاد شربل سلامة الذي يعتبر الداعم الأول للعبة إضافة أيضا إلى مساعدات من أصحاب محطات التزلج وهي: الأرز، اللقلوق، الزعرور، المزار كفرذبيان وفقرا كفرذبيان.


كيروز اعتبر أن كل السباقات التي ينظمها الإتحاد اللبناني للتزلج هي حسب مواصفات عالمية وإضافة إلى أن هناك مشرف دولي على كل السباقات مع مشاركة لاعبين أجانب. المشكلة الوحيدة التي نواجهها في هذا الإطار هي نوعية الثلج فثلجنا غير ثلج أوروبا لذلك نحن أحيانا نرش عليه ملح كي يصبح أقسى وطبعا هذا يجعلنا أحيانا غير متعودين على الثلج الأوروبي في المنافسات الخارجية ويؤثر طبعا على مستوى متزلجينا.


مشكلة التزلج الأساسية في لبنان بنظر كيروز هي النظام المدرسي حيث لا يتمتع الأولاد بفرصة للثلج إلا في مدارس محدودة ولو أن كل المدارس تشجع الأولاد وتعطيهم الفرصة للتزلج لكان الشغل على موضوع الأولاد والمواهب الصغيرة أهم بكثير، عندها أنا على ثقة أنه سيكون عندنا أبطال عالميين لأن المواهب لا تنقصنا أبدا.


يبدي كيروز رضاه عن التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام المكتوبة لتغطيتها نشاطات الإتحاد وسباقاته إضافة إلى تلفزيون المستقبل الذي ينقل لقطات حية من بعض سباقاتنا وهذا أمر جدا إيجابي داعيا الجمهور إلى متابعة هذه الرياضة وتشجيع الأولاد على ممارسة هذه الرياضة الجميلة.

يوسف خليل


منطقة فاريا هي إحدى أهم المناطق للتزلج حيث تتميز بطقسها البارد وبثلوجها الكثيفة. ومن النوادي الفاعلة في رياضة التزلج في المنطقة يبرز نادي الشباب فاريا الذي التقينا رئيسه يوسف خليل. تأسس النادي عام 1963 من مجموعة من أهالي فاريا وهو مرخص في لعبتين وينتسب تحت لواء إتحادهما وهما: لعبة كرة السلة ولعبة التزلج ولدى الفريق تاريخ حافل في كلا اللعبتين، أبرز لاعبي النادي هم بطل لبنان للسنة الماضية جورج سلامة، جميل مهنا وعبود خليل.


لدى النادي حاليا مجموعة من الأولاد المميزين في اللعبة بواقع ستة في فئة الناشئين وخمسة في فئة الصيصان والذي يعقد عليهم الأمل للبروز في الفترة القادمة ونحن نختارهم من خلال المخيم الصيفي الذي نقيمه سنويا في لعبة كرة السلة فنرى من من لاعبي كرة السلة الأولاد لديهم حب التزلج ومهارة في هذا الموضوع فندعمه ورغم الإمكانيات المادية المتواضعة، إلا أن اللجنة الإدارية للنادي تحاول قدر المستطاع مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم.

وعن مدى تقييمه لعمل الإتحاد اللبناني للتزلج يقول خليل أن شهادته مجروحة في الإتحاد، فمنذ استلام اللجنة الإدارية الحالية عام 2012، تقوم بكل ما باستطاعتها للنهوض باللعبة. فالإتحاد إضافة إلى السباقات يقوم بدورات للمدربين بإشراف الإتحاد الدولي كذلك استقدم مدرب سويسري لتأهيل اللاعبين المميزين على أن يصبحوا مدربين للناشئين وكيف يمقلوا خبراتهم إلى الصغار لذلك أنا راضي كليا عن عمل الإتحاد بكافة أعضاءه.


ويعتبر أن رياضة التزلج رغم ما تعيشه حاليا من ازدهار جزئي إلا أنها تعاني من مشاكل عديدة تعوق تطورها ونموها. أهم هذه المشاكل هي العوامل البيئية من مناخ وحرارة عالية تذوب الثلوج باكرا إضافة إلى عدم تساقط الكمية اللازمة من الثلوج في آخر سنتين.

الأمر الثاني هو الشق المادي، فالدولة تساعد قدر المستطاع عبر الوزارة لكن القطاع الخاص ومؤسساته غائبة كليا فمثلا نحن كنادي نقدم عدة طلبات إلى مصارف كي ترعى أنشطتنا لكننا نصطدم بكثير من العقبات ولولا همة وزير الشباب والرياضة والمدير العام للوزارة لكان الكل غائبا.

الداعم الأكبر لهذه الرياضة حاليا هو رئيس الإتحاد شربل سلامة، والذي لديه شركة " سبورت إكسبل " حيث تدعم هذه الشركة مشاريع الأولاد الصغار المتزلجين وتؤمن لهم كل عدة التزلج والتي تعتبر في الأصل مكلفة شيئا ما. ويرى خليل أن أي لاعب مميز إذا أراد أن يتمرن بشكل متواصل تؤمن له محطات التزلج سعرا خاصا لكننا نحتاج إلى دعم أكثر وأسعار أفضل داعيا البلديات إلى دور فاعل أكثر في هذا الموضوع فاللاعب في النهاية يمثل منطقته أولا.


ودعا المسؤولين عن الرياضة في لبنان إلى دعم هذه الرياضة فبمبلغ مالي متوسك نستطيع استغلاله لرفع اسم لبنان عاليا ونكون قد شجعنا الأولاد على ممارسة هذه الرياضة الفريدة في لبنان والتي تميزه عن محيطه العربي فهو البلد الذي لديه جبال وثلوج في محيط يكثر فيه الطقس الحار والصحاري الخالية. كما وعد لاعبي فريقه باستمرار دعم النادي لهم وتأمين كافة احتياجاتهم ومساحة زمنية أكبر للتدرب من أجل الوصول إلى أهدافهم في هذه الرياضة كاملة .


وفي الختام أشار خليل إلى أن ما يميز رياضة التزلج وما جعلها تتقدم للامام مؤخرا أنها استطاعت جمع منطقتين هامتين في التزلج كانتا دائما بوجه بعضهما وهي منطقة جبل لبنان ومنطقة الشمال وهنا لا بد من توجيه شكر كبير إلى رجلين لعبا دورا إيجابيا كبيرا هما الرئيس السابق للإتحاد كميل رزق والسيد جان كيروز، هذا الجمع بين المنطقتين أثمر جهودا إيجابية انعكست على رياضة التزلج خصوصا من الناحية الإدارية.

سيلين كيروز


تضم لعبة التزلج العديد من المتزلجين الموهوبين والذين يحاولون رغم الإمكانيات المتاحة المتواضعة تحقيق أفضل النتائج محليا وخارجيا.. من هؤلاء تبرز سيلين كيروز، التي تبلغ من العمر عشرين عاما وتدرس الهندسة المدنية في جامعة بيروت الأميركية. شاركت سيلين أربع مرات في بطولة العالم في النمسا، الولايات المتحدة وسلوفاكيا ومرة في أولمبياد الناشئين، كما تتحضر حاليا لخوض بطولة العالم في سوتشي بروسيا في الأسبوع الأول من آذارإضافة إلى بطولة لبنان في أواخر آذار.


بدأت سيلين بممارسة التزلج في عمر الأربع سنوات لكنها بدأت تتمرن كلاعبة في هذه الرياضة بعمر 12 سنة وهي بدأت مع المدرب سيزار كيروز وحلت ثانية في أول سباق لها ما حمسها فكثفت تمريناتها لتستطيع أن تكون بطلة لبنان لعدة مرات وفي الموسم الفائت استطاعت إحراز لقب البطولة بعدما حصدت أكبر عدد من النقاط في السباقات على مدار الموسم.

ترى كيروز أن جو هذه الرياضة جميل جدا إن من ناحية السباقات أو المنافسة التي تدور بين المتزلجين حيث نشأ جو من الصداقة خصوصا عندما نسافر ونتمرن سوياـ هذا جو إيجابي ورائع لأناس في عمرنا.
وتضيف: ان المنافسة على المراكز الاولى في المشاركات الخارجية صعب نوعا ما لأننا نتمرن فقط لثلاثة أشهر وهي مدة فصل الشتاء في لبنان بينما في الخارج التمرين متواصل مع سفر ومعسكرات وإلى ما هنالك كما أننا في لبنان خلال تلك الثلاثة أشهر نتمرن فقط في عطلة نهاية الأسبوع بسبب التزاماتنا الدراسية في الجامعات والمدارس، وهذا بالطبع يؤثر جدا على مستوى أداءنا. لكننا ورغم هذه الظروف نحن استطعنا وبدعم متواصل من الإتحاد اللبناني للتزلج بتحقيق نتائج إيجابية.


رياضة التزلج بحسب كيروز هي رياضة ممتعة داعية إلى ممارسة أكبر لهذه الرياضة مع تعاون أكبر من قبل المدارس والجامعات لمراعاة ظروف اللاعب المتزلج والسماح له بالتمرن وسط الأسبوع بشكل لا يتعارض مع مواعيد الدراسة فكلما كبر عدد المتزلجين كلما ازدادت المنافسة وتطور المستوى أكثر منوهة بجهود الإتحاد الكبيرة التي يبذلها عبر جلب رعاة ومشتركين من الخارج للمشاركة في السباقات وهذا أمر مفيد جدا لنا أن نحتك بلاعبين أجانب ونكتسب من خبراتهم الكبيرة.


سيلين شكرت أهلها لدعمها طوال مسيرتها كما شكرت نادي الأرز الرياضي الذي تلعب في صفوفه غذافة إلى رئيس الإتحاد اللبناني للتزلج شربل سلامة الذي يعتبر راعيها ويؤمن لها كل شيئ تحتاجه داعية المسؤولين لزيادة دعم رياضة التزلج ما سيزيد من شعبيتها وسيحسن المستوى العام للعبة.


وختمت حديثها بتوجيه التحية لزملائها المتزلجين واصفة ما يقومون به من نتائج قياسا على تمارينهم والتنسيق بين دراستهم والرياضة بأنه ممتاز جدا داعية إياهم إلى متابعة هذا الطريق لأنه طريق رائع ومليئ بالفرح.

تبدو رياضة التزلج في لبنان سائرة على الطريق الصحيح رغم كل العثرات التي تعترض طريقها فمع الإجماع على دور الإتحاد الإيجابي في اللعبة وسعيه الدائم إلى تطويرها، ينتظر أن تلتفت الدولة أكثر إلى هذه اللعبة كي تتوحد الجهود من أجل تحسين المستوى العام للعبة وتحقيق نتائج أفضل للبنان على الصعيد الخارجي خصوصا في ظل المواهب المميزة التي تزخر بها هذه الرياضة.

احمد علاء الدين