تتعدد الأساليب والخطط التكتيكية في عالم كرة القدم حيث تبرز مدارس عديدة في هذا المجال وخطط كثيرة لأساليب لعب مختلفة. والمتابع لكرة القدم يجد أن لكل مدرسة تكتيكية مدربون يتبنون هذا ويحاولون تطبيقه.

قلائل منهم من يحاول تطويره وابتكار أشياء جديدة عليه. ومن إحدى المدارس التكتيكية التي ما زالت تتطور حتى ومنا هذا هي ​مدرسة الكرة الشاملة​ أو الإستحواذ حيث يبرز في كل فترة زمنية مدرب يحاول تطوير هذا الفكر وتجديده بما يتناسب مع تطور اللعبة والأساليب التكتيكية الأخرى فيها.

وقبل أن نستعرض أهم المدربين الذين تركوا بصمتهم في مدرسة الكرة الشاملة، لا بد أن نعرف أسلوب هذه المدرسة التكتيكية وأهم مبادئها. تقوم مدرسة الكرة الشاملة ( أو المدرسة الهولندية ) على أن أي لاعب في الملعب باستثناء حارس المرمى يستطيع اللعب في مركز أي لاعب آخر، كما تعتمد على دفاع المنطقة والضغط المتواصل على الخصم مع التكامل بين الخطوط الثلاثة فالكل يهاجم ويدافع في آن واحد.
الخطة المفضلة لهذه المدرسة هي خطة 4-3-3 والتي ابتكرها الأسطورة الهولندية ​يوهان كرويف​ أحد أبرز مطوري هذا الفكر. ومع برشلونة في أول التسعينات طور كرويف أسلوب المدرسة الشاملة فاستعمل أسلوبا جديدا في تناقل الكرة يعتمد تمريرات قصيرة وسريعة مع تأمين الإستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة، أسلوب التنقل السريع هذا عرف بالتيكي تاكا وأدخلها كرويف على مدرسة برشلونة " اللاماسيا " لتعليم النشئ الكاتالوني عليها وضمان استمراريتها.

بعد يوهان كرويف، كان الهولندي ​لويس فان غال​ هو صاحب البصمة التالية في المدرسة الشاملة، بصمة حاول بها التغيير في الشكل التكتيكي لمدرسة الكرة الشاملة ونجح في السيطرة على أوروبا مع أياكس أمستردام الهولندي حيث حقق إنجازات عديدة أمام أعرق الفرق الأوروبية. فان غال لعب آنذاك بطريقة 3-3-1-3 وحاول تطوير فكر الإستحواذ فالمبدأ عنده كان كيفية تحريك الخصم قبل تحريك الكرة وإجبار المنافس على اللعب كما تريد أنت مع إضفاء عنصر المفاجأة على الأداء الهجومي. ومع تمركز ثلاثي دفاعي في الخلف، ولاعب إرتكاز أمامهم، مع ثنائي على الأطراف وصانع ألعاب خلف الثلاثي الهجومي الصريح. الأهم في هذه الخطة هو لاعب الإرتكاز الذي يجب أن يجمع بين الإستحواذ والتحول الهجوم السريع مع ارتداد دفاعي فوري.

مارسيلو بييلسا​، المدرب الأرجنتيني المجنون كما يلقب، كانت له أيضا بصمة واضحة في مدرسة الكرة الشاملة فهو صاحب الخطط الهجومية المجنونة. يعتبر بييلسا أن التدريب هو فلسفة خاصة، يعشق الإحصائيات ومشاهدة شرائط الفيديو كما أن المباراة ليست عبارة عن 22 لاعبا يتواجهون فيما بينهم بل الأهم هو الفكرة التي تلعب بها فالمباراة هي ساحة لتبادل الأفكار، فكره هو الهجوم والهجوم ولا شيء غيره وصاحب المقولة الشهيرة: " إذا لم تسجل أهدافاً، لا تنظر إلى الأمام، ولكن الى خط دفاعك، لأنك لم تستطع بناء الهجمة بشكل سليم".

خطة بييلسا المفضلة هي 3-4-3 وهو صاحب اختراع تحولها إلى 3-3-1-3 أثناء سير اللقاء. يقوم فكر بييلسا على الإستحواذ على الكرة في وسط الملعب ومن ثم استغلال السرعة في الجزء الهجومي الأخير مع أفكار هجومية واضحة تقوم على التمريرات الطولية بطول الملعب وهو يحبذ لعب الكرات الهوائية أكثر من الأرضية لذلك دائما ما كان تدريبه يشمل تمارين خاصة للقفز. يلجأ بييلسا لتطبيق الضغط في جميع أنحاء الملعب من أجل استرجاعها بسرعة وفي منطقة الخصم، ودائما ما يكون فريق بييلسا على أعلى مستوى بدنيا. أبرز ما قدمه بييلسا كان اللعب نظريا ب4-2-1-3 مع تحولها عمليا ل3-3-1-3 حيث يبقى قلبي الدفاع وظهير في الخلف، مع تقدم الظهير الآخر لخط الوسط، اسلوب طبقه بييلسا كثيرا مع تركيز على طلب المهاجمين الثلاثة للكرة في العمق بينما يقوم لاعبان من خط الوسط بالتحرك نحو الأطراف لفتح الملعب.

بيب غوارديولا المدرب الحالي لبايرن ميونيخ الألماني مزج بين فكر كرويف، فان غال وبييلسا وهو تتلمذ على أيدي المدربين الثلاث. يوصف غوارديولا بأنه مدير فني يعشق كرويف، يتعلم من فان غال ومعجب جدا ببييلسا
استطاع غوارديولا المزج بين أسلوب الكرة الشاملة والتيكي تاكا والاستحواذ مع الدفاع العالي الذي استمده من ساكي وكابيلو بطريقة ناجحة جداً وعبر مزجه بين للأساليب الثورية اخترع جوارديولا أسلوباً ثورياً آخر مما جعله يستحق لقب الفيلسوف .اعتمد غوارديولا على اساليب هجومية بحتة امام جميع الفرق، اسلوب واحد لا يتغير وقد كون منظومة منضبطة تعمل تحت نظام واسلوب دقيق وشعاره أن افضل طريقة للدفاع الهجوم وهو طور في كرة القدم اشياء كثيرة جدا وابرزها اللعب بمهاجم وهمي كما أوصل نسبة الإستحواذ في كثير من الأحيان إلى 80 % ورغم تفضيله لخطة 4-3-3 و 3-4-3 لكنه فعليا كان يلعب في كثير من الأحيان بـ خطة كـ الـ 3-7-0 والـ 4-6-0. يعتقد غوارديولا أن اسلوب لعبك لا يجب أن يتغير بل على الخصم أن يجبر على تغيير أسلوبه والتراجع إلى الخلف خوفا منك. يبدأ الدفاع بحسب غوارديولا من أول مهاجم لدى الفريق بالضغط العالي على الخصم وعلى حامل الكرة مع افتكاك سريع للكرة ومن ثم الهجوم بتدوير الكرة لفتح المساحات وإيجاد الثغرات كما يتقدم خط الدفاع إلى منتصف الملعب . عقلية غوارديولا فيها الكثير من المجازفة لكنه استطاع تحقيق نجاح باهر بها ودخل تاريخ كرة القدم التكتيكي من أوسع أبوابه.

أحمد علاء الدين