تعتبر رياضة الرغبي من الرياضات القائمة على اتصال جسدي مباشر حيث يحمل اللاعبون الكرة من إحدى جهتي الملعب إلى الجهة الأخرى ويضعونها على الأرض خلف خط الخصم لتسجيل هدف. ومما لا يعرفه كثير من الناس أنه عالميا هناك نوعان من الرغبي في العالم: "الرغبي يونيون " و " الرغبي ليغ ". وهما يختلفان من حيث القوانين وعدد اللاعبين لكنهما يشتركان في الركض ومهاجمة الخصم دائما.


لا تعتبر الرغبي من الرياضات الشعبية في لبنان ولا من رياضات الصف الأول، لكنها حتما من الرياضات التي تشهد نشاطا متناميا وتحقق نتائج إيجابية على الصعيد الخارجي كان آخرها التأهل إلى كأس العالم للعبة عام 2017 في الرغبي ليغ، كما أن لبنان بطل غرب آسيا لثلاث سنوات متتالية في الرغبي يونيون.


تأسس اتحاد الرغبي ليغ في لبنان عام 2009 وهو عضو دائم في الإتحادين الأوروبي والدولي وسينضم قريبا لاتحاد الشرق الاوسط وأفريقيا. غاية الاتحاد الاشراف على لعبة الرغبي ليغ وتنظيمها ونشرها في لبنان، والاشراف على أنشطة الجمعيات والمؤسسات التي تمارس اللعبة، والعمل على توثيق العلاقات بينها والانضمام الى الاتحادات القارية والعربية والدولية وتنظيم البطولات السنوية والدورات وايجاد علاقات ودية في اتحادات البلدان المنضمة اليها، والاشتراك في البطولات والمباريات والدورات الدولية والقارية والعربية. ولدى لبنان 4 منتخبات في الرغبي بدءا من عمر 16 سنة، وهو يشارك في بطولة الشرق الأوسط وأفريقيا، كأس البحر الأبيض المتوسط، تصفيات كأس العالم وكأس العالم.

نايف ابي سعد


عضو إتحاد اللبناني للرغبي ليغ، ومسؤول التطوير والتأهيل لمدربي اللعبة في الإتحاد نايف أبي سعد، هو مدرب في اللعبة منذ عام 2007 وعايش انطلاقتها في لبنان ويدرب حاليا منتخب لبنان تحت 18 عاما ومنتخب الجامعة الأميركية في بيروت.

اوضح أن دوري الرغبي في لبنان يتضمن خمسة فرق، كما أن هناك دوري للجامعات بحكم أن اللعبة انطلقت من الجامعات، وهذا الدوري ينقسم إلى درجتين: أولى وثانية. الدرجة الاولى تضم الجامعات المتمرسة في اللعبة وهي أربع، أما الثانية فتضم خمس جامعات وهي الجديدة في اللعبة حيث تتعلم اللعبة في الدرجة الادنى، ولا يوجد بعد نظام ترفيع وهبوط في كلتا الدرجتين حتى تصبح الفرق جميعها بمستوى جيد. يصف أبي سعد اللعبة بأنها جميلة جدا، فيها الكثير من الركض والسرعة والنشاط، كما تنمي روح الفريق بشكل مميز عن أي لعبة جماعية أخرى فيصبح أعضاء الفريق كعائلة واحدة ما يساهم في تعزيز المحبة بين الشباب دون أن ننسى تأثيرها الإيجابي على الإنضباط وروح المسؤولية وإبعادها للاعب عن أي شيئ سلبي مضر للصحة.

ورأى أن التأهل لكأس العالم في الرغبي الليغ لعام 2017 مؤخرا هو إنجاز كبير ومهم جدا لكنه للأسف لم يحظ بالاهتمام المطلوب خصوصا من الناححية الإعلامية. وكشف أن التحضير لهذه البطولة سيبدأ منذ الآن لأن الهدف ليس المشاركة فقط، بل المنافسة وتشريف لبنان والإحتكاك بفرق ذو مستوى عالمي، موضحا أنه يتوقع تحسن التغطية الإعلامية للعبة بعد هذا الإنجاز.

ويؤكد أن المنتخب سيتجهز بالطريقة المناسبة وسيحاول الإتحاد تأمين الرعاة، كما سيحاول تسويق مباريات الدوري لدى وسائل الإعلام مع محاولة رفع عدد الأندية الدوري من 5 إلى 10 في عام 2020، علما ان الإتحاد عرض في السابق على وسائل الإعلام المرئية بث مقتطفات من مباريات البطولة لكنه لم يلق التجاوب المطلوب، حيث لم تبد اي محطة حماساً لقبول هذا العرض.


وردا على سؤال حول ميزانية إتحاد الرغبي ليغ، قال أبي سعد أنها لا تتجاوز الـ 120 ألف دولار سنويا، وهي تكون من بعض الرعاة وبمجهود شخصي من بعض أعضاء الإتحاد كما من مساعدات الإتحادين الدولي والأوروبي. والوزارة لم تقدم حتى الآن مساعدة رغم أننا قدمنا أوراق المساعدة ونحن بانتظار الرد. وأوضح أن الامور المادية تؤثر على عمل الإتحاد الذي يملك الكثير من برامج تبادل الخبرات مع جهات خارجية لكن تكاليف السفر المرتفعة والإقامة تحول دون تنفيذ الكثير منها.


وأكد أن الإتحاد أعيدت هيكلته منذ ثلاث سنوات حيث تم تشكيل لجان تطويرية وأتينا بأشخاص اختصاصيين لتنظيم اللعبة، وسنقر خلال الأسابيع المقبلة خطة للعمل ستكون طويلة الامد وستترك بلا شك أثرا إيجابيا على اللعبة. ونواجه معضلة تتمثل بندرة الملاعب، فتقام البطولات على ملاعب الجامعات أو على ملعب فؤاد شهاب، لكن الإتحاد ودائما بحسب أبي سعد، يسعى لبناء ملعب خاص به في السنوات المقبلة.


وعن وضع المدربين، قال انه في لبنان حاليا حوالي 35 مدربا بفئة أ وب حسب مستواهم الفني، ومستوى المدربين جيد والإتحاد يقوم دائما بدورات من أجل تطوير المدربين وإطلاعهم على كافة التطورات الفنية ومعايير السلامة العامة للاعبين التي هي أهم عنصر في لعبة الرغبي. واللاعب في لبنان هاو لا يستفيد ماديا من لعبة الرغبي لكن حبه لها هو الذي يدفعه باتجاه ممارستها رغم كل الصعاب التي يواجهها.

والفرق الأساسي بين اللاعب اللبناني واللاعب الأجنبي، أن اللبناني يتعرف على اللعبة في عمر 14 سنة أما الاجنبي فهو يمارسها منذ عمر الخمس سنوات وهذا ما يخلق فارقا كبيرا. كما كشف أن الإتحاد على تواصل دائم مع اللاعبين المحترفين من أصل لبناني في أستراليا الذين يشكلون فريقا له اسم كبير هناك، ونقوم بتبادل للبرامج التعليمية واللاعبين فضلا عن تمثيل هؤلاء اللاعبين المحترفين لبلدهم الام في أي استحقاق خارجي مع المنتخب.


مايكل شماس


بعدها، كان الحديث مع مايكل شماس وهو ولد في لندن حيث ترعرع ودرس هناك وتعلم أيضا رياضة الرغبي. في عام ١٩٩٨ انتقل الى بيروت ونال شهادة في علوم الإنسان والعلاقات الإجتماعية. بدأ عام ١..٢ بدأ بممارسة رياضة الرغبي في لبنان وركز على الجانب الإداري والتطويري فيها قبل ان يسافر الى بوسطن عام ٢٠٠٨ وينال شهادات في الادارة الرياضية ويعمل مع الإتحاد الأميركي للعبة، لكنه عاد الى لبنان عام ٢.١٣ حيث تعاقد معه الاتحاد اللبناني للرغبي ليغ كي يطور الرغبي في لبنان ضمن خطط استراتيجة واضحة. البداية مع مايكل كانت استيضاحه عن رؤيته لواقع رياضة الرغبي في لبنان فأجاب: دوري الرغبي في لبنان هو دوري رائع، وهناك شيء طبيعي جدا حول هذه الرياضة، في حد ذاته، للشعب والثقافة اللبنانية. أقلها أنه يسمح للاعبين بالتعبير عن عواطفهم بطريقة بناءة ومنضبطة، وفي تجسيد الفلسفة والقيم الكامنة وراء العمل الجماعي والصداقة وعلاوة على ذلك، دوري الرغبي لا يجسد الواقع اللبناني الطائفي، وهذا ما ذكر في قانون الاتحاد اللبناني.

وعن السبل لتطوير هذه الرياضة، يرى انه من حيث العمليات المحلية، كان الجوهر دائما هو "الجماعية في العمل"، ومن خلال ذلك، العمل على رفع مستوى النخبة أي أندية الصف الأول وعلى المستوى التنموي والفئات العمرية من خلال التركيز على المدارس وإشراكها في دوري الرغبي الذي يفتح آفاقا واسعة في هذه الرياضة أكثر من أي وقت مضى.

يعتبر شماس أن تأهل لبنان إلى نهائيات كأس العالم 2017 للرغبي ليغ التي ستقام في نيوزيلاندا أستراليا وغينيا الجديدة، هو انجاز كبير وامر يجب على اللبنانيين في كافة أنحاء العالم الفخر به، وهو يشكل فرصة لكل اللبنانيين في كافة أنحاء العالم للتوحد تحت العلم اللبناني وسيشكل فرصة مميزة لتطوير الجيل القادم من اللاعبين المحليين الذين سيكون لديهم الفرصة في المشاركة بمثل هذا الحدث الرياضي العالمي.

وفيما يخص حماسة وسائل الإعلام لتغطية اللعبة، يجيب: ببساطة، الجواب لا. فلا يوجد ما يكفي من التغطية الإعلامية المحلية لهذه الرياضة ولا للنجاحات التي حققتها هذه الرياضة مؤخرا.

لكن المستقبل مشرق وأنا واثق جدا من استمرارية نجاحنا هذا، ونحن سنبدأ بوضع استراتيجيات لتسويق اللعبة في لبنان وتحويلها إلى ما يشبه المنتج وتسويقه بشكل جيد ما سيحسن طبعا مستوى التغطية الإعلامية وسيدر على اللعبة الكثير من المال.


وختم حديثه بالشكر لكل من قدم إضافة ودعما لهذه الرياضة. واضاف: نحن نعلم أن البلد يمر بأزمة اقتصادية تؤثر بلا أدنى شك على الرياضة والصناعة الرياضية مبديا ثقته بأن التأهل إلى كأس العالم سيعود بالنفع ليس فقط على رياضة الرغبي بل للرياضة اللبنانية بشكل عام.

منير فينان

يعتبر اللاعب العنصر الأول في أي رياضة فهو من يصنع الإنجازات وهو أكثر من يعيش أجواء اللعبة بحكم ممارسته لها. لذلك كان لا بد من الوقوف عند رأي اللاعبين، وتواصلنا مع اللاعب المميز " منير فينان " الذي بدأ اللعبة عام 2005 مع فريق الجامعة الأميركية في الرغبي ليغ و2012 في الرغبي يونيون ومثل منتخب لبنان في كل من الفئتين.


ويشير الى أن الرغبي لم تعد في حياته مجرد رياضة يمارسها بل هي أسلوب حياة، ويجب على أي لاعب يحب التميز في هذه اللعبة، أن يحبها بداية لأنها تأخذ الكثير من الوقت خصوصا في بلد هاو مثل لبنان، لانه إن لم تكن ذو مستوى جيد سوف تتعرض لخسارات كبيرة وهو ما يؤثر عليك كلاعب.

اللياقة، اللياقة ثم اللياقة، هذا ما يشدد عليه فينان، فاللاعب يجب أن يقضي العديد من الساعات في التدريب البدني والعضلي، كما تعلم الرغبي كيف تكون متواضعا وكيف تقدّر العمل الجماعي أكثر لان الأهم هو اللعب كفريق وإن لم تلعب كفريق، سيكون من السهل أن تخسر، وفي حال كان زميلك صغير الحجم يواجه رجلا ضخما سيأتي زملاؤه ليساعدوه في المواجهة، وهذا المعنى الحقيقي للعمل الجماعي.


ويرى فينان أن الدوريالمحلي تنافسي للغاية،على الرغم من أن نادي الخالدون لديه حاليا اليد العليا في العامين الماضيين حث سيطر على المسابقات المحلية لكن اللعبة تنمو مع أننا نواجه بعض المشاكل بسبب نقص التمويل.


فينان يعتقد أن التأهل إلى كأس العالم 2017 بدأت بالفعل تظهرآثاره. وهذا هو السبب الرئيسي في أنني أجري هذه المقابلة! الناس بدأوا يتحدثون عن اللعبة! كما بعض وسائل الإعلام وهذا ما سيعطي اللعبة دفعا بلا شك! هدفنا الرئيسي الآن هو جعل الدوري المحلي أقوى ما سيحسن حتما في مستوانا كلاعبين.


ويعتقد أن اللعبة ايضا بحاجة إلى مزيد من الرعاة، وبعدها يمكن أن تكون الفرق والمعدات والملاعب أفضل ايضاً. ملاعبنا تحتاج أن تكون مجهزة على نحو أفضل، وأرضية جيدة ومرافق جيدة. عندها ستبدأ التلفزيونات بنقل المباريات وستدور عجلة اللعبة شيئا فشيئا.

ودعا في ختام حديثه جميع المعنيين في هذه اللعبة إلى الإستمرار في العمل الجاد، مؤكدا انه سيواصل اللعب حتى يقول له جسده ان يتوقف وهذا هو الإصرار الذي تعلمنا إياه الرغبي.

لا ينقص لعبة الرغبي أي شيئ لإيصال لبنان إلى أعلى المراتب وهو ما فعلته بالتأهل إلى كأس العالم فهي تمتلك الموارد البشرية من لاعبين واتحاد وأندية يسعون لتطوير اللعبة ويجتهدون لمصلحتها، يبقى أن يتأمن الشق المادي والإستقرار الأمني كي يكون العمل والإستثمار في هذه الرياضة مبنيا على أسس متينة تؤسس لمستقبل يبدو مشرقا لهذه الرياضة.

احمد علاء الدين