تعتبر رياضة كرة القدم الأكثر شعبية على مستوى العالم وفي البلاد العربية وفي لبنان، كما تأتي في المرتبة الثانية كرة السلة، ثم الألعاب الأولمبية من حيت مستوى المتابعة والجماهير او حتى اللاعبين المسجلين في الإتحادات.


اليوم سنلقي الضوء على رياضة بدنية بإمتياز شهدت طفرة كبيرة في تسعينات القرن الماضي، ووصلت إلى لبنان وتميز بها بالرغم من تواضع الإمكانات البشرية قبل المادية، انها رياضة الرغبي. وقبل الغوص في تفاصيلها ومستواها وواقعها في لبنان، لا بأس ان نشرح عن هذه الرياضة التي ربما الكثيرين لا يعرف الكثيرون عنها.

الرغبي في لبنان

الرغبي هي رياضة جماعية منتشرة جدا في العالم خاصة فرنسا ودول الجزر البريطانية. نشأت في انكلترا في القرن التاسع عشر ثم انتشرت في باقي دول العالم.
انها رياضة تعتمد على الاتصال الجسدي بحيث يجب على الفريق الخصم غزو منطقة الفريق الثاني لتسجيل النقاط، وعلى الدفاع أن يمنعهم من غزو منطقتهم. يتألف فريق "الرغبي" من 15 لاعباً و7 لاعبين احتياط، وتمتد المباراة لـ80 دقيقة مقسمة على شوطين مدة كل منهما 40 دقيقة، يفوز فيها الفريق الذي يسجل اكبر عدد من النقاط.


يدير المباراة ثلاثة حكام (حكم رئيسي يعاونه اثنان من على خط الملعب) وينضم حكم رابع الى الحكام الثلاثة في المباريات الرسمية، وعلى عكمس كرة القدم حالياً، يمكن الاستعانة بجهاز الفيديو للعودة الى اي خطأ او اشكال قد يكون حصل.


حال هذه الرياضة في لبنان كحال معظم الرياضات. المواهب موجودة لكن الدعم غائب على الرغم من ان لبنان ينافس أفضل فرق العالم. وللتعمق بواقع الرغبي في بلدنا، كان لا بد لنا من الحديث مع الفاعلين في هذه الرياضة.

ريمون صافي: لدينا بطولات في الجامعات والمدارس ايضاً


توجهنا بداية الى ريمون صافي، المدير التنفيذي في دوري الرغبي الفدرالي اللبناني وايضأ المدير الإقليمي في الشرق الأوسط وأفريقيا لدوري الرغبي الفدرالي الاوروبي، حيث قال: ما زالت فرق الرغبي بمستوى المبتدئين اكثر منه من المتقدمبن. ان افضل الطرق لتطوير هذه الرياضة يكون من خلال تشجيع الشباب واعطاء هذه الفرق عمقا وهيكلية. واضاف: لدينا في لبنان 4 فرق وطنيةلمختلف الاعمار ابتداء من عمر 16 سنة.
اما البطولات التي يمكن المشاركة فيها فهي: بطولة الشرق الأوسط وأفريقيا ، كاس البحر الأبيض المتوسط، تصفيات كاس العالم، وكاس العالم. والمنافسة تكون على مستوى كاس العالم.


واستفاض ريمون صافي بالحديث عن واقعنا حين قال: في لبنان لدينا دوري رغبي للبطولة المحلية، الدرجة الاولى مؤلفة من 4 نوادي : طرابلس، الخالدون، جونية، الذئاب.
أيضاً هناك بطولة دوري الرغبي في الجامعات مؤلفة من قسمين : الدرجة الاولى مؤلفة من ثلاث جامعات، الدرجة الثانية مؤلفة من 4 جامعات.

ولكن الغريب كان في اعلانه وجود دوري للمدارس في لبنان وهو مؤلف من منطقتين : جبل لبنان ( 4 مدارس)، شمال لبنان (4 مدارس) لاعمار 14سنة، سنة 16 و 18سنة.
كما تتألف بطولة الرغبي الوطنية من اللاعبين الفائزين في بطولات المدارس والجامعات، ولاعبين يتم اختبارهم من مختلف المحافظات اللبنانية.

مما لا شك فيه أن الفرق قليلة في هذه الرياضة واللاعبين المسجلين في الإتحاد اللبناني كذلك، لكن الغريب في الأمر انه وبالرغم من الغياب الكلي للإعلام وعدم الإضاءة على اللعبة، هناك أشخاص يتفانون من اجل إعلاء شأن الرغبي ويعملون بصمت وبشغف في ظل الظروف الصعبة.

ميشال شماس​: ثلاث وسائل لتطوير فعالية الرغبي في لبنان


ولمتابعة اخبار وشؤون الرغبي في لبنان والمنتخب والفرق توجهنا الى ميشال شماس، الذي يساهم في تطور اللعبة في لبنان. وقد عرف عن نفسه بشكل مفصل قائلاً:
ان عملي في مجال الرياضة هو القيادة، التنمية والتطوير وتحديدا في دوري الرغبي. انا لبناني الاصل انما لدي جذور بريطانية والمانية ايضأ. تخرجت من الجامعة اللبنانية في بيروت- قسم العلوم الاجتماعية السلوكية، وايضأ درست علوم القيادة الرياضية في جامعة نورث ايسترن، كما تعلمت الإدارة الدولية في جامعة هارفرد.


اشغل حاليا ثلاثة مناصب أولية في دوري الرغبي اللبناني: أنا عضو في مجلس إتحاد الدوري الرغبي اللبناني LRLF، ومدير نادي الذئاب wloves في المتن . رئيس ومدير فني للمنتخب اللبناني وايضا مدرب دوري الرغبي اللبناني ومسؤول البطولة الوطنية في الجامعة الامركية في بيروت AUB .

خبرة شماس دفعتنا الى سؤاله عن كيفية تطوير هذه الرياضة، فأجاب: في رأيي المتواضع يوجد ثلاث وسائل أولية لتطوير فعالية هذه الرياضة: البدء باكرا في برامج القيادة التوجيهية لأن القليل فقط من يريد ممارسة هذه اللعبة ولكن عندما يتم تجربة الآداء يتعلق اللاعب بالرياضة وهنا يأتي دورنا من خلال التثقيف. ان اكتشاف الموهبة هو علم بحد ذاته، وتحديدا لان الرغبي تعتبر رباضة جديدة نسبيا في لبنان.


واردف قائلا: ان صقل الموهبة في هذه الرياضة هو من خلال عبور القدرات الرياضية التأديبية وهذا أمر جوهري. ان لاعبي كرة القدم مثلا لديهم المقدرة ليركلوا الكرة جيدا في دوري الرغبي، اما العداؤون في الملعب او الميدان وايضأ لاعبو كرة السلة الذين يملكون قوة كامنة وتناغما بين ايديهم وعيونهم غالبا ما يصبحون ابرز لاعبي الجناح او الوسط في دوري الرغبي. لذلك مهما كانت خلفية الرياضي، علينا تحديد موهبته و توجبهه على النحو الصحيح في دوري الرغبي.


اما عن الملاعب التي تتدرب عليها الفرق فقال: ان نادي الجامعة الاميركية في بيروت يتدرب في حرم الجامعة نفسها وتحديداً في ملعب greenfield الى جانب Charles holster Student Center اما فريق wolves فيتدرب على ملعب جامعة القديس يوسف .

وعن مستوى الفرق التي يديرها اجاب شماس: كل الفرق التي أديرها وأدربها ممتازة هذا العام، وانا سعيد جدا لانجازاتها الى حد الان. نحن متحمسون جدا لبدء بطولة دوري الرغبي اللبناني والـCRL لل 2015 وخاصة ان التصفيات باتت قريبة، اي في نيسان و ايار.


اما عن المستوى الفني العام للعبة، فكان له رأي واضح حين قال: مستوى أندية دوري الرغبي اللبناني عال جدا وتتمتع بالقدرات والمهارات ضمن إتحاد الرغبي اللبناني، وهذه شهادة استثنائية لكل ما انجز في العقد الماضي بالاضافة الى تطور هذه الرياضة. المستوى مرتفع وهناك رؤية واضحة من اجل تفعيل وتنمية الموارد البشرية والمالية وضخها في هذه اللعبة.


وعن الإتحاد اللبناني للعبة، قال: ان مجلس الأمناء يحتفظ بكرسي لمدير الفصول الدولية الذي يعقده ميشال حدوان وهو رئيس الإتحاد اللبناني للرغبي وهو ايضاً رئيس الدوري الاسترالي. ان السيد حدوان يلعب دورا حاسما لضمان المشاركة الاجنبية في تطوير هذه الرياضة في لبنان. ومن خلال جهوده سوف نصل الى مستويات عالية في هذه الرياضة.

روبن حشاش: حلم التأهل الى كأس العالم ليس بعيداً

من الإدارة الفنية والرؤية المستقبلية الى أرض الواقع مع أشخاص عايشوا اللعبة واحبوها وضحوا بالكثير من أجلها. وعلى الرغم من انها رياضة بدنية عنيفة نوعاً ما، وتتطلب تدريبا جسديا مرهقا وقدرة فائقة على التحمل، نراهم يتعلقون بها يوماً يعد يوم. لذلك كان لا بد ان نعرف شعور اللاعب الذي يمارس هذه الرياضة.

روبن حشاش احد هؤلاء اللاعبين المتعلقين بالرغبي، رغم ان مهنته لا تمت الى هذه الرياضة بصلة، فهو يعمل كصيدلي، الا انه، وعلى ارض الملعب، ينسى بطبيعة الحال عمله ويقدم كل ما يملك في سبيل فريقه.


يتعجب حشاش بدايةً عن سبب فضولنا للاضاءة على هذه الرياضة كون الإعلام يهمل هذه اللعبة اهمالا يكاد يكون كليا، ثم يبدأ حديثه بالقول: مركزي في الفريق هو مهاجم مقفل. هذا مركز حساس ويتطلب جهدا بدنيا كبيرا وسرعة فائقة. لكن للاسف اكبر مشكلة لدينا في هذا الصدد، ان اللاعبين يتعلمون هذه الرياضة، وعندما يبرعون فيها يسافرون الى بلد اخر ويمارسون اللعبة هناك.


يتابع روبن: لقد اغرمت بهذه الرياضة، في السابق كنت العب كرة السلة لكني كنت ارتكب الكثير من الاخطاء (Fouls)، لذلك هذه الرياضة او الرغبي تناسبني اكثر، وبالطبع انا اتمتع بممارستها وانا بارع فيها.
اما عن المواهب فيجيب: لدينا في لبنان مواهب كثيرة في ما يتعلق بهذه الرياضة، لكن القسم الاكبر يتعلمون الرغبي في سن متاخرة وبدون اي معرفة مسبقة عنها، وعلى الرغم من ذلك، يتعلمونها بسرعة ويتقنونها.


وقال: نحن كلاعبين حلمنا الدائم هو التأهل كي نلعب في كاس العالم، وطموحنا ان نلعب في البطولة العالمية المقبلة. لكن قلة التحضير شئ غير إيجابي وهذا ليس أمراً محببا. كما تعرفون كمعظم الرياضات الأخرى علينا ان نتمرن ونلعب مع الفريق نفسه سنة بعد سنة، لكن المشكلة انه في كل عام ينضم الينا لاعبون جددا، ونصبح فريقا جديدا كليا، وهذا ليس جيدا للمنتخب الوطني.


ويكمل روبن: افضل شيء حصل معي في هذه اللعبة عندما تم تعييني قائداً للفريق، وانا ارى مستقبل الرياضة في لبنان من خلال الرغبي، لأنها اصبحت تعتمد في المدارس، انما الناحية السلبية للامور هو انه ليس هنالك ثبات. لذلك بدأنا بأخذ لاعبين من عمر 17-18 سنة وليس لديهم معرفة اساسية عن هذه الرياضة لكن يتم العمل على تطويرهم.


اما عن المقارنة بين امكاناتنا وإمكانات الدول الأخرى، فيجيب: هناك فرق كبير. اللاعبون في الخارج يبدأون بممارسة هذه الرياضة منذ صغرهم اي عن عمر 4 سنوات انما هنا في لبنان يرون الكرة لاول مرة في عمر 18 سنة، لكن كما قلت سابقاً نحن نعمل من أجل ان يتم تعلم اصول هذه اللعبة منذ الصغر. انا خضت مرتين التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، لعبت ضد صربيا، ايطاليا، روسيا، ايرلندا، اسكتلندا، ويلز، ساموا. وفي المرتين اقتربنا جدا من التاهل. وليس لدي خطط لمغادرة لبنان.


والآن بعد كل ما قيل، نجد ان لبنان لديه العناصر الأساسية للنجاح في هذه الرياضة خاصة ان هذه اللعبة مفقودة في معظم البلدان العربية، وحلم التأهل إلى نهائيات كأس العالم ليس بعيدا وعزيمة الشباب والتخطيط السليم موجود.
قد نكون بحاجة ربما الى المساندة والمواكبة المالية وقليلا من اهتمام الإعلام وبالطبع مساعدة بسيطة من الدولة كي يتأمن عنصر النجاح، ولما لا نرى لبنان في كاس العالم ينافس اقوى المنتخبات؟