مقاتل شرس ومُخلص لناديه، ووفيّ للعبة يحبّها حتى الشغف، فيخوض كلّ مباراة بهذه الروح وهكذا يمارس دوره الريادي ككابتن لفريقه.

سيفاك كيتينجيان​ قائد فريق نادي ال​هومنتمن​ بطل لبنان لموسم ٢٠١٨، للمرة الأولى بتاريخه بعدما قاتل النادي للعودة الى الدرجة الأولى ونجح في تحقيق هذا الهدف سنة ٢٠١٣، واللقب سنة ٢٠١٨.

فهل يعود الآن الى الدرجة الثانية ام يبقى في درجة دوري الأضواء؟ الجواب برسم الرعاة والمرحلة تتطلب بحسب سيفاك راع او مموّل مجنون ومستعدٌ للاستثمار في احلام لاعبين رفعوا اسم لبنان مرات لا تحصى.

مصير النادي يشرح سيفاك يشبه مصير اندية اخرى ومؤسسات كثيرة في هذا البلد الذي ينازع شعبه وتنازع معه الرياضة. ادارة النادي، يتابع سيفاك، الحالية والسابقة غامرت فنجحت احيانا وفشلت احيانا اخرى الأمر الذي اغرق النادي في الديون، وبات تسديد هذه الديون امر شبه مستحيل بين الأزمة الاقتصاديّة التي تزداد تعقيدا وتفاقما وازمة كوفيد-١٩ التي تزرع القلق وتزيد الوضع سوءا.

احلام نادي الهومنتمن العريق كبيرة جدا ولكنّها معلّقة اليوم، بسبب ظروف استثنائية، يعاني منها الجميع. فبطل لبنان والنادي الذي تحسب حسابه الأندية التي تنافس على الألقاب، لن ينافس على البطولة في الموسم المقبل فهدفه انحصر بالمحافظة على وجوده واستمراريته، هذا ما قررته ادارة النادي التي تتشارك بعض الأفكار للمرحلة المقبلة.

ويشرح سيفاك انّ هذه الأيام "الصعبة" تتطلب مواقف صحيحة وصائبة وليس بالضرورة جريئة، الفريق سيتشكّل من لاعبين ناشئين ولكنهم يملكون الموهبة، الاحلام ستبقى كبيرة ولكنّ نتائج الموسم المقبل ستكون متواضعة، فلا منافسة على اللقب ولا كؤوس ولا ميداليات.

ويأمل سيفاك ان تنتهي الأزمات التي يعيشها الشعب اللبناني فتعود الرياضة وتحديدا كرة السلّة الى مجدها وانجازاتها، الّا انّ الأمر يتطلّب بين ٣ و٥ سنوات على الأقلّ وذلك بعد عودة الظروف في البلد الى وضعها الطبيعي.

١٥ تشرين الأول، هو التاريخ الذي وضعه الاتحاد اللبناني لكرة السلّة لانطلاق الدوري للموسم المقبل، ولكن دون الخوض في تفاصيل وشكل البطولة.

فالتحديات كثيرة وصعبة، ومنها فحوصات ال PCR، التي يجب ان يجريها اعضاء كل نادي من لاعبين واداريين وفنيين، حفاظا على سلامة اللاعبين وسلامة عائلاتهم.

فمن سيغطّي تكاليف هذه الفحوصات؟ او هل يُؤخذ القرار بتناسي موضوع فحوصات الكورونا؟ سيفاك يعتقد انّ اللاعب سيمتنع عن اللعب اذا كانت صحتّه مهددة، واذا كانت العقود غير منطقيّة.

لقد قدّم اللاعب اللبناني تضحيات كثيرة لأجل هذه اللعبة التي يحبّها ويؤمن بها. في الهومنتمن وفي اندية أخرى مَبالغ كثيرة لم تُدفع للاعبين كثر، واستمرت اللعبة والانجازات بفضل جهود كثيرين في مقدّمهم اللاعب اللبناني. وهذه الانجازات هي نتيجة وقت وتمارين مكثّفة وجهد كبير، فيجب ان تكون العروض منطقيّة، تليق بتضحيات اللاعبين. ويتابع سيفاك تعليقا على موضوع فيروس كورونا، انّ هذا الفيروس سبّب بعض القلق والخوف اقلّه في بداياته يوم كانت المعلومات حول طرق العدوى منه غير واضحة الى جانب خطورتها وما يسببه من الموت والآلام خصوصا على كبار السن واصحاب الأمراض المزمنة.

فمن لم يخف على نفسه خاف على كبار السن والمرضى في عائلته. وواجب كلّ مواطن ان يتعامل مع هذا الموضوع بمسؤوليّة وان يلتزم بشروط الوقاية المطلوبة من الجميع.

ولعبة كرة السلّة واي رياضة أخرى، تخضع للقوانين والشروط نفسها. فهل سيتمّ التعامل مع هذا الموضوع بجديّة ومسؤوليّة؟

اللعبة توقفت منذ اشهر والملاعب اقفلت ابوابها واللاعب حُجر في منزله ولا يعلم متى يعود الى حياته السابقة. وكابتن الهومنتمن، اللاعب المحترف سيفاك كيتينجيان استمر بممارسة التمارين بوتيرة عالية ولكن بطريقة مختلفة نظرا للظروف وبقي محافظا على لياقته البدنيّة وجهوزيته. علما انّ قائد فريق الهومنتمن يفضّل ان يركّز اكثر على التدريب والادارة وليس اللعب في المرحلة المقبلة.

وستبقى في باله ذكريات الحجر التي على رغم صعوبتها، لم تكن سلبيّة بمعظمها عليه. اهمّ ما فيها انّها اعطت الوقت الكافي للعائلة لتلتقي وتتشارك امورا بسيطة ويوميّة كانت شبه مستحيلة من قبل. بفضل كورونا، "خسرنا اشياء، وربحنا اشياء"! فقد أدخلت سيفاك مثلا الى المطبخ لتحضير اطباق للعائلة ولأول مرّة، وجعلته يرى تعب امّه وجهودها... انّها أشياء بسيطة ومتواضعة تجعل العلاقات مع الآخرين افضل واجمل.

فيروس كورونا سينتهي يوما ما، وستعود حياة الناس الى وتيرتها السابقة حيث "لا وقت لشيء.." كثيرون يصلّون ويأملون ان تبقى العادات الجميلة التي فرضتها مرحلة الحجر في حياة الناس بعدما يستعيدون حياتهم الماضية، وان يكون هذا الفيروس درسا ايجابيًا لكل انسان. بانتظار ان نرى سيفاك ورفاقه يتنافسون، وجمهور كرة السلّة يستمتع مشجعا فريقه المفضل، بعيدا عن التحزّب والسياسة والمحسوبيات التي سبّبت اضرارا كبيرة على اللعبة.