من الطبيعي ان يتعرض اي منتخب للنقد والانتقاد بعد خروجه من تصفيات ما او فشله في التأهل الى استحقاق عالمي، ومن الطبيعي ان تتغلب العاطفة لدى المشجعين على المنطق والموضوعية في التعاطي مع الحدث، بعد الاحلام الكبيرة التي عاشوها.
الحدث هو خروج لبنان من التصفيات الآسيوية لكرة الصالات المؤهلة الى المونديال. اما النقد والانتقاد، فلن يكون عاطفياً، بل موضوعياً لسببين اساسيين: الاول ان النقد الجارح لا يفيد ولا يطوّر، والثاني ان اللعبة لا تزال ترسم ملامحها ببطء في لبنان.
ولكن بين هذا وذاك، لا يمكننا الا التوقف عند حسرة عدم التأهل هذه المرة بالذات ولاسباب كثيرة:
- حظي المنتخب بجهاز فني اجنبي وبمدرب اسباني هو ​فرنشيسكو اروخو​ له خبرته في عالم كرة الصالات وهو بالتالي عليم باللعبة وخفاياها واسرارها، ومؤهل لقيادة لبنان الى المونديال.
- يتمتع المنتخب بلاعبين مميزين ابرزهم على الاطلاق الحارس ربيع الكاخي الذي يتمنى الكثيرون لو انه يحرس مرمى منتخب بلادهم، خالد تكه جي الذي استقطب انظار الجميع بمهاراته وفنياته وغيرهما.
- شاءت الصدف ان يسعفنا الحظ ويضعنا في مجموعة سهلة نوعاً ما وتضم اليابان، تايوان وطاجكستان. فاليابان شكلت العقبة الوحيدة في المجموعة وهي "سرقت" الفوز من المنتخب اللبناني في الظروف التي بات يعلمها الجميع.
- لم يكن تأهلنا الى الدور ربع النهائي بالصدفة، ولكن عقبة تايلاند كانت مفيدة وسيئة في الوقت نفسه. فالتايلانديون تأهلوا حكماً الى المونديال كونهم البلد المضيف، وبالتالي فهم لم يشعروا بوجوب "الاستقتال" في المباراة لضمان تأهلهم على عكس اللبنانيين الذين كان عليهم تخطي تايلاند للحصول على البطاقة المؤهلة الى المونديال لاول مرة في التاريخ، ناهيك عن ان التايلانديين لم يكونوا بصفوف مكتملة بشهادة مدربهم.
- بعد مباراة اليابان، كان يمكن لمنتخب لبنان الفوز على تايلاند، دون اي انتقاص من اهمية وفعالية المنتخب التايلاندي، بدليل تقدم لبنان خلال اربع دقائق على بداية المباراة بهدفين دون رد، واضاعة الاهداف تلو الاخرى امام المرمى.
- على الرغم من الخسارة كانت حظوظ لبنان قائمة كأفضل فريق خاسر في هذا الدور، الى ان اكتفت اليابان بفوز هزيل على قيرغستان (1-0) واوستراليا على الكويت (3-2) بعد تمديد الوقت، لتكون الكويت الممثل العربي الوحيد في المونديال.
وعليه، لا بد من السؤال: من الذي اخطأ؟ يمكن بكل بساطة القاء اللوم على المدرب، دون اي تجنٍ، فهو ضليع باللعبة ويعرف كيف تدار، واذا كان اللاعبون لا يملكون الاعصاب الباردة- كما قال بعد المباراة- كان عليه تهدئتهم اقله خلال استراحة الشوطين، والدفع باللاعبين الذين يراهم مناسبين للعودة الى جو المباراة والفوز بها. قد يكون حماس اللاعبين احد اسباب الخسارة، ولكن اين دور المدرب المحنك في هذا الوقت؟ اليس عليه تحضير اللاعبين قبل المباراة ومتابعتهم خلالها لعدم الوصول الى هذه النقطة؟ واذا كان هو نفسه طالب بالتركيز على المباراة لاهميتها، الم يكن يجب عليه تغيير خططه عند التقدم بهدفين للمحافظة عليهما بعد ان شعر ان اللاعبين عابهم التوتر؟
في كل دول العالم، ينتقد المدرب عند الفشل وقد يكون الامر محقاً ام لا، ولكن في هذه الحال، ومع تقديرنا للمدرب الاسباني، فلا يمكننا لوم اللاعبين لانهم اعطوا ما لديهم ولو كان متواضعاً، وهم كانوا بحاجة الى من يديرهم بخبرة وحنكة لتخطي الصعوبات والمشاكل.

لم نكن سنهلل لو تأهل المنتخب الى المونديال كأفضل خاسر، ولو ان الامر كان سيغمرنا بالفرح، ولكننا كنا سننبه ونحذر الى وجب الانتباه الى الاخطاء نفسها التي ذكرناها، ووجوب التعلم منها لتفادي المشاكل في المونديال وتحقيق افضل نتيجة ممكنة.