من حناجر لم تهدأ صدحت دون تعب هتفت الجماهير ال​مغرب​ية طوال 90 دقيقة في أرجاء ملعب الثمامة في الدوحة "سير سير تماركي" (اذهب وسجل)، "سير سير سير"، "الشبكه"، "أولي أولي أولي"، "ديما (دائماً) مغرب، فيفا (يعيش) مغرب"... حمّى مغربية في مونديال قطر لكرة القدم.

علا الصراخ، تحوّلت الجماهير إلى اللاعب الأول والقوة المحفزة لمنتخب متعطش للتأهل إلى ثمن النهائي. وربما لو حصلت على فرصة لاجتاحت أرض الملعب وتناقلت الكرة بوجه المنتخب الكندي المقارع للمغرب ضمن منافسات الجولة الثالثة الأخيرة من المجموعة السادسة.

لم يبخل لاعبو المغرب على جماهيرهم فافتتحوا التسجيل بعد خطأ من الحارس الكندي عبر ​حكيم زياش​ في الدقيقة الرابعة، قبل أن يضيف يوسف النصيري الثاني (23). هرع البدلاء للاحتفال ولم تكن أفضل حال المدرب ​وليد الركراكي​ الذي ارتدى بذلة سوداء وحذاء رياضياً أبيض اللون، فغرق بدوره في بحر الاحتفالات مع لاعبيه والطاقم التدريبي.

اهتزت المدرجات المكسوة باللونين الأحمر والأبيض، فكان الاحتفال بالهدف الثاني أشبه بهدف الخلاص الضامن لاعادة تكرار انجاز مونديال ال​مكسيك​ 1986 عندما وصل "أسود الاطلس" إلى الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخهم.

لم يكتفِ المغاربة بمجرد تشجيع منتخبهم، اطلقوا صافرات الاستهجان مع كل كرة تناقلها الكندي التائه في ارجاء الملعب... هي مباراة بيتية بامتياز للمغرب!

سرعان ما أدركت الجماهير الخطر المحدق بـ "أسود الأطلس" بعد هدف تقليص الفارق اثر كرة اصطدمت بالمدافع نايف أكرد وبدلت اتجاهها لتخدع الحارس ياسين بونو في الدقيقة 40، فرفعت من وتيرة حماسها صارخة "جيبوها يا ولاد، جيبوها يا ولاد"... فيما أظهرت شاشات عملاقة في الملعب مغاربة وهم يشيرون بأيديهم إلى كيفية دخول الكرة المرمى!

لم تهدأ الحناجر مردّدة "آلي لي ليون، آلي لي ليون" (إلى الأمام أيها الأسود)، فردّ "الأسد" النصيري بهدف ثالث على الطاير من داخل المنطقة ألغاه الحكم بداعي التسلل، قابلته الجماهير بصافرات الاستهجان قبل أن يعلن الحكم نهاية الشوط الاوّل.

ومع استراحة الشوطين لم تسترح الجماهير فرقصت وتمايلت في أجواء احتفالية وأضاءت أنوار هواتفها المحمولة بعدما خيم الظلام، بانتظار 45 دقيقة أخرى نارية وحاسمة.

أعاد المغاربة شحذ الهمم في الشوط الثاني بعد رأسية كندية اصطدمت بالعارضة في الدقيقة 72.

ومع لفظ المباراة أنفاسها الأخيرة وفيما كان الركراكي يطالب لاعبيه بالهدوء، صدحت الحناجر بصراخ لم يتوقف إلا مع صافرة النهاية معلنة تأهل المغرب في الصدارة.

-"مبروك راس الكوجاك"-

خارج استاد ملعب الثمامة الذي غصّ بأكثر من أربعين ألف متفرّج، لم تختلف الأجواء كثيراً عما كانت عليه في المدرجات. توجّهت الجماهير بصغيرها وكبيرها مكتسية أعلام بلادها إلى ابواب الخروج من دون التوقف عن الغناء، فامتزج الرقص بالسعادة والأغاني بدموع الفرح.

انضم العديد منهم للاحتفال مع فرقة النهضة الشعبية التي غنت وضربت على البندير (الدف)، قبل أن تطالب الجميع بالوقوف احتراماً للنشيد الوطني المغربي.

ليل طويل أطربته أصوات كادت تختنق في الحناجر، فقال المشجّع الثلاثيني عادل "الصراحة كنا متخوفين. الهدفان الاولان منحانا الراحة و​كندا​ مارست ضغوطات كبيرة.. المهم النتيجة والنقاط الثلاث وصدارة المجموعة... واو، واو".

وأكد حكيم أن لاعبي المغرب "حافظوا على النتيجة حتى الأخير والمهم والاهم هو التأهل إلى الدور الثاني. ننتظر هذه النتيجة منذ عام 1986 ومبروك للشباب والمغاربة ومبروك راس الكوجاك" في اشارة إلى المدرب وليد الركراكي.

بدورها، لم تتمكن وهيبة العشرينية بلباس منتخب المغرب من كبت سعادتها فقالت "صراحة أنا فرحانة بزاف (كثيراً).. صراحة توقعت النتيجة بالطريقة التي لعبنا بها ولدينا أمل للدور الثاني ونزيد لقدام".

أحاسيس هدى لم تختلف عن مواطنيها، فقالت وهي تذرف دموع الفرح "شعور غريب لا يوصف. حققنا حلمنا وحلم العرب كله في هذا الإنجاز الكبير.. وان شاء الله نروح لقدام.. وعاش المغرب".