بعد قرابة 11 شهراً على الانتصار القاري الذي حققته على الإنكليز في معقلهم، تعود ​إيطاليا​ الى ملعب "​ويمبلي​" في لندن لمواجهة ​ليونيل ميسي​ ورفاقه في ​المنتخب الأرجنتيني​ بطل ​أميركا الجنوبية​، باحثة عن شيء من المعنويات بعد فشل التأهل الى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية توالياً.

عندما رفع رجال المدرب ​روبرتو مانشيني​ الكأس الأوروبية في 11 تموز/يوليو 2021 على ملعب "ويمبلي" بالفوز على البلد المضيف بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي، اعتبر الكثيرون أن "أتزوري" نفض عنه غبار خيبة فشل التأهل الى مونديال روسيا 2018 وبدأ حقبة قد تقوده للفوز باللقب العالمي الأول منذ 2006 والخامس في تاريخه.

لم يكن أشد المتشائمين يتوقع بأن يتكرر السيناريو وبأن تجد إيطاليا نفسها مضطرة لأن تتذوق مرة أخرى مرارة خوض الملحق الأوروبي الذي أقصاها قبلها بأربعة أعوام من العرس العالمي للمرة الأولى منذ 1958، لكن الكابوس تكرر بإنهائها التصفيات خلف سويسرا ثم بإقصائها من نصف نهائي المسار الثالث للملحق الأوروبي بالسقوط القاتل في باليرمو أمام مقدونيا الشمالية (صفر-1).

حتى ميسي لا يمكنه أن يستوعب ما حصل، قائلا : "من الجنون أن تفوز إيطاليا بكأس أوروبا ولا يمكنها المشاركة في المونديال"، مضيفاً "هو (منتخب إيطاليا) أحد أعظم المنتخبات في تاريخ المونديال"، وكان من الممكن أن يكون "أحد أبرز المرشحين للفوز بكأس العالم في قطر، ولم يكن أحد يريد مواجهته".

ورغم الانتقادات الكثيرة التي طالته بعد كارثة باليرمو، كان مانشيني عازماً على مواصلة المشوار لأنه "ما زلت شاباً وهدفي الفوز بكأس أوروبا (تحقق الصيف الماضي) وكأس العالم. هدف الفوز بكأس العالم قد تأجل بعض الشيء (حتى 2026)"، مؤكداً أنه "ما زلت أستمتع بعملي".

والآن وقبل التفكير بكأس أوروبا المقبلة عام 2024 أو كأس العالم بعدها بعامين، سيكون مانشيني الأربعاء أمام فرصة التكفير عن ذنبه من خلال قيادة بلاده الى الفوز بما أطلق عليها مباراة الـ"فيناليسيما" بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية.

وتأتي هذه المواجهة كجزء من مذكرة تفاهم متجددة بين الاتحاد الاوروبي "ويفا" ونظيره الأميركي الجنوبي "كونميبول" حتى العام 2028، والتي ستشهد اقامة نسختين أخريين.

وحظيت الأرجنتين بحق تمثيل "كونمبيول" في هذه المباراة بعدما انهت انتظاراً دام 28 عاماً من أجل إحراز لقب بطولة كبرى، وذلك بتتويجها بكوبا أميركا على حساب البرازيل المضيفة بنتيجة 1-صفر في تموز/يوليو الماضي.

وهذه ليست المرة الأولى تقام فيها هذه المباراة بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية، إذ أقيمت في مناسبتين سابقاً عام 1985 حين فازت فرنسا على الأوروغواي، ثم توجت الأرجنتين بقيادة اسطورتها الراحل دييغو مارادونا في النسخة الثانية على حساب الدنمارك عام 1993.

يؤكد مانشيني أن "الخيبة ما زالت كبيرة، لكن علينا أن نبدأ من جديد".

- وداع كييليني -

لكن البدء من جديد لا يخصّ قطب الدفاع وقائد المنتخب جورجو كييليني الذي اختار مباراة الأربعاء كي يقول وداعاً لـ"أتزوري" بعدما كان يمني النفس بأن يسدل الستار على مسيرته الدولية الطويلة نهاية العام في المونديال القطري.

ستكون المواجهة ضد الأرجنتين الرقم 117 والأخيرة في مسيرته الدولية، ويأتي وداع المنتخب بعد رحيله عن يوفنتوس في نهاية الموسم الفائت من دون ان يكشف عن وجهته المستقبلية لكن المرجح ان تكون الدوري الأميركي.

ويودع ابن الـ37 عاماً المنتخب الوطني مع حسرة عدم تمكنه من تحقيق النجاح معه في كأس العالم، إذ لم يكن ضمن التشكيلة التي توجت بطلة عام 2006، ثم خرج من الدور الاول لمونديالي جنوب إفريقيا 2010 والبرازيل 2014، قبل اختبار كابوس عدم التأهل لمونديالي روسيا 2018 وقطر 2022.

سيستغل الإيطاليون مباراة الأربعاء لتوديع كييليني في مواجهة ستشكل مناسبة أيضاً لتكريم "أبطال ويمبلي" الذين أحرزوا كأس أوروبا الصيف الماضي لكن من دون تشيرو إيموبيلي، فيديريكو كييزا أو دومينيكو بيراردي للإصابة، لكن بمشاركة أحد أبرز نجوم البطولة القارية ليوناردو سبيناتزولا الذي استدعاه مانشيني الى التشكيلة.

وأصيب ظهير روما بتمزق في أوتار الركبة خلال فوز منتخب بلاده على بلجيكا 2-1 في ربع نهائي كأس أوروبا، ولم يعاود اللعب حتى وقت سابق من هذا الشهر.

وسيستفيد مانشيني من المباريات الأربع المقبلة في حزيران/يونيو ضمن دوري الأمم (ضد ألمانيا مرتين والمجر وإنكلترا)، ليبدأ عملية جديدة من البناء واستقدام وجوه جديدة في محاولة لإعادة الحياة والمعنويات لمنتخب في الحضيض بعد الذي حصل معه في ملحق المونديال.

من جهة الأرجنتين، يبدأ أبطال أميركا الجنوبية رحلة الاستعداد لمونديال قطر المقرر بين 21 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر والذي وضعها في مجموعة بمتناولها تماماً ضد السعودية والمكسيك وبولندا.

- الرد على مبابي -

وسيحرص ميسي على أن يثبت لزميله في باريس سان جيرمان كيليان مبابي بأن مستوى كرة القدم في أميركا الجنوبية ليس بعيداً عن مستوى القارة العجوز.

وأزعج مبابي بعض لاعبي الأرجنتين بقوله الأسبوع الماضي أن كرة القدم في أميركا الجنوبية "ليست متقدمة" بسبب نقص القوة لدى اللاعبين للعب "مباريات عالية المستوى طوال الوقت".

ورأى مهاجم انتر الإيطالي لاوتارو مارتينيز الذي سجل هدف فوز الأرجنتين بكوبا أميركا 2021 على البرازيل، أن هذه التعليقات "غير عادلة"، قائلاً إنه "سعيد للغاية بما نحن عليه"، لاسيما أن الغالبية العظمى من الدوليين الأرجنتينيين يلعبون في أوروبا، وبعضهم معروف جيداً للإيطاليين مثل مارتينيز، باولو ديبالا (زميل كييليني في يوفنتوس حتى هذا الموسم)، خواكين كوريا (إنتر) أو نيكولاس غونزاليز (فيورنتينا).

صحيحٌ أن الفريق الذي يدربه ​ليونيل سكالوني​، لم يلتق بمنتخب أوروبي منذ أكثر من عامين ونصف (2-2 ضد ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الفترة التي يمرّ بها وسلسلة المباريات الـ31 المتتالية من دون هزيمة (21 فوزاً و10 تعادلات)، ما يجعله قريباً من الرقم الذي حققته إيطاليا بالذات (سلسلة من 37 مباراة متتالية توقفت في تشرين الأول/أكتوبر بالخسارة أمام إسبانيا 1-2 في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية).