قلب ​ريال مدريد​ الامور رأساَ على عقب في مواجهته مع ​باريس سان جيرمان​ في ​دوري الابطال​، وعاد من بعيد بتخلفه لهدفين في مجموع المباراتين الى فوز بثلاثة اهداف. ولا شك ان الريال يدين بفوزه لنجمه المتألق ​كريم بنزيما​ الذي كسف نجم مواطنه كيليان ​مبابي​ المتوهج، ولكن هناك عوامل اخرى ايضاً ادت الى فوز الريال 3-2 بمجموع المباراتين بفضل اقدام بنزيما.

بداية، يمكن القول ان استراتيجية مدرب الريال ​كارلو أنشيلوتي​ اعطت ثمارها ولو انها تقليدية (4-3-3)، حث عمد منذ البداية الى عدم ارتداء القفازات وجس النبض بل الى الهجوم والضغط العالي على لاعبي الفريق الفرنسي منذ اللحظات الاولى، ونقل المعارك الى منطقة عملياتهم في الدقائق العشر الاولى من عمر المباراة، والغاية تسجيل هدف مبكر يحبط من عزيمة الباريسيين ويقضي على تفوقهم، وذلك عبر بناء اللعب من خط وسط الملعب والتحرك عبر الأطراف ثم إيجاد بنزيما في العمق. ولكن، مع مرور الوقت، بدأ سان جيرمان يكسر الكماشية المدريدية شيئاً فشيئاً معتمداً على السرعة في المرتدات بقيادة النجم مبابي، لكن تألق الحارسين احبط جهود المهاجمين.

استمر الريال في خطته بممارسة الضغط العالي بحوالي 7 لاعبين في الثلث الأول من الملعب ، فيما لم يغيّر مدرب سان جيرمان ​ماوريسيو بوتشيتينو​ خطته 4-3-3، واستمر رهانه على تمريرات ​ميسي​ الساحرة وسرعة مبابي وتعطشه للتسجيل، وها ما حصل بالفعل اذ تلقى النجم الفرنسي الشاب تمريرة متقنة من البرازيلي ​نيمار​ واستغل سرعته والنقص الدفاعي ليصل الى المرمى ويهز شباك كورتوا بعد ان اختبره مرتين.

انهيار الدفاع الفرنسي

في الشوط الثاني، وجد انشيلوتي نفسه في وضع حرج، فهو بات متأخراً بهدفين، ولم تفلح كل جهوده في هز الشباك الباريسية رغم محاولات بنزيما العديدة، الا انه اتخذ قراراً بالمضي في مسعاه. في المقابل، بدت محاولات سان جيرمان اكثر خطورة على المرمى الملكي، ولولا وضعية التسلل التي كانت سبباً في الغاء هدفين للباريسيين، لكانت الامور اخذت منحى آخر كلياً. ازاء هذا الامر، تدخل انشيلوتي ودفع بكامفينغا مكان كروس ورودريغو مكان أسينسيو وفاسكيز مكان كارفخال (الذي عانى كثيراً لايقاف مبابي)، فعزز خط الوسط في محاولة لكسب المعارك ومنع اي طموحات باريسية لتعزيز النتيجة. وعند الدقيقة 61، حصل ما لم يكن في الحسبان، وسرق بنزيما الكرة من الحارس دوناروما (طالب سان جيرمان باحتساب خطأ على اللاعب الفرنسي) ونجح في تسجيل هدف ثمين اعاد الروح الى الريال وترك خيبة امل في نفوس الباريسيين. ولكن، لم يكن انشيلوتي او بوتشيتينو يتوقعان انهيار وضياع الدفاع الفرنسي ومساهمته الكبيرة في اهداء الفوز للملكي على طبق من ذهب. فبعد ربع ساعة، اعاد بنزيما نفسه الامور الى نقطة الصفر وقضى على الافضلية الباريسية بتسجيله الهدف الثاني (بمساعدة غير مباشرة من ماركينوس الذي ارتطمت الكرة برجله وهو يحاول صدها). اما قمة الضياع والانهيار فكانت بعدها بثوان قليلة عندما شتت الدفاع الفرنسي الكرة الى داخل منطقة جزائه ليتلقفها بنزيما القناص ويودعها الشباك ويقلب الاوضاع كلياً لصالح فريقه.

ويمكن القول ان باريس بدا كتلتين: 7 لاعبين في الخلف يدافعون والثلاثي الهجومي وحده في الأمام يلعب الهجمة المرتدة، وهذه كانت كارثة فنية لانه بعد التأخر 3-1، لم يقم سان جيرمان بأي حركة هجومية واضحة المعالم وهذا جعل الخسارة مستحقة وسط تفوق تام لأنشيلوتي وخيبة أمل لبوتشيتينيو الذي غابت عنه اي قرارات تساهم في وقف الانهيار واعادة الثقة الى الدفاع الفرنسي واللاعبين.