بعد فراق دام لـ2373 يوماً، يبدأ تشافي هيرنانديز رحلة العودة الى عشقه ​برشلونة​ و"كامب نو" من بوابة الدربي ضد الجار ​إسبانيول​ السبت في المرحلة 14 من الدوري الإسباني، لكن هذه المرة كمدرب للنادي الكتالوني الذي قرر الاعتماد عليه لانتشاله من كبوته خلفاً للمقال ​رونالد كومان​.

حسم برشلونة عودة تشافي الى كنف النادي قبل أسبوعين تزامناً مع النافذة الدولية المخصصة لتصفيات مونديال قطر 2022، ما منح مدرب ​السد​ القطري السابق فرصة التحضير لاختباره الأول كمدرب للفريق الذي تعملق معه كلاعب وتوج في صفوفه بكافة الألقاب الممكنة.

كان ابن الـ41 عاماً حازماً وواضحاً تماماً في تحديد أولوياته خلال تقديمه في الثامن من الشهر الحالي، مشدداً على أهمية الالتزام بالقواعد بجانب الارتقاء بالمستوى من أجل إعادة الفريق الى مكانته.

وركّز بطل العالم لعام 2010 الذي دافع عن قميص "بلاوغرانا" في 767 مباراة بين 1998 و2015 وتوّج معه بـ25 لقباً بينها لقب الدوري الإسباني ثماني مرات ودوري أبطال أوروبا أربع مرات، على أن "الأولوية في البدء ستكون أن نضع القواعد في الفريق، هذه هي النقطة الأولى، ثم نتحدث عن القيم، الاحترام، السلوك والجهد. إذا لم تكن لدينا هذه القيم، فلن يكون لدينا فريق".

ويبدأ برشلونة حقبة تشافي وهو قابع في المركز التاسع مع الإدراك بصعوبة إجراء تعاقدات كبيرة في أي وقت قريب بسبب الأزمة المالية التي يمر بها النادي والتي أدت الى رحيل النجم الأرجنتيني ​ليونيل ميسي​ الى ​باريس سان جيرمان​ الفرنسي.

- السير على خطى غوارديولا -

وتطرق الى هذه المسألة "أعلم أنها فترة صعبة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو على أرض الملعب، لكني سأطلب من اللاعبين أن يكون لديهم معايير عالية لأننا برشلونة، أفضل نادٍ في العالم".

ويأمل عشاق النادي الكتالوني أن يسير تشافي على خطى بيب غوارديولا الذي ارتقى بالفريق الى أعلى المستويات بأسلوب لعب جذاب يعتمد على تناقل الكرة (عُرِفَ بـ+تيكي تاكا+) قاد به "بلاوغرانا" الى الفوز، بوجود تشافي في الوسط، بلقب الدوري ثلاث مرات وبألقاب كل من دوري أبطال أوروبا والكأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية وكأس إسبانيا مرتين، إضافة الى ثلاثة ألقاب في الكأس السوبر المحلية بين 2008 و2012.

لكن سيكون أمام تشافي الكثير من العمل قبل التفكير بالسير على خطى غوارديولا، والخطوة الأولى تبدأ السبت في "كامب نو" بمواجهة الجار إسبانيول الذي يجد نفسه في موقف نادر جداً وهو أنه متواجد على المسافة ذاتها من جاره العملاق ولا يتخلف عنه سوى بفارق الأهداف (17 لكل منهما).

إن تواجد برشلونة على المسافة ذاتها من جاره يعكس تماماً الأزمة التي يمر بها الفريق المتخلف عن غريمه اللدود ريال مدريد الثاني بفارق 10 نقاط وعن ريال سوسييداد المتصدر بفارق 11، فيما يبتعد عن أتلتيكو مدريد حامل اللقب وصاحب المركز الرابع الأخير المؤهل الى دوري أبطال أوروبا بفارق 6 نقاط.

وسيكون تركيز تشافي على محاولة قيادة الفريق للمشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل على أقل تقدير، لاسيما أن التبعات الاقتصادية لفشل التأهل ستكون هائلة جداً لنادٍ غارق أصلاً في ديونه.

- "لم يبقَ هناك أي شيء" -

ويعاني برشلونة فنياً على كافة الأصعدة، إذ اهتزت شباكه 15 مرة في 12 مباراة، أي أكثر من إسبانيول ورايو فاليكانو، العائدين هذا الموسم الى دوري الأضواء، فيما سجل 19 هدفاً.

كما لم يفز "بلاوغرانا" بأي من مبارياته الأربع الأخيرة في الدوري واكتفى بانتصارين في مبارياته التسع الأخيرة.

وكان المدير التنفيذي للنادي ماتيو أليماني الذي أشرف على صفقة عودة تشافي الى "كامب نو"، واضحاً الأربعاء حين قال "كما هو الوضع حالياً، لم يبقَ هناك أي شيء" من ناحية الأموال لإجراء تعاقدات خلال فترة الانتقالات الشتوية أوائل 2022.

ما على تشافي فعله حالياً هو التعامل مع كل مباراة على حدة ومحاولة الحصول على النقاط الثلاث، بدءاً من اختبار السبت الذي سيضعه على عشب على ملعب "كامب نو" كعنصر ضمن الفريق للمرة الأولى منذ 23 أيار/مايو 2015 حين خاض مباراته الـ765 بقميص "بلاوغرانا".

حينها، خرج تشافي من الملعب في الدقيقة 86 وسط احتفاء هائل من جمهور النادي اعترافاً بما قدمه لهذا القميص ولمكانته في تاريخ برشلونة.

كان الحضور في تلك المباراة ضد ديبورتيفو لا كورونيا 93743 متفرجاً، فيما كان معدل الحضور في المدرجات لذلك الموسم قرابة 80 ألف مشجع في المباراة الواحدة.

لكن الأمور الآن مختلفة تماماً ليس بسبب القيود المتعلقة بفيروس كورونا وحسب، بل لأن الجمهور غير راضٍ عن الوضع الذي وصل اليه الفريق وأكبر دليل أن عدد الحاضرين في مدرجات "كامب نو" في اللقاء البيتي الأخير ضد ألافيس (1-1) لم يستقطب أكثر من 38 ألفاً، وهو أدنى عدد في لقاء ضمن منافسات الدوري في هذا الملعب منذ 2001.

ولا يتعلق الأمر بمباراة واحدة وحسب، بل إن المعدل العام هذا الموسم لم يتعدَ الـ40 ألفاً، ما سيجعل إسبانيول يستذكر بشماتة ما صدر عن مدافع "بلاوغرانا" جيرار بيكيه في 2014 حين سخر من الجار بالقول "يطلقون على أنفسهم الأقلية الرائعة لدرجة أنهم غير قادرين على ملء ملعبهم".

والآن وبعد عودة ابن النادي تشافي لاستلام مهام الاشراف على مزيج من لاعبي الخبرة والشباب، يأمل برشلونة أن يستعيد جمهوره والأجواء الحماسية في "كامب نو" من أجل محاولة انقاذ الموسم.

وخلافاً لبرشلونة الجريح، سيحاول ريال مدريد الأحد مع مدربه الإيطالي الخبير كارلو انشيلوتي الاستفادة من الوضع الصعب لمضيفه غرناطة السابع عشر من أجل البقاء أقله في المركز الثاني، على أمل أن يسديه فالنسيا خدمة في وقت لاحق من خلال اسقاط سوسييداد المتصدر أو إجباره على التعادل، ما سيعطي النادي الملكي فرصة التصدر في حال حقق فوزه الثالث عشر توالياً على غرناطة.

وستكون الفرصة قائمة أمام إشبيلية الثالث بفارق الأهداف عن ريال،، لوضع الأخير وسوسييداد تحت الضغط والتصدر موقتاً حين يستضيف ألافيس السبت، فيما يأمل أتلتيكو حامل اللقب الاستفادة من عامي الأرض والجمهور حين يلتقي أوساسونا السبت أيضاً من أجل البقاء في دائرة المنافسة كونه يتخلف بفارق أربع نقاط عن جاره اللدود وإشبيلية وخمس عن الصدارة.