يأمل ​منتخب قطر​ عندما يستضيف ​مونديال 2022​ في كرة القدم في تفادي تجربة ​جنوب إفريقيا​، المضيفة الوحيدة التي ودّعت الدور الأول من النهائيات، لكن نتائجه المتعثرة أخيراً وتعرّض لاعبيه للإرهاق بسبب مروحة مشاركاته الواسعة ألقت المزيد من الشكوك حيال إمكانية تحقيق "إنجاز" تخطي دور المجموعات.

يرى البرازيلي ​كافو​، بطل العالم مرتين، فائدة في تنوّع المشاركة القطرية على مساحة قارات مختلفة برغم الإرهاق، ويقول ردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس "خاضت قطر تجارب كثيرة منها ​كأس آسيا​ و​كوبا أميركا​ والكأس الذهبية وتصفيات أوروبا، ومن الطبيعي أن يكون هناك تعب واجهاد، لكن هذا سيزيدها خبرة وقوة لأنها تواجه عدّة مدارس".

منذ انطلاق كأس العالم عام 1930، وحدها جنوب إفريقيا، من بين مضيفي النهائيات، أخفقت عام 2010 في بلوغ الدور الثاني، برغم مشاركتها مرتين في الحدث العالمي، خلافاً لقطر الزائرة الجديدة والتي تستضيف المونديال الأول في تاريخ الشرق الأوسط بدءاً من تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

وتفادياً لمصير مشابه لمعظم المنتخبات الآسيوية التي تكتفي بمشاركة وجيزة في دور المجموعات، أرادت قطر الاحتكاك فخاضت بطولات كوبا أميركا، الكأس الذهبية لمنطقة كونكاكاف وتصفيات أوروبا المؤهلة إلى مونديال 2022 كدولة زائرة دون أن تحتسب نتائجها.

كان مسارها التصاعدي إيجابياً، فتعادلت مع ال​باراغواي​ في كوبا أميركا 2019 وخسرت بنتائج مقبولة أمام ​كولومبيا​ و​الأرجنتين​. وفي الكأس الذهبية 2021، بلغت نصف النهائي حيث خسرت بصعوبة أمام الولايات المتحدة المضيفة والتي توجت باللقب لاحقا.

لكن بداية مشوارها الناجحة في التصفيات الأوروبية والتي شهدت فوزها على أمثال لوكسمبورغ وأذربيجان وتعادلها مع جمهورية إيرلندا، تحوّلت إلى كابوس بدءاً من أيلول/سبتمبر. عانى لاعبوها من الارهاق فخسرت أمام صربيا مرتين صفر-4، أمام برتغال كريستيانو رونالدو مرتين أيضا (1-3 وصفر-3) وأمام إيرلندا (صفر-4)، ثم أهدرت الأحد الماضي تقدمها أمام أذربيجان لتتعادل 2-2.

- مفاجأة ومداورة -

وحول حظوظ قطر في تخطّي دور المجموعات، يقول لاعب الوسط الدولي الهولندي السابق رونالد دي بور الذي حمل ألوان ناديي الريان والشمال في قطر بين 2004 و2008 "رأيتهم في كأس آسيا قبل سنتين أمام خصوم أقوياء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفازوا عليهم، رغم أن تلك المنتخبات تحقق نتائج جيدة في بطولات للعالم".

وأضاف دي بور، أحد سفراء مونديال قطر لفرانس برس "بمقدورهم تحقيق المفاجأة وسيكون تأهلهم إلى الدور الثاني بمثابة الإنجاز".

لكن النتائج السلبية الأخيرة ألقت بظلالها على تشكيلة الإسباني فيليكس سانشيز، إبن مدرسة برشلونة الذي عمل مع منتخبات الفئات العمرية قبل تبوئه منصبه عام 2017، ما دفع بنجم المنتخب السابق إبراهيم خلفان للتعبير عن قلقه.

وقال لاعب العربي السابق لفرانس برس "لم اقتنع بأداء المنتخب أخيراً وتمنيت بأن يعود إلى مستوياته السابقة عام 2019 في كأس آسيا ثم كوبا اميركا وكونكاكاف".

وانتقد خلفان التركيز على نواة لاعبي فريقي السد والدحيل "لا بد أن يتدخل سانشيز في عملية المداورة والمحافظة على بعض العناصر لتجنب الاصابات، خصوصاً اننا سنخوض كأس العرب. التركيز على 12 لاعباً فقط عملية خاطئة".

يشاطره نجم السد السابق خالد سلمان الرأي، معتبراً انه بعد فترة التوقف الأولى في التصفيات الأوروبية "كان المنتخب بحاجة إلى بعض الوقت لاستعادة اللياقة واحساس المباريات الكبرى. عملية المداورة ضرورية فالانسان لديه طاقة خصوصا أن هناك 13 او 14 لاعباً هم الركيزة، إضافة إلى أن ناديين فقط يشكّلان المنتخب".

- "قد نتجاوز دور المجموعات" -

يشرح سانشيز(45 عاماً) أسباب تراجع نتائج "العنابي" ويقول لفرانس برس "كانت الإجازة الصيفية قصيرة، لذا لم نستعد طاقتنا ومستوياتنا. كان خصومنا أقوياء وندفع الثمن راهناً. نركّز الآن على كأس العرب كي نخوضها بحالة جيدة".

وعن توقعاته في كأس العالم، يتابع سانشيس الذي قاد قطر لانجاز تاريخي عام 2019 عندما أحرزت كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخها "سيكون تحدياً كبيراً لنا، هذا واضح. صحيح اننا فزنا بكأس آسيا، لكن في تصنيف فيفا لم نقترب بما فيه الكفاية من المنتخبات التي ستتأهل. إذا كنا بحالة ممتازة، قد نتجاوز دور المجموعات".

بدوره، يعزو قائد المنتخب حسن الهيدوس الإرهاق إلى عدم التوقف في فترة الصيف "خضنا مباريات كثيرة على أعلى مستوى وهي ترهق أي لاعب، لكن الجزئية الصغيرة اننا لم نخلد إلى الراحة في الصيف".

- نقص في الدوافع؟ -

وفيما تنحصر نجاحات منتخب كرة القدم بالصعيدين الإقليمي والقاري، لا يزال بعيداً عن الإنجاز الذي حققه منتخب كرة اليد بحلوله ثانياً في مونديال 2015 وهيمنته على كأس آسيا بين 2014 و2020، مع مجموعة كبيرة من النجوم المجنسين.

يضمّ منتخب كرة القدم الحالي لاعبين من جذور عربية وإفريقية، أقلّ شهرة من لاعبي منتخب كرة اليد، لكن معظمهم تدرّج في أكاديمية أسباير في الدوحة.

يشرح النجم الأسترالي المعتزل تيم كاهيل الذي يعمل راهنا مديراً للرياضة في الأكاديمية التي تعدّ نقطة استقطاب لأندية أوروبية كبرى "لنكون واقعيين، عدد السكان في قطر ضئيل جدا مع نحو 300 ألف نسمة، وبرغم ذلك حققوا نجاحات باهرة... في أسباير أرى الاستثمار والأطفال وتطوّر نمو النجوم".

ويضيف كاهيل الذي شارك في كأس العالم أربع مرات "لا أنظر الآن إلى جيل 2022 فقط بل إلى الجيل القادم. نريد أن نظهر بصورة جيدة في كأس العالم هذه، لكن في المقبلة نريد أن نتأهل".

ويحتل المنتخب القطري راهناً المركز الخامس آسيوياً في التصنيف الصادر عن الاتحاد الدولي والـ46 عالمياً.

تصنيفٌ بلغه خصوصاً بعد تتويجه بكأس آسيا، وبحسب مدير المنتخب المصري وائل جمعة "بعد الفوز بكأس آسيا، ربما قلّت الدوافع عند اللاعبين".