بعد مفاجأة الفوز بحقوق استضافة ​كأس العالم لكرة القدم​، تتسارع استعدادات ​قطر​ قبل عام على انطلاق المونديال، وتزداد معها حماسة القطريين للترحيب بأكثر من مليون مشجع وإثبات قدرتهم على تنظيم بطولة استثنائية.

ويُعرف عن الدولة الخليجية الصغيرة شغفها بلعب أدوار كبرى على الصعيد الدولي، لكن التحديات تبلغ أوجها اليوم في خضم تنظيم أهم بطولة لأكثر الرياضات شعبية، في شبه جزيرة صحراوية فائقة الثراء يبلغ عدد سكانها 2,7 مليون نسمة فقط.

قبل 12 شهراً من المباراة الافتتاحية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، تبدو العاصمة الدوحة كورشة ضخمة، حيث تنتشر أعمال الطرق ومواقع البناء في كل مكان تقريبا متسبّبة بازدحامات.

مع ذلك، فإنّ معظم الأسس باتت جاهزة، حيث من المقرّر أن تستضيف ستة من ملاعب كأس العالم الثمانية كأس العرب بمشاركة 16 منتخبًا اعتبارًا من 30 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.

وقال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ​جياني إنفانتينو​ في قطر هذا الأسبوع "لم أر قط دولة في العالم كانت مستعدّة بهذا الشكل".

وكانت قطر أحدثت صدمة في عالم كرة القدم في 2010 عندما تغلّبت على الولايات المتحدة لاستضافة كأس العالم، وهو فوز أثار اتهامات بشراء الأصوات قابلها نفي قطري شديد، وسط تساؤلات حول مدى ملاءمة البلد للبطولة.

منذ ذلك الحين، أطيح بالحرس القديم في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في سلسلة من قضايا الفساد، فيما برزت قطر كلاعب رئيس في قطاع الرياضة، حيث استحوذت على نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جرمان وأصبحت "مؤسسة قطر" الراعي الأول لقميص برشلونة.

- إصلاحات مستمرة -

في غضون ذلك، واجهت قطر انتقادات مستمرة لظروف عمل مئات الآلاف من العمال المهاجرين، بمن فيهم أولئك الذين بنوا ملاعب كأس العالم.

وقد استجابت الإمارة الغنية بالغاز بإدخال إصلاحات على قوانين العمل، في وقت يقول المسؤولون إنّ تطوير هذه القوانين هو عمل مستمر". كما تعرّضت قطر لانتقادات شديدة لتجريمها المثلية الجنسية.

وقالت ​فاطمة النعيمي​ رئيسة الاتصالات في اللجنة المنظمة الشهر الماضي "منذ أن فزنا بكأس العالم (حقوق) تلقينا انتقادات كثيرة. هناك انتقادات بناءة حاولنا استيعابها"، مضيفة" نحاول ألا ندع هذا النقد يوقفنا".

وعزّزت قطر أدوارها في رياضات أخرى، حيث أقامت بطولة العالم لألعاب القوى في عام 2019 وتستعد لسباق فورمولا واحد للمرة الأولى يوم الأحد، أي قبل عام بالضبط من افتتاح كأس العالم.

لكن المونديال، حيث يتوقع المنظّمون تدفق 1,2 مليون زائر - ما يقرب من نصف عدد سكان البلاد - هو مشروع ضخم وعلى نطاق مختلف تمامًا.

وهناك أسئلة تطرح حول مكان إقامة المشجعين، مع اكتمال الحجوزات بالفعل في مجموعة الفنادق المحدودة في الدوحة.

وتحدّث المسؤولون عن توفير 16 فندقًا عائمًا وروّجوا للإقامات في المنازل، بينما سينتهي الأمر بالعديد من المشجعين في شقق مبنية حديثًا وحتى في خيم مكيّفة.

ومع ذلك، فإن استيعاب مثل هذه الأرقام - حوالي 300 ألف يوميًا، بالإضافة إلى 150 ألف عامل في كأس العالم، وفقًا لمصدر مطلع - يبدو تحدياً كبيراً.

- لا سابقة -

وقال المصدر "يتم تنظيم كأس العالم في مياه مجهولة: لم يكن هناك حدث رياضي ضخم مع هذا العدد الكبير من الزوار والموظفين العاملين بالإضافة إلى السكان العاديين في مثل هذه المنطقة الصغيرة".

وتابع "ببساطة، لا توجد تجربة ماضية (مماثلة) يمكن الاستفادة منها".

وسيتم اختبار معظم ملاعب كأس العالم الثمانية، وإن كان ذلك بأعداد محدودة من المشجعين، في كأس العرب المقبلة التي تنتهي في 18 كانون الأول/ديسمبر، قبل عام من نهائي كأس العالم.

وصرّح أحد المنظّمين لوكالة فرانس برس الشهر الماضي أن ملعب لوسيل الذي سيستضيف النهائي، لن يستخدم في كأس العرب لأنه يخضع "لاختبار وتشغيل أنظمة متعددة".

وفي الوقت ذاته، تعهّدت قطر بتطعيم المشجعين الذين لم يتم تلقيحهم ضد كوفيد- 19 ، بينما يتحرّك "فيفا" لتهدئة المخاوف بشأن توافر الكحول في الدولة المسلمة حيث تم حظرها إلى حد كبير.

وصرّح متحدث باسم الاتحاد الدولي لوكالة فرانس برس "(الكحول) سيكون متاحا في مناطق محدّدة خلال كأس العالم لكرة القدم المقبلة".

على أرض الملعب، ستحاول فرنسا الدفاع عن لقبها، تتركّز الأنظار على الأرجنتيني ليونيل ميسي الباحث عن لقب عالمي في نهاية مسيرته الزاخرة، فيما تسعى إيطاليا لتخطي الملحق القاري وعدم الغياب مرة ثانية عن النهائيات بعد كابوس 2018.

والتوقعات ليست كبيرة بالنسبة لقطر، التي ستظهر لأول مرة في نهائيات كأس العالم بعد التأهل كمضيف، على الرغم من فوزها المفاجئ في ​كأس آسيا​ في 2019.