في كثير من الأحيان يفرض المنطق نفسه على الحماس وتتفوق الخبرة على الشجاعة، وربما لتلك الأسباب توّج ​المنتخب الفرنسي​ بطلًا للنسخة الثانية من ​دوري الأمم الأوروبية​ بفوزه على نظيره الإسباني بهدفين مقابل واحد في مباراة كانت تستحق ان يُقدّم خلالها كأسين بدلًا من واحد عطفًا على الاداء الذي قدمه المنتخبان في المباراة النهائية.

أضاف المنتخب الفرنسي اللقب الأوروبي إلى لقب ​كأس العالم 2018​ ليكرّس الديوك المنطق المعزّز بكوكبة من أفضل نجوم العالم والذي فرض نفسه في تلك النسخة، لتلعب الخبرة و"الهيبة" دورها في تتويج الأزرق ابتداءً من مباراة دور الأربعة أمام بلجيكا وانتهاءً بالمباراة النهائية أمام اسبانيا، وفي المباراتين لم يجد الفرنسيون أي صعوبة في العودة بالنتيجة وقلب الطاولة على المنافسين، وكل ذلك لم يكن ليتحقق لولا الشخصية التي يلعب بها المنتخب الفرنسي منذ تتويجه بلقب المونديال الأخير.

خرج الفرنسيون من دوري الأمم بمكاسب كثيرة ربما هي أهم من اللقب، وفي مقدمتها ترسيخ مفهوم القوة لديهم والذي سيضع المنتخب الأزرق في مقدمة المرشحين للفوز بأي بطولة كبرى مستقبلًا، لكن ذلك لم يتحقق بسبب نوعية اللاعبين التي يملكها، إنما لقدرتهم على تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص بفضل الشخصية والاصرار، وفي مقدمتهم ​كريم بنزيما​ الذي أثبت انه كان "الحجر الناقص" في المنظومة الفرنسية، حيث بدا واضحًا للعيان ان عودة نجم ريال مدريد الى صفوف الديوك أثمرت كثيرًا على الصعيد الفني بسبب التحركات التي يقوم بها على أرض الملعب، وهو أثبت مرة أخرى انه أحد أفضل المهاجمين في العالم إن لم يكن أفضلهم في الوقت الحالي.

في المقابل كسب ديدييه ديشان الرهان بعد الانتقادات التي تعرض لها إثر الخروج من يورو 2020، ليبدأ الإعداد لمهمة الدفاع عن لقبه في ​مونديال 2022​ بكل ثقة واطمئنان نظرًا لما يملكه من نجوم على أرض الملعب وفي دكة البدلاء، لكن يبقى القول ان قرار إعادة بنزيما الى صفوف المنتخب سيبقى القرار الأفضل والأهم الذي اتخذه في مسيرته التدريبية.


على الضفة الأخرى لم تسعف الأفضلية ولا الشجاعة والحماس لـ"شباب" المنتخب الاسباني بأن يتوجوا باللقب الأول منذ عام 2012، لكن مدرب لاروخا لويس انريكي بإمكانه ان ينام الليلة سعيدًا بما قدمه المنتخب الاسباني سواء في اليورو او في دوري الأمم، وهو قدم للجماهير الاسبانية حول العالم، نواة منتخب قادر على كتابة التاريخ مستقبلًا واعادة المنتخب الى منصات التتويج ابتداءً من نهائيات كأس العالم المقبلة.

خسر المنتخب الاسباني اللقب الأوروبي، لكنه خرج مرفوع الرأس بشبابه ونجومه الصغار الذين ينتظرهم بعض العمل قبل ان يتحولوا مجددًا الى قنبلة موقوته قد تنفجر في أي وقت بوجه عمالقة الكرة في العالم.