من الواضح ان الحرب الدائرة في الخفاء بين ​الاتحاد الدولي لكرة القدم​ وكل من الاتحادين الأوروبي والأميركي الجنوبي بشأن إقامة ​كأس العالم​ كل عامين، لن تتأخر قبل أن تخرج إلى العلن وتُنذر بصراع حقيقي على "النفوذ" بعدما شكّلت خطوة الإعلان عن رغبة ​الفيفا​ بتمرير اقتراحها الجديد حالة من الاعتراض الشديد من جانب الإتحادين، ربما تٌعيد الى الأذهان حالة الإنقسام التي مرّ بها عالم كرة القدم ابّان الإعلان عن بطولة السوبر ليغ، لكن الانقسام هذه المرة ربما يكون أكبر وأقسى على عالم المستديرة.

لا يخفى على أحد ان اقتراح إقامة كأس العالم كل عامين من جانب الفيفا هدفه في الظاهر زيادة الحماس في اللعبة والاستفادة المالية من المداخيل والنقل التلفزيوني التي ستجنيها الفيفا والاتحادات القارية من جراء هذه الخطوة، لكن في المقابل فإن البعض يرى ان السبب الحقيقي لهذا الإقتراح هو الحد من النفوذ الأوروبي على اللعبة الأولى في العالم، بعدما باتت المسابقات الأوروبية هي المهيمنة على سواها، لا بل وتتمدد شيئًا فشيئًا، حيث تمت إضافة دوري الأمم للمنتخبات، وبطولة المؤتمر الأوروبي في تحدٍ واضح وتأكيد لتلك الهيمنة.

من هنا لا يمكن استبعاد ان تكون خطوة الفيفا المقبلة بمثابة إعلان التحدي ومن أجل القول بأنها الوحيدة المعنية بتطوير كرة القدم في مختلف القارات ويعود لها الفضل فيما وصلت اليه، لكن الاقتراح الاحادي الجانب، سيدفع كل المعترضين نحو التصعيد خاصة إذا ما أصر الاتحاد الدولي لكرة القدم على تمرير مشروعه في الجمعية العمومية مع العلم انه يملك القوة العددية الكافية لهذا الأمر، لكن ذلك سينعكس من دون أدنى شك على "وحدة" عائلة كرة القدم.

اليوم يرى الاتحادان الأوروبي والأميركي الجنوبي انهما معنيان أكثر من غيرهما بهذه الخطوة لكون منتخبات وأندية القارتين هما الأشهر والأقوى وهذا ينطبق أيضاً على اللاعبين والمدربين، لذلك يأتي الإعلان عن إقامة مباراة بين ايطاليا بطلة أوروبا والأرجنتين بطلة ​كوبا أميركا​، بمثابة رصاصة الإنذار الأولى من جانب "يويفا" و"كونميبول"، للقول ان الاتحادين قادران على اقامة مباريات عالمية وربما توسيعها الى بطولة مشتركة في حال اقتضى الأمر، لذلك لا يمكن تجاهل اعتراضاتهما بشأن مقترح الفيفا، او تمريره دون الإتفاق على ما يخفف المخاوف المشتركة جراء تلك الخطوة.

من المؤكد ان الصراع سيتصاعد بين الاتحاد الدولي والاتحادين القاريين، وربما يأخذ أشكالًا تصعيدية خاصة وان الاخيرين يملكان من القوة ما تخوّلهما الوقوف بوجه هذا المشروع، لكن في المقابل فإن الفيفا برئاسة جياني إنفانتينو تملك السلطة الأعلى في عالم كرة القدم وقادرة على الوقوف بوجه الجميع بمن فيهم السياسيون، حيث لن ينفع هذه المرة الاستجداء برئيس وزراء من هنا او سياسي من هناك كما حصل مع السوبر ليغ، لذلك فإن كل المؤشرات تدل على اننا في بداية حرب يُعرف أولها ولا يُعرف معالم نتائجها.