تنتشر تميمة ​أولمبياد طوكيو​ اللطيفة "​ميرايتوا​" في جميع أنحاء المدينة المضيفة، لكنها تواجه منافسة في ​اليابان​ المعروفة بشغفها للتمائم، حيث تروّج هذه "الشخصيات" المحبوبة لكل شيء من السجون إلى الفحوص الطبية.

في بلاد "​هيلو كيتي​" و"​بوكيمون​"، تمنح هذه المخلوقات المحبّبة وجهًا ودودًا للشركات الخاصة والمؤسّسات العامة على حدّ سواء، والأكثر نجاحًا بينها تتمتع بشهرة مطلقة.

من التمائم المفضّلة لدى اليابانيين الإجاصة "​فوناتشي​" التي اشتهرت قبل عقد من الزمن كممثلة غير رسمية لمدينة ​فوناباشي​ الواقعة شرق طوكيو والمشهورة بالإجاص اللذيذ.

لا تملك جنسًا محدّدًا ومعروفة بظهورها التلفزيوني، استقطبت فوناتشي قرابة 1.4 مليون متابع على موقع تويتر وهي مشهورة جدًا لدرجة أن نزهة بسيطة في الشارع قد تجذب حشدًا من المعجبين.

وقالت الشخصية الصفراء في حديث مع وكالة فرانس برس: "من البديهي جدًا للراشدين أن يحبوا التمائم...كأننا أصدقاء".

غالبًا ما ربط الخبراء حبّ اليابان للتمائم بتقاليد دينية ومعتقدات التي يمكن للأشياء الجامدة أن تكتسب من خلالها روحًا.

وتوافق التميمة التي ترتدي قميصًا أزرق وربطة عنق حمراء على ذلك بالقول "غالبًا ما يجسّد اليابانيون الأشياء".

يمكن للتمائم أن تحصد الكثير من الأموال.

جنى ​تاكي كومامون​ الدب الأسود ذات الخدين الأحمرين الذي يروّج لمدينة كوماموتو الجنوبية 170 مليار ين (1.5 مليار دولار) العام الفائت للشركات المحلية التي تبيع السلع ذات علامات تجارية.

لن تفصح فوناتشي التي لا زال مؤسّسها مجهول الهوية عن أرقام مبيعات البضائع، لكن حشود المعجبين تتدفق يوميًا إلى متجر "فوناتشي لاند" في فوناباشي لشراء المنتجات ذات العلامات التجارية.

- "شعور بالشفاء" -

يعود تقليد التميمة في الألعاب الأولمبية إلى ميونيخ 1972، عندما أصبح الكلب الألماني "والدي" أول تميمة رسمية للألعاب. منذ حينها، ابتكر كلُ بلدٍ مضيف شخصيته الخاصة التي ترمز الى القيم الأولمبية وجوانب التراث الثقافي.

في أولمبياد طوكيو تمثل "ميرايتوا" شخصية ذات مظهر مستقبلي مع مربعات زرقاء مع عيون واسعة وأذنين مدببة.

التمائم في اليابان متقدمة في السن، إذ إن "شوكو أوهيرا" (62 عامًا) تدير مدرسة في طوكيو لتدريب الناس على الأداء كشخصيات محبوبة.

وتقول أوهيرا التي تشرف على المدرسة منذ 17 عامًا إن التمائم "تملك القدرة على جذب الناس إليها. يأتي الأولاد والابتسامة على محيّاهم. يمسكون أيادي (التمائم) ويعانقونها".

كما تقدّم هذه الشخصيات الفرصة للناس من أجل الخروج من مجتمع متصلب في بعض الأحيان.

وتؤكد أوهيرا التي أمضت سنوات وهي تظهر في برنامج شهير للأطفال على القناة العامة "أن إيتش كاي": "مع التمائم، يمكنك القيام بأمور لا تقوم بها مع أشخاص آخرين في اليابان".

يتدرب طلابها الذين يرتدون ملابس غير رسمية، أولاً على الحركات المبالغ فيها التي تؤديها التمائم عادة، قبل أن يرتدوا ملابس الباندا والقطط والسنجاب لاختبار مهاراتهم الجديدة.

تقول التلميذة نوبوكو فوجيكي (61 عامًا) إنها ترى "جانبًا مختلفًا" من ذاتها عندما ترتدي الزي، مضيفة "في اللباس، بإمكاني أن أكون أكثر صداقة وأكثر نشاطًا".

إلا أن هذه المهنة ليست سهلة، إذ إن عددًا قليلًا من التمائم يمكنها أن تجني الكثير من الأموال، كما أن الأزياء ثقيلة جدًا ومن الصعب أن يرى الشخص من خلالها وأن يتحملّها في أشعة الشمس الحارقة في اليابان خلال فصل الصيف.

إلا أن معلّمة الحضانة السابقة تقول إن الفرح الذي تشعر به يعوّض عن أي إزعاج "أتحمّس كثيرًا عندما أرى تميمة. لذا أريد أن أكون في مكانها وأمنح هذا الشعور الى الاشخاص الآخرين".

من جهتها، تعتبر فوناتشي التي تعشق فرقة أيروسميث الأميركية والمغني الإنكليزي أوزي أوزبورن، أن الناس غالبًا ما ترى في التميمة شخصًا بإمكانهم الوثوق به.

وتضيف "يسألونني عن نصائح بشأن الحياة والعمل...كيف بإمكانهم أن يكونوا قريبين من مديرهم الذين يكرهون أو كيف يتصرفن (الزوجات) مع زوج لا يضع الثياب المتسخة في سلّة الغسيل بشكل مناسب...يريدون شخصًا يقدرّ جهودهم. أعتقد أنهم يبحثون عن هذا في التمائم".

تقول الموظفة أساكو إيواتاتي (33 عامًا) التي تعمل في أحد المكاتب إن للتمائم تأثيرًا "يمكن أن يشفيها" تقريبًا.

وتتابع في حديث مع وكالة فرانس برس "عندما أعمل، يكون الامر مزعجًا ومرهقًا. ولكن عندما أرى تمائم طريفة، أشعر وكأنه حسنًا إنسي كل شيء آخر الآن".