لم يكن فوز ​إيطاليا​ بلقب ​يورو 2020​ محض صدفة بل كان نتيجة تخطيط متوسط الأمد ونهضة كروية واضحة للكرة الإيطالية واعتمدت على أسلوب لعب جديد تحت قيادة المدير الفني ​روبيرتو مانشيني​ وكان من بداية البطولة الفريق المرشح بقوة لنيل اللقب.

وعادة ما كانت تتميز الكرة الإيطالية بأنها مدرسة في الدفاع وتعتمد في تحقيق معظم انجازاتها على التكتل الدفاعي في الخلف وإغلاق المنافذ ثم اللعب الهجومي المرتد حتى أصبحت هذه المدرسة الكروية مرادفة للكرة الإيطالية ومن أشهر من مدرسة الكاتياناتشيو الشهيرة والتي تعد فخر الصناعة الكروية الإيطالية في الماضي الغير بعيد.

لكن المطلع على خبايا الكرة الإيطالية، يلاحظ وبشكل جلي، تغير النمط الكروي الإيطالي في السنوات الأخيرة مع ظهور مدربين مميزين رفضوا هذا الفكر الدفاعي المغلق وحدثوا الكرة الإيطالية حيث أصبحنا نرى فرقا إيطالية سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي فكنا نرى المدرب ماوريسيو ساري يلعب مع يوفنتوس ثم مع الفرق التي دربها ​كرة قدم​ تعتمد على الإستحواذ والضغط العالي وهذا كان تغييرا حقيقيا لهوية السيدة العجوز رغم عدم نجاحه الكبير مع الفريق ثم رأينا دي زيربي مع ​ساسولو​ و​دي فرانشيسكو​ مع روما بجانب ​سيميوني إينزاغي​ صاحب التجربة المميزة مع لاتسيو وصولا إلى جان بييرو غاسبيريني والذي قدم كرة أقل ما يقال عنها أنها رائعة مع أتالانتا وحوله من فريق مغمور إلى فريق مميز ليس على الصعيد المحلي فقط بل على صعيد المسابقة الأوروبية الأعرق أي دوري الأبطال.

هذا الإنقلاب الحقيقي في الكرة الإيطالية كان يمكن رؤيته بوضوح من خلال المعدل الهجومي التهديفي الذي زاد كثيرا حيث أصبحنا نرى الكثير من الأهداف في كل مباراة في الدوري الإيطالي ولم تعد الأمور محصورة بفرق تدافع وتعتمد على أخطاء الخصم كي تسجل بل أصبحنا نرى نماذج لعب هجومية مميزة مع خطط متنوعة من ال4-3-3 إلى ال4-4-2 وال3-4-3 وهي خطط هجومية بحتة حلت مكان خطة 3-5-2 و4-5-1 أو 5-4-1 التي كانت الكرة الإيطالية تتسلح بها وما زال بالطبع هناك بعض الفرق من الحرس القديم التي لا تحبذ تغيير هوية الكرة الإيطالية.

هذا التغير الخططي والتكتيكي الواضح، لاقاه الإتحاد الإيطالي للعبة في منتصف الطريق، وحاول نقله إلى المنتخب الإيطالي وهذا طبعا يحسب له فبعد الإخفاق الكبير المتمثل في فشل الوصول إلى كأس العالم 2018 في روسيا، سلم الإتحاد الإيطالي لكرة القدم دفة القيادة الفنية لمنتخب إيطاليا إلى روبيرتو مانشيني، المدرب صاحب الأفكار الهجومية البحتة والذي كان الرجل المناسب لإحداث التغيير المنتظر فمانشيني رجل يحب اللعب الهجومي وله تجارب ناجحة على صعيد الفرق التي دربها ولم يتأخر في نقل أسلوبه الكروي إلى المنتخب الإيطالي ولاعبيه الذين كانوا جاهزين لهذه التجربة ليقدم المنتخب الإيطالي فترة مميزة في التصفيات فتأهل لليورو دون أي صعوبات تذكر ونجح في البطولة الأوروبية الاخيرة من فرض اسلوبه الهجومب من خلال ال 4-3-3 ليتوج في النهاية بلقب أوروبي طال انتظاره إضافة إلى منتخب من الصعب تماما هزيمته والتفوق عليه.