من ​ميلانو​ الى نابولي، ومن روما الى ​باليرمو​. إيطاليا تحتفل بالـ"كامبيوني" بعد تتويج منتخب كرة القدم بلقب كأس أوروبا الأحد على حساب إنكلترا بركلات الترجيح، ما جعل البلاد تنسى ما عانته من مأساة جراء تفشي فيروس كورونا.

وبعدما كانت مركز تفشي الوباء في القارة الأوروبية، تحولت الشوارع الإيطالية ليل الأحد الإثنين الى مهرجانات تنسيها وإن كان لفترة وجيزة ما عانت منه البلاد جراء "كوفيد-19" الذي حصد حتى الآن قرابة 128 ألف ضحية في البلاد من أصل أكثر 4 ملايين و270 ألف إصابة.

في قلب العاصمة وفي أجواء صيفية معتدلة، أطلق الإيطاليون العنان لأبواق سياراتهم وسط ضباب ناجم عن المفرقعات النارية، احتفالاً بالتتويج القاري الثاني بعد الذي تحقق عام 1968.

ويحمل التتويج القاري الذي تحقق الأحد على حساب الإنكليز في معقلهم "ويمبلي"، نكهة خاصة للإيطاليين ليس بسبب ما عانوه جراء الجائحة وحسب، بل لأن المنتخب الوطني كان غائباً عن مونديال روسيا 2018 بعد سقوطه في الملحق القاري أمام السويد، ما حرمه من المشاركة في العرس العالمي للمرة الأولى منذ 60 عاماً.

وما أن أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة في لندن، غادر الإيطاليون مع إعلامهم بالألوان الأحمر والأبيض والأخضر مناطق المشجعين التي تم استحداثها من أجل متابعة البطولة القارية بالقرب من الكولوسيوم أو ساحة "بياتسا ديل بوبولو" في العاصمة من أجل التجمع والالتقاء في ساحة "بياتسا فينيتسيا" بالقرب من النصب التذكاري للملك فيكتور-إيمانويل الثاني، أب إيطاليا الموحدة.

وبعبارتي "فورزا إيطاليا! كامبيوني دوروبا!"، أبتهج المشجعون وسط أصوات المفرقعات النارية والزجاج المكسور، بينهم إتيان وابنته فيفيان اللذان كانا في عجلة من أجل العودة الى المنزل تجنباً للازدحام.

وفرحة الفتاة الصغيرة مزدوجة لأن التتويج سيمنحها ما تحبه وهو "تناول المثلجات".

وكان هناك العديد من الذين تمنوا انتصاراً مزدوجاً لبلادهم مساء الأحد، لكن الفرحة لم تكتمل بعد خسارة ماتيو بيريتيني نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش على بعد كيلومترات معدودة من مسرح نهائي كأس أوروبا.

لكن تبقى الأمسية تاريخية بفضل رجل النهضة الكروية الإيطالية روبرتو مانشيني الذي قاد المنتخب الى التتويج القاري بمباراته الرابعة والثلاثين توالياً من دون هزيمة.

ورأى بييرو احد انصار المنتخب الايطالي في تصريح لوكالة فرانس برس أنه "لا يمكننا الفوز بكل شيء!" و"الأهم كانت كأس أوروبا. هذا عامنا" بحسب ما أفادت صديقته فيديريكا.

- "البسمة عادت للإيطاليين" -

كان من النادر رؤية الكمامات الواقية بين الحشود الجماهيرية نتيجة عدم فرضها بشكل إلزامي في الأماكن المفتوحة منذ نهاية الشهر الماضي.

وكان هناك جدل ما إذا كان سيسمح بتثبيت شاشة عملاقة في الملعب الأولمبي في العاصمة أم لا. لكن السلطات حسمت الأمر ورفضت السماح بذلك خوفاً من تفشي العدوى في سياق تطور متغير دلتا.

على الورق، التجمعات كانت ممنوعة. لكن عملياً، كان من الصعب جداً الوقوف حائلاً دون تجمع الصغار والكبار على السواء بعد شهور طويلة من خسارة الحياة الاجتماعية العادية.

وتحت أشجار الصنوبر البالغة من العمر مئة عام والمنتشرة على طريق "فيا داي فوري إمبريالي" الذي يصل "بياتسا فينيتسا" بالكولوسيوم، راقبت الشرطة بعيون مرحبة موكب المشجعين المبتهجين لأنه بعيدًا عن الأداء الرياضي، تريد البلاد الإيمان بأن تتويج المنتخب الوطني سيسمح لها بإغلاق الفصل المميت لوباء "كوفيد-19" الذي كانت إيطاليا محطته الأولى في القارة الأوروبية في شباط/فبراير 2020.

ولا تزال صور الشاحنات العسكرية الإيطالية المحملة بالنعوش عالقة في الأذهان، ليس في البلاد أو أوروبا وحسب، بل في العالم بأكمله.

وعلى غرار معظم الإيطاليين، رأى بييرلويجي دي أميتشيس (51 عاماً) أن التتويج كان بمثابة "عملية إنقاذ بعد عام ونصف من الجائحة والمعاناة والموت"، مضيفاً "لنأمل ألا يفسد متغير دلتا كل شيء".

وما كتبته صحيفة "كورييري ديلا سيرا" يعكس الواقع الإيطالي بعد الذي حصل الأحد، بقولها "بعد أكبر مأساة إيطالية منذ الحرب (العالمية الثانية)، البسمة عادت للإيطاليين مجدداً".