حمل الكأس الكبيرة كمولوده الصغير، وفرح اللاعبون لفرحه أكثر من تتويج بلادهم باللقب الأول منذ 28 عاماً. هي ليست حكاية من نسج الخيال، ولا قصة من الماضي، إنما هو المشهد الختامي لبطولة ​كوبا أميركا 2021​، والذي أنصف أخيرا ليونيل ميسي و​منتخب الأرجنتين​ بالصعود الى منصة التتويج للمرة الأولى مع منتخب بلاده بالنسبة لأفضل لاعب في العالم.

هي البطولة المؤجلة من العام الماضي بسبب جائحة كورونا، لكنها في الحقيقة هي "بطولة ليونيل ميسي" بكل تفاصيلها ومعانيها وحتى في ختامها، هو القائد البطل، وأفضل لاعب في البطولة وهدافها وصاحب أكثر تمريرات حاسمة فيها، لذلك ربما كان الإنتظار مملاً حتى يشاهد عشاق الارجنتين وليونيل ميسي تلك اللحظة، لكنه انتظار أثمر أخيراً عن حائط صدّ لكل الانتقادات التي كانت توجّه لنجم برشلونة الفائز بكل شيء مع ناديه و"لا شيء" مع منتخب التانغو.

ربما لست من مشجعي برشلونة ومنتخب الأرجنتين، لكن الحق يقال ان النجم ليونيل ميسي تحمل الكثير من الإنتقادات، ووجد جحوداً لا محدود حتى من ابناء جلدته، وعرف حقداً ونفوراً حتى من داخل غرفة ملابس المنتخب الأرجنتيني، وعلى أرض الملعب، كان ينتظر الكرة ولا تأتيه، ثم يمرر ولا يجد انتباهاً من زملائه وهو ما انعكس على ادائه لدرجة افتعاله المشاكل من أجل الخروج كما فعل في النسخة الماضية مع اللاعب التشيلي غاري ميديل في مباراة المركزين الثالث والرابع.

من الواضح ان الأمور كلها اختلفت في النسخة الحالية لكوبا اميركا مع تعيين ​ليونيل سكالوني​ مدرباً رغم المعارضة الشديدة من جانب اللجنة التنفيذية لاتحاد الكرة، هو مدرب شاب يكبر ميسي بأقل من عشر سنوات تقريباً، لكنه تمكن من ايجاد جيل جديد للكرة الارجنتينية مدعماً ببعض عناصر الخبرة، ثم قال لميسي هؤلاء معك اذهب وحقق الانجاز.

​​​​​​​

أراد ميسي ان تحمل البطولة الحالية اسمه، وهو لم يبخل عليها وعلى عشاقه منذ اللحظة الأولى وحتى صافرة الحكم في المباراة النهائية على الرغم من انه لعب مصاباً أمام ​البرازيل​، لكن من يعرف ميسي يدرك انه لم يترك لحظة واحدة من أجل تحويل الحلم الى حقيقة حتى جاءت تلك اللحظة التي ستعود فيها الارجنتين مرشحة للفوز بالبطولات الكبرى كما كانت ابان الجيل الذهبي بقيادة الراحل ​دييغو ارماندو مارادونا​.

​​​​​​​

اليوم بات ليونيل ميسي صانع السعادة والفرح لمنتخب الأرجنتين، واليوم بات بإمكانه ان ينام مرتاح البال مطمئناً لا بل قادراً على تحديد موعد التوقف عن الكرة، أو ربما الإنطلاق نحو أمر أجمل ليس ببعيد، ألا وهو نهائيات ​كأس العالم 2022​ في قطر، هذا المونديال الذي سيضع من دون ادنى شك منتخب التانغو بقيادة ليو واحداً من أبرز المرشحين للتتويج بأول بطولة كأس عالم تقام في الشرق الأوسط.