يمكن اعتبار النسخة الحالية من بطولة ​كوبا اميركا​ "تقليدية" الى حد كبير، خاصة في ظل غياب المفاجآت الفعلية بعد تأهل البرازيل الدولة المضيفة وحاملة اللقب، ومنافستها الأرجنتين الى الدور نصف النهائي لمواجهة البيرو وكولومبيا توالياً، وهو مؤشر لم يخالف التوقعات حتى الآن باحتمال مواجهة ساخنة ومنتظرة في المباراة النهائية بين القوتين الكبيرتين في اميركا الجنوبية ونعني البرازيل والأرجنتين.

من الواضح ان العالم كله وليس اميركا الجنوبية، ينتظر تلك المواجهة النهائية بين منتخبي السامبا والتانغو، وبشكل أدق المواجهة بين أفضل لاعب في العالم ليونيل ميسي وزميله السابق في برشلونة البرازيلي ​نيمار​، مع الأخذ بعين الإعتبار ما يشكله اللقاء بين البرازيل والأرجنتين دائماً من إثارة واهتمام في شتى أنحاء القارة والعالم.

وبالنظر الى الاداء الذي قدمه كل من المنتخبين البرازيلي والأرجنتيني حتى الآن، فإن كل المعطيات تبدو متوافقة مع الترشيحات، وأن اللقاء المنتظر بين الغريمين التقليديين ليس إلا مسألة وقت، بانتظار ان يعبرا بسلام من الدور نصف النهائي دون التقليل من شأن منافسيهما في هذا الدور أي البيرو وكولومبيا، إلا ان التفوق الفني لرفاق ميسي ونيمار على جميع المنتخبات، بدا واضحا من خلال دور المجموعات والدور ربع النهائي.

وبغض النظر عمّا يمكن ان تستقطبه المباراة النهائية لكوبا اميركا في حال جمعت البرازيل والأرجنتين، من اهتمام جماهيري واعلامي حول العالم، إلا ان تلك المواجهة ستحمل في طياتها الكثير من الحسابات القديمة والتي لا تزال عالقة وتصل إلى أكثر من 28 عاماً.

يدرك الأرجنتينيون قبل غيرهم أهمية تلك البطولة بالنسبة لهم لكون منتخب التانغو ما يزال غائباً عن البطولات الكبرى منذ عام 1993 وهي المرة الأخيرة التي فازت بها بلقب كوبا اميركا، كما انهم يعرفون جيداً ماذا يشكل الفوز بالنسبة لنجمهم ليونيل ميسي والذي عجز طوال السنوات الماضية عن تحقيق لقب مع منتخبه الوطني، وهو أمر لطالما استخدمه منتقدوه مع اجراء أي مقارنة "رقمية" بينه وبين نجوم آخرين ومنهم البرتغالي كريستيانو رونالدو، على الرغم من ان ميسي حقق كل شيء على صعيد الألقاب الفردية والجماعية مع ناديه برشلونة.

الأمر الآخر ان الارجنتينين يرون من خلال الوصول الى النهائي ومواجهة البرازيل فرصة للانتقام والثأر، بعدما تسبب منتخب السامبا في حرمانهم من اللقب مرتين عامي 2004 و2007 بخسارتهم المباراة النهائية مرتين متتاليتين أمامه، وهو أمر ان تحقق، فسيكون له طعم مختلف لكونه حدث على الأراضي البرازيلية.

في المقابل يعرف البرازيلي نيمار ان قيادته منتخب بلاده للفوز باللقب وعلى حساب الارجنتين، سيثبّت من محاولاته الحثيثة لكي يكون الملك الجديد للكرة البرازيلية، وان كانت الهوة بينه وبين من سبقه في هذا المجال عميقة وكبيرة.

يبقى القول ان وصول البرازيل والأرجنتين الى المباراة النهائية سيكون مسك ختام بطولة مرت بظروف عصيبة قبل انطلاقتها، لكن في المقابل هو عنوان لقمة وحسابات قديمة طال انتظارها.