اعتقد كثيرون بأن أحداً لن يتمكن من هزّ عرش "الشهريار" (الملك) ​علي دائي​ الذي تربّع لأعوام طويلة على زعامة أفضل الهدافين على الصعيد الدولي بتسجيله 109 أهداف في 149 مباراة خاضها مع ​منتخب إيران​، لكن نجم البرتغال ​كريستيانو رونالدو​ جاء من بعيد ليصبح قريباً جداً من إضافة رقم قياسي جديد الى سجله الأسطوري.

بهدفه في مرمى ألمانيا السبت (2-4) في الجولة الثالثة من دور المجموعات لكأس أوروبا الموزعة مبارياته في النسخة الـ16 على 11 بلد أوروبي، وثنائيته الثلاثاء أمام المجر (3-صفر) في الجولة الثانية، رفع رونالدو رصيده إلى 107 أهداف في 177 مباراة بقميص بلاده حاملة اللقب القاري، وبات بالتالي على بعد هدفين من "شهريار"، أي الملك بالفارسية.

وردّد دائي أكثر من مرة بأنه سيكون سعيداً لو نجح رونالدو في تحطيم رقمه القياسي الذي تحقق بين 1993 و2006، لأنه يرى بمهاجم يوفنتوس الإيطالي الحالي ومانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد الإسباني السابق بين أفضل ثلاثة لاعبين في تاريخ اللعبة الى جانب الأرجنتينيين ليونيل ميسي والراحل دييغو مارادونا.

وقال دائي لوكالة "خبر أونلاين" في 2018 إن "الأرقام القياسية وجدت لكي تُحَطَم"، مضيفاً "يملك رونالدو حقاً المؤهلات لتحقيق ذلك. أحترمه كثيراً. إنه لاعب رائع لدرجة أنه ليس من الضروري أن نكيل المدح به".

ومطاردة رونالدو للأرقام القياسية، وأبرزها أفضل هداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا وأفضل هداف في تاريخ نهائيات كأس أوروبا، تبهر الصحافة الإيرانية حيث تنشر مقالات عنه في كل مرة يقترب فيها اللاعب البالغ من العمر 36 عاماً من حصيلة دائي.

وتألق دائي بشكل خاص في مواجهة المنتخبات الآسيوية، حيث سجل خمسة أهداف في الفوز 7-صفر على سريلانكا عام 1996، وأربعة أهداف في مباراة واحدة خلال أربع مناسبات، بما في ذلك الفوز التاريخي في تصفيات كأس العالم على غوام 17-صفر.

لكن مؤهلاته ليست محصورة بالتسجيل وحسب، بل هو من صنع هدف الفوز الذي سجله مهدي مهدافيكيا في الفوز التاريخي لإيران على غريمتها السياسية الولايات المتحدة 2-1 في كأس العالم 1998.

كما حمل دائي شارة قيادة بلاده في كأس العالم 2006 قبل اعتزاله كرة القدم الدولية وهو في السابعة والثلاثين من عمره.

وكان دائي أول إيراني يلعب في إحدى الدوريات الأوروبية الكبرى، وذلك في ألمانيا حين دافع أولاً عن ألوان أرمينيا بيليفيلد ثم العملاق بايرن ميونيخ وممثل العاصمة هرتا برلين.

وبعد تحوّله الى التدريب، اشتهر دائي بصراحته وكان يتشاجر مع الحكام ومدربي الفرق المنافسة ورؤساء الأندية.

- أسطورة حية -

لكن ابن الـ52 عاماً لا يزال أسطورة حية في وطنه، حتى أن عدد متابعيه على انستاغرام وصل الى 6,7 مليون شخص.

توزّعت نشاطات دائي بعد الاعتزال على مجالات مختلفة، بما في ذلك الأعمال التجارية، كما أنه حاصل على شهادة في الهندسة من جامعة شريف المرموقة في طهران.

على الصعيد السياسي، يختلف أحياناً مع النظام الحاكم الذي تولى السلطة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وكإحدى الشخصيات النادرة التي تعمل في المجتمع المدني في إيران، لدائي مواقف بشأن القضايا الاجتماعية والإنسانية الرئيسية.

في عام 2017، حين كان إمداد المساعدات من السلطات بطيئاً، أطلق حملة لدعم الأهالي في محافظة كرمانشاه الغربية بعد الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 600 شخص.

لكن دائي كرر دائماً إنه لن يدخل معترك السياسة، وهو قال في حديث لموقع "ورزش" الشهر الماضي "أخبرني والدي الراحل ألا أفكر في السياسة وألا أنخرط شخصياً. لم ولن اؤيد أيّ مرشح في الانتخابات الرئاسية الايرانية".

دائي الآن رجل أعمال ناجح إذ يملك شركة ملابس رياضية، وهو أيضاً مدير مسؤول عن مشاريع البناء في شمال طهران، وقد يكون ذلك المجال الوحيد الذي ما زال متاحاً له من أجل منافسة رونالدو الذي يروّج لسلسلة فنادق تحمل اسمه، إذا نجح البرتغالي في التفوق على "شهريار" في أرض الملعب بانتزاع رقمه القياسي.