الكثير من المعطيات يمكن استخلاصها من المباراة النهائية ل​دوري أبطال أوروبا​ والتي انتهت بتتويج ​تشيلسي​ بطلاً على حساب المرشح الأبرز مانشستر سيتي، تلك المواجهة أعادت الى الأذهان الحديث عن قدرة "لغة المال" في قيادة فريق للفوز باللقب الأوروبي، وأكدت مرة أخرى ان الإنفاق المبالغ فيه بالتعاقد مع لاعبين ومدربين على مستوى عال لا يمكن ان يحقق الهدف، لأن الصعود إلى منصة التتويح يتطلب فكراً فنياً على أرض الملعب لا فلسفة بعيدة عن الواقع وما يحدث على المستطيل الأخضر.

المعركة بين بيب غ​وارديولا​ ​وتوماس توخيل​ حسمتها الواقعية بعدما أحسن المدرب الألماني استيعاب فلسفة مدرب السيتي غير المبررة في المباراة النهائية، فالرهان الذي بنى عليه غوارديولا فلسفته طوال هذا الموسم والايحاء بقدرته على التتويج بدوري أبطال أوروبا من دون رأس حربة، سقط بالضربة القاضية أمام مدرب تولى تدريب البلوز منذ خمسة أشهر فقط، وأمام فريق صرف أقل من ربع الميزانية التي أنفقها السيتي هذا الموسم.

صحيح ان تشيلسي استحق الفوز بدوري أبطال أوروبا عطفاً على مجريات مواجهته أمام مانشستر سيتي، لكن من المهم القول ان المدرب توماس توخيل أثبت خلال فترة وجيزة انه أحد أفضل المدربين في العالم،مدرب قادر على تحقيق أهم الألقاب معتمداً على ذكائه في فهم الخصم وامكانياته وإدارة مجريات المباراة وفق ما تقتضيه ظروفها وطريقة سير اللعب خلالها.

وفي المقابل فإن لعنة دوري أبطال أوروبا لا تزال تطارد طموحات بيب غوارديولا منذ خروجه من برشلونة وتحقيقه اللقب مرتين بوجود نخبة من اللاعبين وفي مقدمتهم ليونيل ميسي، فهو لم ينجح في تحقيق اللقب لا مع بايرن ميونيخ ولا مع مانشستر سيتي على الرغم من وصوله مراراً وتكراراً للأدوار الإقصائية، لذلك فإن كل التوقعات كانت توحي بقدرة المدرب الإسباني على فعلها هذه المرة مع بلوغه المباراة النهائية للمرة الأولى، لكن بيب وبدلاً من تأكيد الترجيحات والصعود الى منصة التتويج، ضاع بين أفكار غير مجدية وخطط عقيمة.

من الواضح ان الفوز بدوري أبطال أوروبا لا يحتاج فقط الى مدرب كبير ولاعبين لديهم قيمة مالية كبيرة، بقدر ما يحتاج الى ذهنية هدفها الفوز باللقب، وهذا ما ظهر جليا من خلال ما قدمه رجال توخيل على ارض الملعب على عكس رجال غوارديولا الذين بدوا غير حاضرين ذهنياً ومؤمنين مسبقا بلغة الفوز على الخصم، وهنا يأتي دور غرفة الملابس التي تلعب دوراً حاسماً قبل اي خطط فنية.

واذا كانت خسارة السيتي لنهائي أبطال أوروبا لا تلغِ الفكر الكروي الكبير للمدرب بيب غوارديولا، الا ان تعرض فريقه للخسارة ثلاث مرات امام الخصم عينه وخلال 42 يوماً يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول طريقة اعداد اللاعبين لمثل تلك المواجهات، وهو أمر سيجعل غوارديولا أمام اختبار مهم في الموسم المقبل.

يبقى القول ان الاوان قد آن بالنسبة لبيب غوارديولا من أجل تغيير فلسفته في دوري أبطال أوروبا بعدما اثبتت كل التجارب السابقة عدم قدرتها على انتشاله من منصات التتويج المحلية منذ رحيله عن برشلونة.