هو لاعبٌ لا يحب الاضواء ويتمتع بشخصية خجولة ومحببة. إلا ان حضور لاعب الوسط الدولي ​نغولو كانتي​ بطل العالم عام 2018 مع ​منتخب فرنسا​ على ارض الملعب لا يمر مرور الكرام بفضل تحركاته وقطعه للكرات وتواجده في كل زاوية. وهذا ما سيحاول تكراره في احد أهم استحقاقاته عندما يلتقي فريقه ​تشيلسي​ مع مانشستر سيتي في النهائي الانكليزي لدوري ابطال اوروبا لكرة القدم السبت في بورتو.

ارتجل مشجعو منتخب الديوك أغنية له في ذاك الصيف في مونديال روسيا على أنغام الأغنية الشهيرة "لي شان اليزيه" للمغني الفرنسي جو داسان عام 1969. وتقول ترجمة الأغنية المبتكرة "إنه صغير، إنه لطيف، لقد أوقف ​ليو ميسي​"، نجم المنتخب الارجنتيني خلال الدور ثمن نهائي في ​كأس العالم​.

يتطلب الأمر جهدًا كبيرًا للوصول إلى القمة في كرة القدم مثل كانتي، حيث فاز بلقبين في الدوري الإنكليزي الممتاز، ولقب في كل من الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" وكأس انكلترا بالإضافة إلى وصوله الى المجد الكروي في كأس العالم. فيما يبقى لقب دوري الابطال غائبًا عن خزائنه.

ورغم ذلك، كلُ من التقى كانتي منذ بداية مسيرته في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس يعتبر أن ما من لاعبٍ يشبه ابن الـ30 عامًا.

يقول كريم المُدخل، مدرب كانتي السابق في حديث مع وكالة فرانس برس "كل مرة يعود الى باريس، يأتي لزيارتنا".

- مثال أعلى -

ويتابع "لكنه لا يقوم فقط بزيارة عابرة، يبقى ليأكل معنا ويحرص على التقاط الصور مع الجميع وعلى اللعب مع الاولاد".

نشأ كانتي المولود من أب وأم من مالي، في أسرة كبيرة في حارة هادئة في رويال-مالميزون، غرب العاصمة الفرنسية.

لدى المُدخل حكايات لا تنتهي يرويها بالإضافة إلى مقاطع فيديو حديثة عن كانتي وهو يلعب كرة القدم مع أولاد الحي الذين يجدون في الدولي الفرنسي مثالهم الاعلى.

ويقول "في الصيف هنا، يرتدي الجميع قمصان كايان وليستر وتشيلسي ومنتخب فرنسا".

يُعتبر كانتي شخصًا محبوبًا ويحظى باحترام على نطاق واسع بسبب دفئه وتواضعه. كما اكتسب كلاعب سمعة جيدة لكونه كريمًا ومنعزلاً.

ويروي المدخل "لم يصبح أبدًا مغرورًا، لم يتغير أبدًا. أشقاؤه ايضًا مثله، أرغب أن أعرف كيف تمكنوا من القيام بذلك".

- لا يغضب أبدًا -

إذا سألتم مدربه السابق عمّا إذا يتذكر غضب كانتي أثناء إحدى المباريات أو إظهاره لأي مشاعر سلبية، يجاوب "أحاول التفكير في شيء لكنني بصراحة لا أتذكر أي حادثة. لم أره يغضب أبدًا منذ أن عرفته".

ويتابع "ومع ذلك، إذا كان يحق لأي شخص أن يغضب، سيكون هو بالنظر إلى عدد المرات التي تعرض فيها للاخطاء حين كان يلعب في سورين".

فهناك، على ضفاف نهر السين، لعب كانتي في صغره.

على عكس العديد من نجوم كرة القدم في العصر الحديث، لم يلتحق كانتي بأكاديمية في أي نادٍ محترف. امتلك الموهبة، ولكن شخصيته وصغر حجمه لعبا دورًا ضده.

وكشف بيار فيل، أحد المسؤولين في سورين الذي لعب كانتي لصالحه في طفولته ومراهقته (1999-2010) لفرانس برس عام 2018 "نغولو ليس شخصًا يبرز نفسه، لذا خلال التجارب لم يكن ظاهرًا".

بدأت مسيرته تتغير عندما انتقل الى شمال فرنسا للالتحاق بفريق بولون عن 19 عامًا في 2010.

ارتقى بعدها الى الفريق الاول في عام 2012 الذي كان حينها ينافس في الدرجة الثالثة ومن ثم الى كايان في 2013 حيث ساهم في صعود الفريق الى دوري الاضواء.

وبعد موسم واحد فقط في دوري النخبة في فرنسا، انتقل كانتي الى ليستر سيتي في 2015 عن 24 عامًا وكان أحد أبرز النجوم الذين ساهموا في التتويج التاريخي للفريق بلقبه الاول في الدوري موسم 2015-2016.

انتقل في العام التالي الى تشيلسي حيث سطع نجمه على مر السنوات وتوج معه بلقب الدوري الممتاز والكأس ويوروبا ليغ، واختير رجل المباراة في لقاءي الذهاب والاياب في الدور نصف النهائي من دوري الابطال هذا الموسم ضد ريال مدريد الاسباني.

ويقول المُدخل "ما إن وقّع مع بولون أدركتُ ان مسيرته انطلقت".

وعلى ساحل بحر المانش، ترك كانتي المتوج بجائزة أفضل لاعب في انكلترا لموسم 2016-2017، ذكريات جميلة.

يستذكر كريستوف ريمون الذي أشرف على الفرنسي في الفريق الرديف لبولون سور مير بين 2010 و2012 "ما كان يلفتني هو رغبته في المثابرة والتقدم. كان أشبه بالاسفنجة، يمتص كل النصائح من مدربيه".

ويردف "كنا نشعر انه يملك الموهبة ولكن سأكذب لو قلت إننا اعتقدنا أنه سيصل الى ما وصل اليه".