حين أنهى ​مرسيليا​ الموسم الماضي ثانياً في ترتيب فرق الدوري الفرنسي لكرة القدم، ونجح في التأهل الى ​دوري أبطال أوروبا​ بعد فترة غياب طويلة، كانت كل التوقعات تشير الى ان الفريق سيكون له كلمته في الاستحقاقات المقبلة، خاصة وان مرسيليا تمكن من الفوز على ​باريس سان جيرمان​ البطل في المرحلة الثانية من هذا الموسم.

لكن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد في الاشهر الماضية وأدى لخروح الفريق من دور المجموعات بحلوله في المركز الأخير بانتصار وحيد، ليتفاقم الوضع في الآونة الأخيرة مع عدم قدرة رجال المدرب ​اندريه فيلاش بواش​ على تحقيق اي فوز في المباريات الخمس الأخيرة في جميع المسابقات.

إلا أن اللافت كان القرار الذي اتخذته جماهير النادي بوضع حد لتلك النتائج السيئة في ظل إحجام إدارة ​جاك هنري إيراود​ عن التدخل، وهو أمر غالباَ ما نشاهده في الدوريات المتقدمة، لأن مشهد اقتحام منشآت النادي واطلاق المواد الحارقة وما نجم عنه من تخريب واعتقالات لمشجعين، ربما يكون بمثابة تعويض لتلك الجماهير الغائبة عن المدرجات منذ فترة بسبب جائحة كورونا.

لطالما استخدمت الجماهير الرياضية وتحديداً في اوروبا المدرجات مكاناً للتعبير عن سخطها وغضبها من النتائج السيئة لفرقها، حيث غالباً ما شهدت مدرجات سانتياغو برنابيو احتجاجات على تراجع مستوى غاريث بايل وكريم بنزيمة، وكذلك مدرجات أولدترافورد وغيرها، لكن ما حصل خارج مقر تدريبات فريق مرسيليا ينبئ ببداية مرحلة جديدة من تعاطي المشجعين مع الأزمات السيئة.

من الواضح ان تأجيل مباراة مرسيليا ورين في الدوري الفرنسي لن يحل المشكلة، لأن الجماهير الغاضبة لن ترضى بأقل من إقالة المدرب فيلاش بواش على الرغم من أن الاخير ألمح للرحيل مراراً وتكراراً، ومع ذلك فإن اتجاه الجماهير الى اسلوب العنف ربما يكون لديه الكثير من الانعكاسات السلبية مستقبلاً على النادي بشكل عام ولاعبيه ومدربه بشكل خاص.

يمكن ان تشكل خطوة اقتحام الجماهير لمنشآت نادي مرسيليا بداية لمرحلة جديدة تؤسس لتحركات أخرى في أماكن مختلفة في أوروبا، الأمر الذي سيضعنا أمام منحى خطير في التعبير عن الرأي بحيث تصبح حياة اللاعبين مهددة خارج حدود الملعب وهو أمر لا ترغب به السلطات الفرنسية ولا أي جهة مسؤولة أخرى في اوروبا.

من هنا يمكن اعتبار خطوة إعادة الجماهير الى المدرجات ولو بصورة جزئية فرصة هامة لتنفيس الاحتقان على الرغم من ان القيام بتلك الخطوة دونه عقبات حتى الآن في ظل عودة فيروس كورونا للانتسار مجدداً وبشكل أقوى عن ما شهدناه سابقاً، لكن في مطلق الأحوال فإن مرسيليا مقبل على تحولات عدة لن تبقى محصورة في الجانب الفني، انما قد تتخطاه الى استقالة الادارة في وقت ليس ببعيد.