نجح أسطورة كرة القدم دييغو أرماندو ​مارادونا​ في الجمع بين التناقضات من خلال مسيرته داخل وخارج الملعب، لكن الأهم من كل ذلك انه قدم خلال مسيرته عالماً "خاصاً" به، لا يمكن أن ينافسه عليه أحد حتى أفضل الأساطير في العالم، كما لا يمكن ان نتخيل وجود مارادونا من دون هذا العالم، أو بغياب تلك التناقضات بمختلف أشكالها، وهذا ما وضعه في كفة وبقية نجوم وأساطير الكرة المستديرة في كفة أخرى.

استحق مارادونا أن يكون له عالماً مختلفاً لم نشاهده ولن نرى مثله، لانه ببساطة "عالم مارادونا"، هذا العالم الذي جمع الأثرياء والفقراء على حد سواه، لكنه كان دائماً صديق من لا مأوى لهم ولا مُلهم لهم في هذه الدنيا البائسة، سوى لاعب كرة قدم آمنوا بموهبته وجعلوه "زعيماً" لهم.

طلبوا منه ابداعاً في القدم فإعطاهم اليد والقدم، حتى عشقنا الإثنتين معاً رغم اختلاف القوانين والتشريعات، وكأن محبو دييغو أرماندو مارادونا أرادوا قانوناً مختلفاً عما نشاهده، وأنظمة مغايرة لما هو معمول في عالم كرة القدم، لكن عبر لاعب وحيد لا شبيه له في الوقت الحالي.

طلب منهم أن يحبوه على طريقته، فأحبوا الأرجنتين ومنتخب التانغو، وحفظوا نشيد البلاد وأسماء أندية كرة القدم واللاعبين والمدربين، فكان الوفاء متبادلاً ومستحقاً للاعب لم تنجب كرة القدم مثيلاً له، ولم تعرف الطبيعية قانوناً مختلفاً للعبة كما عرفها هو وقدمها لجماهيره في كل أنحاء العالم، فكان المثال والأمثولة على الرغم من انه عشق دائماً فقص الإتهام وأحب الفضائح والمؤمرات، لإدراكه الواضح انها لن تهزه، ولن ترسم علاقة مختلفة مع جماهيره الذين احبوه كما هو وكما يريد.

كان دييغو أرماندو مارادونا هو من يصنع الأحداث، لكونه كان يدرك جيداً انه خارج إطار الزمان والمكان، بمعنى ان جماهيره أحبته وأشفقت عليه وتابعته ودافعت عنه، بحيث لم تكن الانجازات او البطولات هي المعيار لعلاقة الود بين مارادونا وجماهيره حول العالم، على الرغم من ان ماراونا كان خارج الزمن الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك كان امتداد الحب بلا حواجز أو حدود.

رحل مارادونا دون أن يحصد الانصاف من القنوات الرسمية وأولها ​الاتحاد الدولي لكرة القدم​ الذي اعتبر مارادونا يوماً ما "عدوه"، لكن ابن الستين عاماُ يرحل مطمئناً للحب الأسمى وهو حب الجماهير، هذا الحب لا يمكن أن يمحيه رحيل او غياب، ولا يمكن ان يكون من نصيب أي من نجوم العالم على مر التاريخ، لكن من رحل هو الشغف والفن، ومن بقي هي تلك السيرة العظيمة للاعب لطالما كان محبوب الجماهير وملهمهم وقدوتهم، وهو الأمر الذي لطالما جعل مارادونا لاعباً من كوكب آخر!

كان دييغو ارماندو ماردونا ثائراً على أرض الملعب ومقاوماً خارجها، ومن أجل ذلك أحبه الفقراء وسكان الأحياء والأزقة لأنه كان يمثل طموحاتهم وسعادتهم غير آبه بكل محاولات التوريط او الوحول التي سبح فيها خلال تواجده مع نابولي، لكونه كان يدرك جيداً ان غالبية الجماهير ستسامحه بمجرد ان تضع ابداعاته في ميزان الحياة الني عاشها وغادرها في ظرف حالك وسيئ للغاية.