بعد 24 عاماً من بدء صداقتهما في تورينو، يلتقي الفرنسي زين الدين ​زيدان​ والإيطالي أنتونيو ​كونتي​ مجددا في 3 تشرين الثاني 2020، ولكن هذه المرة كمدربين ل​ريال مدريد​ الإسباني وإنتر ميلانو تواليا، في الجولة الثالثة من دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم.

من لاعبين نموذجيين إلى مدربين غريمين، سيتعين على كونتي وزيدان أن يضعا صداقتهما جانبا، لمحاولة إنقاذ مشوار فريقيهما، إنتر وريال اللذين يحتلان المركزين الثالث والرابع على التوالي في المجموعة الثانية، بعد انطلاقة متعثرة في المسابقة القارية العريقة.

تاريخهما المشترك والممتد لنحو ربع قرن، سيشهد فصلاجديدا ذلك لأن كونتي وزيدان يعرفان بعضهما أكثر من أي شخص آخر: كلاعبين، كانا شريكين لخمسة مواسم مع يوفنتوس، وهي المواسم التي شهدت بزوغ "زيزو" على الساحة الدولية (1996-2001)، حيث توج على الخصوص بلقبين في الدوري الإيطالي، وبلغ مباراتين نهائيتين في مسابقة دوري الأبطال عامي 1997 و1998، بالإضافة إلى إنجازين تاريخيين مع منتخب الـ"ديوك" في كأس العالم 1998 وفي أمم أوروبا 2000.

لعب الصديقان حوالي 131 مباراة سويا بقميص الـ"بيانكونيرو"، بحسب إحصائيات الصحافية الإيطالية، وبقيا رفيقين منذلك الوقت.

قبيل مواجهتهما الأولى كمدربين، في تموز/يوليو 2016 خلال مباراة ودية بين ريال وتشيلسي الإنكليزي في الولايات المتحدة، كال كونتي الذي كان وقتها مدربا للنادي اللندني، المديح لزيدان، لكن مباراة ليلة الثلاثاء لن تكون ودية على الإطلاق، بين إنتر المحروم من خدمات هدافه ونجمه الدولي البلجيكي روميلو لوكاكو، وريال مدريد المنتكس على أرضه ضد الفريق الرديف لشاختار دونستيك الأوكراني 2-3 في الجولة الاولى، وعودته المثيرة في اللحظات الأخيرة أمام مضيفه بوروسيا مونسغلادباخ عندما حول تخلفه بثنائية نظيفة الى تعادل 2-2.

قد تعود إلى ذاكرة كونتي في مدريد، فكرة أنه كان قريبا قبل عامين من أن يصبح مدربا للنادي الملكي بعد إخفاق جولين لوبيتيغي.

كان كل شيء مكتملاً حينها، حتى أنه تم تحديد موعد للمؤتمر الصحافي. لكن كونتي قرر فجأة التخلي عن عقد ذهبي، وفق الصحافة الإيطالية. فعاد زيدان في آذار/مارس 2019، ليستأنف مهمته التي انقطع عنها لبضعة أشهر فقط، ولا تزال قائمة حتى اليوم.

لم يكن هناك ما ينذر بأن هذين اللاعبين النموذجيين سيلتقيان وجها لوجه في أكبر المنافسات القارية كمدربين لفريقين عريقين بعد 25 عاما من بداية صداقتهما.

يقول لاعب الوسط الدولي الايطالي السابق أليساندرو تاكيناردي الذي كان زميلاً لكونتي وزيدان في يوفنتوس، لصحيفة "لا غازيتا ديلو سبورت": "بالنسبة إلى أنتونيو، كنت سأراهن عليه كثيرا. لقد كان مدربا بالفعل على أرض الملعب وكان قدوة للجميع. قائد صامت، على غرار زيزو الذي، على عكس ذلك، لم أكن لأراهن عليه أبدا".

ويضيف عن زيدان: "لم أكن أنتظر أبدا أن أراه مدربا، وها نحن اليوم نتحدث عن واحد من أولئك الذين فازوا بأكبر عدد من الألقاب في العالم".

وبالفعل، فإلى جانب كونهما "النجمين" الحقيقيين لفريقيهما (يتقاضى كونتي أكثر من جميع لاعبيه، مع أكثر من 10 مليون يورو سنويا، فيما يبلغ صافي دخل زيدان نحو 12 مليون يورو سنويا، أي ما يعادل أفضل رواتب لاعبي ريال مدريد)، يتشارك الإيطالي والفرنسي الكاريزما الصامتة نفسها، وعلم الفوز.

ويتابع تاكيناردي "لقد كانا شخصين كريمين وخجولين. كونتي وزيدان اليوم من كبار المدربين الذين أظهروا كيف يمكنك الفوز بطرق مختلفة. لقد نقلا خصائصهما كلاعبين إلى فرقهما. كما أنهما يتمتعان بكاريزما فريدة من نوعها تعتبر سلاحا إضافيا".

لكن ما يميز "زيزو" عن كونتي اليوم هو أن الفرنسي فاز بثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا ولقبي في الكأس السوبر الأوروبية، فيما لا يزال كونتي يلهث وراء أول لقب قاري له، بعد إخفاقه الموسم الماضي في نهائي مسابقة الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ"، أمام إشبيلية الإسباني.