ربما يكون فوز ​بايرن ميونيخ​ بالثلاثية مرة جديدة بمثابة إنجاز طال انتظاره بالنسبة لجميع عشاق الفريق البافاري، إلا ما حققه رجال المدرب هاينز فليك هذا الموسم كان متوقعاً وترجمة فعلية للتطور الكبير الذي عرفه الفريق منذ وصول المدرب الى اليانز أرينا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لتولي المهمة خلفاً للمدرب المقال ​نيكو كوفاتش​.

صحيح ان ما قدمه بايرن ميونيخ هذا الموسم في ​دوري أبطال أوروبا​ كان مختلفاً وجعله واحداً من أبرز المرشحين للفوز باللقب، وصحيح ان جميع الفرق بمن فيها البايرن، عاشت موسماً صعباً للغاية بسبب توقف النشاطات بعد تفشي جائحة كورونا، إلا ان الفريق البافاري أثبت منذ انطلاق منافسات البطولة القارية انه الوحيد القادر على مواصلة المشوار حتى النهاية دون أخطاء أو عثرات.

حين وطأت قدما فليك النادي البافاري، سمع المدرب الألماني الكثير من الكلام ، لكن جملة واحدة بقيت عالقة في عقله ألا وهي "ان بايرن ميونيخ فقد احترام خصومه ومنافسيه"، تلك الجملة لم تأت من فراغ بعد سنوات من الفشل على الصعيد الأوروبي على الرغم من ان بايرن ميونيخ كان ضيفاً دائماً على الأدوار النهائية، ومع ذلك فإن ما فعله فليك في الأشهر الماضية كان شاهداً على حجم العمل الذي قام به وانعكس بشكل واضح على اداء لاعبيه بمن فيهم ​توماس مولر​، دون أن ننسى مفاتيح التألق وفي مقدمتهم نوير، الكنتارا، كيميتش، كومان والظهير الكندي الشاب دايفيز والتي كانت السبب في التتويج السادس بلقب دوري أبطال أوروبا.

أضحى بايرن ميونيخ بعد أشهر قليلاً فريقاً مرعباً أشبه بـ"حصان جامح" لا يمكن السيطرة عليه، فهو حقق المتوقع أولاً عبر متابعة السيطرة المحلية على لقبي الدوري والكأس، ثم أكمل ما بدأه مع كوفاتش بانتصارات متتالية وساحقة في دوري أبطال أوروبا كان ابرزها على حساب برشلونة (8-2) في الدور ربع النهائي وصولاً الى الفوز باللقب وتحقيق الثلاثية التاريخية.

من الواضح ان القوة التي أظهرها بايرن ميونيخ هذا العام هي رسالة واضحة لكل من يعنيهم الامر وبداية لمرحلة جديدة من المنافسة في أوروبا قد تمتد طويلاً، بعدما نجح فليك ونجوم الفريق بإعادة الهيبة الى اسم وقميص بايرن ميونيخ، لكن في المقابل كان ذلك على حساب حلم انتظره الفرنسيون طويلاً وبالتحديد ​باريس سان جيرمان​ الذي بنى كل مشروعه من أجل تلك اللحظة فإذا بها تتحول سراباً.

يمكن اعتبار نهائي دوري أبطال أوروبا بداية لمرحلة جديدة قد تغيب عنها الأسماء التقليدية والتي لطالما طبعت النهائيات بنكهتها، لكنه ايضا استمرار لغياب ابرز النجوم للعام الثاني على التوالي وفي مقدمتهم البرتغالي ​كريستيانو رونالدو​ والأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن هذا الغياب ربما يكون نهائياً وليس استئثنائياً بعدما بات نجوم البايرن "ملوك" الساحة الأوروبية من الآن وحتى إشعار آخر.