لعل أبعد من الفضيحة التي خرج عبرها برشلونة من ​دوري أبطال أوروبا​ على يد ​بايرن ميونيخ​، هناك الكثير من الحقائق التي باتت ثابتة وواضحة ولا يمكن تجاهلها، لكونها وضعت مساراً واضحاً وصريحاً لمرحلة جديدة دخلها النادي الكتالوني منذ فترة، وأرست عناوينها الخسارة المذلة امام الفريق البافاري في موقعة لشبونة، تلك الليلة التي ستبقى محفورة في أذهان التاريخ قبل جماهير وعشاق البارشا.

كثيرة هي التساؤلات التي خرجت إلى العلن بعد تلك المباراة "المهزلة"، لكن الإجابات عنها تتطلب من دون أدنى شك قرارات أبعد من إقالة المدرب ​كيكي سيتيين​، والمدير الرياضي ​أريك أبيدال​ أو حتى الإستغناء عن عدد كبير من اللاعبين ممن بات خروجهم من الكامب نو حاجة ملحة حفاظاً على تاريخهم قبل ان يكون الأمر مطلباً جماهيرياً وإدارياً.

الخسارة المذلة أمام بايرن ميونيخ باتت تتطلب "قرارات جريئة" تتخطى منطق الإقالة أو الاستقالة، لكون ما حدث يُشكل إساءة "غير مقبولة" من مدرب ولاعبين لهذا النادي العريق، لكن قبل كل شيء هناك رئيس مجلس ادارة يعبث بسمعة النادي وتاريخه، وجمعية عمومية "صامتة" فضلت ترك الامور كما هي بانتظار الإنتخابات المقبلة في صيف العام 2021.

من الواضح ان "فضيحة لشبونة" كتبت الفصل الأخير مما حققه هذا الفريق من انجازات محلية وقارية بقيادة الأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن الاهم انها كشفت حجم الترهل والإهتراء الذي ضرب الفريق الكاتالوني، وبات معها الإصلاح صعباً بوجود عناصر كان ماضيها ذهباً إلا ان حاضرها مليء بالصدأ.

اليوم وبعد وقوع الكارثة، من المؤكد ان ادارة برشلونة ستعمد الى إقالة كيكي سيتيين والمدير الرياضي اريك أبيدال والاستغناء عن بعض اللاعبين، لأن رئيس النادي بارتوميو لن يستطيع إكمال عامه الاخير بتلك الأدوات وإلا فإنه سيكون مضطراً أو محبراً على الدعوة لعقد جمعية عمومية مبكرة في مارس/آذار المقبل وهو أمر لا يرغبه لكونه يريد الاستمرار لولاية أخرى، ومع ذلك فإن بارتوميو لا يملك الكثير من الخيارات المالية من أجل "تصحيح كبير" كما انه غير مضطر لوضع كل أوراقة في عام مفصلي قد يشهد على خروجه من الباب الخلفي وقدوم مدرب آخر.

لكن السؤال الأبرز يبقى حول مصير الأرجنتيني ليونيل ميسي وما اذا كان سيتخذ القرار "المرعب" بخروجه من الكامب نو، في ظل الفوضى الإدارية والفنية والإنقسامات داخل غرفة الملابس، والاجواء التي لطالما عبر عنها ليو ودق ناقوس الخطر بشأنها، وادت لخسارة الدوري الإسباني لمصلحة الغريم التقليدي ريال مدريد، ومن ثم هذا الخروج المذل من دوري أبطال أوروبا.

ربما حان الوقت بالنسبة لبرشلونة لبدء مرحلة "ما بعد ميسي"، ولا شك ان ما حدث هذا الموسم وبالتحديد امام الفريق البافاري، ربما يكون الفرصة المناسبة لإعادة بناء فريق جديد خارج منظومة "اللاعب الواحد" القادر على فعل كل شيء، لأن هذا اللاعب نفسه لم يعد يشعر بالراحة في سنواته الأخيرة والمعدودة في عالم كرة القدم، فما بالك في فريق يعيش توتراً متصاعداً قد يُفضي إلى المزيد من الكوارث في المستقبل القريب.

من هنا ربما يتعيّن على اللاعب الأرجنتيني اتخاذ القرار الصعب وترك المعنيين في برشلونة يرسمون خطاً جديدا ومغايراً لما حدث في الاعوام الثلاثة الماضية، علهم يستطيعون رسم حلم جديد لعشاق النادي الكاتالوني، فيما سيتعيّن على ميسي تقديم المتعة الكروية لجماهير فريق أو دوري آخر ينهي معه مشواره كما بدأه في الكامب نو حافلاً بالبطولات والانجازات.

ويبقى القول ان "سمعة" برشلونة اهتزت بشكل محزن، لذلك فإن مسؤولي النادي مطالبون اكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على تلك السمعة، وإلا فإن مأساة ميلان الإيطالي قبل سنوات ربما نراها تتكرر ولكن هذه المرة في إسبانيا!.