لم يسمح فيروس كورونا المستجد لنجم كرة السلة الأميركي المخضرم ​فينس كارتر​ بأن يودع لعبته المفضلة كما يجب، مع ترجيح ان تكون مسيرة الأعوام الـ22 قد انتهت قبل موعدها.

سيدفع كارتر (43 عاما) ثمن الصيغة الجديدة لاستكمال دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين اعتبارا من 31 تموز/يوليو، والتي سيشارك فيها 22 فريقا (من أصل 30)، لن يكون فريقه ​أتلانتا هوكس​ من ضمنهم.

وأتت هذه الصيغة التي ستقام خلف أبواب موصدة بوجه المشجعين، لانقاذ ما أمكن من الدوري المتوقف منذ آذار/مارس الماضي بسبب "كوفيد-19".

وفي حين لم يعلن كارتر رسميا نيته بشأن الفترة المقبلة، يسود الاعتقاد على نطاق واسع ان سنة 2020 ستكون الأخيرة له في ملاعب كرة السلة. حتى ان موقع "ويكيبيديا" بدأ من الآن التعريف عنه بصفة "لاعب سابق".

المفارقة ان هذا العام سيُدوَّن في مسيرة كارتر لعلامتين فارقتين: التوقف عن اللعب، ودخول تاريخ دوري "ان بي ايه" في كانون الثاني/يناير الماضي، كأول لاعب تمتد مسيرته على أربعة عقود زمنية مختلفة.

بدأت رحلة كارتر مع كرة السلة الاحترافية عام 1998، مع فريق ​تورونتو رابتورز​ الكندي، وحملته الى أندية مختلفة مثل ​نيوجرسي نتس​، ​أورلاندو ماجيك​، ​فينيكس صنز​، دالاس مافريكس، ممفيس غريزليز، ساكرامنتو كينغز، وصولا الى أتلانتا هوكس.

لم يكن كارتر أكثر لاعب تسجيلا للنقاط، ولا أكبر نجم في حقبة عرفت أسماء تاريخية، مثل مايكل جوردان وكوبي براينت وشاكيل أونيل وغيرهم.

لكن كارتر كان الـ "فينسانيتي"، الهوس الذي وضعه على أرض الملعب، مع قدرته الهائلة على القفز عاليا، والاستعراض بالكرات الساحقة "دانك" التي قدم من خلالها لمحات لا تزال محفورة في التاريخ الحديث للدوري.

22 عاما لم يتمكن خلالها كارتر من رفع كأس الدوري ولو لمرة واحدة، وهو تابع من بعيد في الموسم الماضي، تتويج فريق بداياته رابتورز باللقب الأول في تاريخه.

لكن يعزى الى كارتر بشكل كبير، الدور الأكبر في ترسيخ ثقافة كرة السلة في المدينة الكندية، وينسب إليه الفضل بأنه أسّس لحقبة توجّها كواهي لينارد العام الماضي بإهداء كندا لقبا أول في تاريخ دوري كرة السلة الأميركي.

كان هذا الدور محور فيلم وثائقي أنتجه النجم ليبرون جايمس عام 2017، بعنوان "ذا كارتر إيفيكت" ("تأثير كارتر")، وبات متوافرا حول العالم عبر خدمة "نتفليكس" للبث التدفقي.

من بين المشاركين في هذا الوثائقي، سأل مغني الراب الكندي درايك "ماذا لو لم يلعب كارتر مطلقا مع رابتورز؟"، مرجحا ان يكون النادي قد لاقى مصير غريزليز، الفريق الذي اتخذ من مدينة فانكوفر الكندية مقرا له لستة أعوام فقط (بين 1995 و2001)، قبل الانتقال الى ممفيس الأميركية.

لكن العلاقة بين اللاعب و"مدينته" لم تكن دائما في أفضل أحوالها.

لم يغفر المشجعون له سريعا الابتعاد عن الفريق والانتقال الى نيوجرسي في 2004، وقابلوه بصافرات الاستهجان كلما عاد الى ملعب رابتورز.

لكن الأمر تغير في 2014، حين استضاف تورونتو ممفيس غريزليز، فريق كارتر في حينه. وفي احتفال المضيف بالذكرى العشرين لتأسيسه، خص كارتر بشريط مصوّر عن المراحل التي أمضاها مع الفريق، تلته هتافات صاخبة وتصفيق حار من المشجعين، رد عليه اللاعب برفع يده والدموع تنهمر من عينيه.

كانت تلك لحظة المصالحة التي أعادت التذكير بمدى ارتباط كارتر بتورونتو، الى درجة ان لقبه كان "إير كندا"، اسم شركة الخطوط الجوية المحلية بالانكليزية.

قدرته على "التحليق" كانت علامته الفارقة. لا ينسى عشاق اللعبة شباط/فبراير 2000، حين شارك كارتر في مسابقة الكرات الساحقة على هامش مباراة "أول ستار" ("كل النجوم").

قدم يومها لمحات أظهرت قدرته الفائقة على القفز والتلاعب بالكرة في الهواء، و"الكبس" في السلة بطريقة لا تزال تثير حماسة الجماهير.

هذه الهواية نقلها كارتر أيضا الى الألعاب الأولمبية، مع "دانك الموت" الذي نفذه فوق الفرنسي فريدريك فايس (2,17 م، أي أطول منه بعشرين سنتم) في أولمبياد سيدني 2000، في الطريق الى إحراز الميدالية الذهبية.

قيل يومها في التقارير الصحافية، ان فايس كان على وشك الانضمام الى فريق نيويورك نيكس الأميركي، لكن الأخير عدل عن ذلك بعد ما فعله كارتر به.

ستبقى هذه الميدالية على الأرجح اللقب الأهم في مسيرة كارتر، لكن الأخيرة لم تكن دون محطات بارزة.

ثماني مشاركات في مباراة "كل النجوم"، جائزة أفضل لاعب مبتدئ، والمركز السادس على لائحة أفضل مسجلي الرميات الثلاثية في تاريخ الدوري...

عرفت عنه لمحات أبعد من مهاراته الفنية، منها ترك مكانه الأساسي في مباراة "كل النجوم" 2003 لصالح الأسطورة مايكل جوردان الذي كان يستعد للعودة مجددا الى الاعتزال، النهائي هذه المرة، بعد ذلك بأشهر.

اختصر كارتر أعوامه المديدة في كرة السلة الأميركية، بالقول في تصريحات حديثة ان الأعوام الـ22 "تمثل بشكل أو بآخر كل حياتي كشخص راشد، لذا من غير السهل بالنسبة إلي ان أقول ان الأمر انتهى، والرحيل".

وتابع: "حققت العديد من الأمور، أحببت اللعب. ألعب من أجل ذلك، لأنني أحب ذلك. لا أبحث عن خاتم (تذكاري يناله لاعبو الفريق الفائز باللقب)، ليست مسألة مال هي فقط حب اللعبة".

وأضاف: "كان الأمر متعلقا بكرة السلة. لقد عشقت كل لحظة، الجيدة والسيئة".