يُطلق الدوري الألماني لكرة القدم صافرة عودة البطولات الوطنية الكبرى بعد شهرين من التوقف بسبب فيروس كورونا المستجد، في خطوة ينتظرها مشجعون تواقون للعبة وإن بعيدا من المدرجات، وبطولات أخرى تبحث عن الاكتساب من التجربة الألمانية لرسم خريطتها للعودة.

وستكون البونديسليغا أول بطولة كبرى في أوروبا تستأنف منافساتها المعلقة منذ منتصف آذار/مارس بسبب "كوفيد-19"، لكن أمام مدرجات دون جمهور، ووفق بروتوكول صحي صارم سيغيّر بشكل جذري المظاهر المحيطة باللعبة على المستطيل الأخضر، مثل منع المصافحات والاحتفالات بصيغتها المعهودة لدى تسجيل الأهداف.

ومنحت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل ومسؤولو المقاطعات الألمانية الـ16، رابطة الدوري المحلي الاذن باستئناف مباريات الدرجتين الأولى والثانية لكن بشرط الالتزام بموجبات صحية قاسية تشمل مختلف جوانب حياة أفراد الأندية من التمارين الى المباريات وتصرفهم خارج الملعب.

تنطلق خمس من المباريات الست المقررة اليوم، على أن يكون أبرزها "دربي الرور" بين بوروسيا ​دورتموند​ وضيفه شالكه، والذي عادة ما كان من أكثر المباريات استقطابا للمشجعين خلال الموسم.

وعلى غير عادته، سيفتقد ملعب "سيغنال إيدونا بارك" التابع لدورتموند، صخب نحو 80 ألف مشجع كانت تغص بهم مدرجاته لاسيما "الجدار الأصفر" الجنوبي، خصوصا في مباراة من هذا النوع.

أما بطل المواسم السبعة الماضية ​بايرن ميونيخ​، فيحل ضيفا على أونيون برلين في العاصمة الأحد.

ويعود الدوري من المرحلة السادسة والعشرين مع تصدر بايرن بفارق أربع نقاط عن دورتموند.

ووضعت الرابطة بروتوكولا صحيا صارما من 50 صفحة، بهدف الحد قد الامكان من احتمال التقاط إصابات بـ"كوفيد-19" في صفوف الأندية، ما قد يؤثر بشكل سلبي على رغبتها في إنهاء المراحل التسع المتبقية من منافسات الدرجة الأولى، بحلول نهاية حزيران/يونيو المقبل.

وأمضت الأندية الألمانية الأسبوع الذي يسبق عودة المنافسات، في معسكرات تدريبية مغلقة، بما يضمن بالتالي وضعها في عزل صحي عن محيطها وعائلات اللاعبين الذين سيخضعون، كما بقية أفراد الفرق، لفحوص دورية لكشف "كوفيد-19".

ومن ضمن الاجراءات التي ستعتمد خلال المباريات، وصول كل فريق على متن أكثر من حافلة من أجل ضمان التباعد الاجتماعي بين أفراده على متن وسائل النقل.

وسيدخل اللاعبون الى أرض الملعب مع الحفاظ على التباعد أيضا، وطلب منهم عدم التعانق والاحتفال بصخب لدى تسجيل الأهداف. كما سيقوم كل الموجودين على مقاعد البدلاء، من مدربين وجهاز فني ولاعبين احتياطيين، بتغطية وجوههم بالكمامات الواقية.

وتم تقسيم الملاعب الى ثلاث مناطق منفصلة عن بعضها البعض، على ان يتواجد 100 شخص في كل منها كحد أقصى. وتم إلغاء المؤتمرات الصحافية التي يجريها مدرب كل فريق عادة بعد المباراة، والغاء المنطقة المختلطة للاعبين.

وفي إشارة الى النية الصارمة في تطبيق هذا البروتوكول الصحي، منعت رابطة الدوري مدربَين من التواجد مع فريقيهما خلال المباريات في عطلة نهاية الأسبوع، لمخالفتهما قواعد الحجر الصحي في الأيام الماضية.

وسيغيب مدرب أوغسبورغ هايكو هيرليخ عن مباراة فريقه ضد فولفسبورغ بسبب خروجه من فندق إقامته لشراء معجون للأسنان وكريم للبشرة، بينما يغيب مدرب أونيون برلين السويسري أورس فيشر عن استضافة بايرن ميونيخ الأحد بعدما ترك أيضا مقر إقامة الفريق إثر وفاة والد زوجته.

وكانت ميركل قد أكدت لدى إعلان منحها الضوء الأخضر لعودة البونديسليغا، أن البروتوكول الصحي الصارم وتطبيقه بحذافيره، هو الشرط الأساس للعودة.

كما حذّر مسؤولون محليون من أن أي مخالفة لهذا البروتوكول، ستكون له عواقب قاسية.

وأكد الرئيس التنفيذي لنادي بايرن ميونيخ كارل-هاينز رومينيغه ان كل اللاعبين "يدركون ان عليهم احترام القوانين".

وتسبب "كوفيد-19" بنحو 7800 ألف وفاة معلنة في ألمانيا، وهو رقم متدن نسبيا مقارنة بدول أوروبية كبرى أخرى لاسيما إسبانيا وإنكلترا وإيطاليا وفرنسا.

وسترسم ألمانيا مسار اختبار العودة بالنسبة الى الآخرين. باستثناء فرنسا التي وضعت حدا بشكل مبكر لموسمها الكروي مع تتويج باريس سان جرمان باللقب، لا تزال الدول الكبرى الأخرى تبحث عن تحديد موعد رسمي لاستئناف المنافسات، على رغم ان هذه الخطوة دونها عراقيل وصعوبات لاسيما في إيطاليا وإنكلترا حيث لم يتم الاتفاق بعد على البروتوكول الصحي، والذي يعد شرطا أساسيا لأي عودة سالمة.

ويتوقع ان تستقطب مباريات الدوري الألماني في الوقت الراهن اهتماما أكبر من المعتاد، إن من المسؤولين في بطولات أخرى تبحث عن اجتراح سبل العودة، أو من المشجعين الذين يفتقدون منذ شهرين لمباريات كرة قدم حماسية من آسيا الى الأميركيتين.

حتى لاعبي الدوري الألماني أنفسهم اشتاقوا للمنافسة، بحسب ما أعرب مهاجم بايرن توماس مولر الذي كتب عبر حسابه على موقع "لينكد إن"، "المشاعر التي أظهرناها خلال الأيام القليلة الماضية حتى خلال المباريات التدريبية، تعكس توقنا لخوض المنافسة المعتادة".

لكن بالنسبة الى المدربين والجهاز الفني، ستكون العودة مؤشرا للقدرة البدنية للاعبيهم الذين غابوا عن المنافسات والتمارين المكثفة فترة طويلة.