الكثير من الاراء والتحليلات صدرت مع الايام الأولى لتفشي وباء ​كورونا​ وتركزت بمعظمها حول الايام المعدودة التي ستتعطل فيها "لغة" كرة القدم قبل عودتها مجدداً الى سابق عهدها، إلا ان توالي تأجيل الأحداث الكبرى بدأ بأمم أوروبا ثم بكوبا أميركا ودورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، فضلاً عن العجز الواضح للاتحاد الأوروبي لكرة القدم في تحديد "شبه موعد" لاستئناف بطولة دوري الأبطال واليوروبا ليغ، وضع الجميع أمام خيارين: استمرار التأجيل أو إلغاء الموسم.

اليوم ومع غياب أي حلول للأزمة الصحية التي ضربت كل العالم وأصابت أكثر من ثلاثة ملايين شخص وأودت بحياة أكثر من مئتي ألف، تعيش معظم الاتحادات المحلية حالة من الضياع، فهي لا تعرف إن كانت قادرة على المضي بسياسة التأجيل حتى اغسطس/آب المقبل، أم السير على خطى كل من ​بلجيكا​ و​هولندا​ و​فرنسا​ بإعلان قرار حاسم قضى بإلغاء الموسم.

من الواضح ان اتخاذ قرار كهذا بالنسبة لبعض الاتحادات وخاصة الإنكليزي والإسباني، دونه الكثير من العقبات لأنه ليس من السهل إبطال كل مفاعيل هذا الموسم سواء فنية او مالية او تلك المتعلقة بحقوق النقل التلفزيوني ورعاة الدوري وحتى بالنسبة للصعود والهبوط، بمعنى ان قرار الغاء الموسم في بلجيكا او هولندا او اسكتلندا ليس كما في ​انكلترا​ واسبانيا وحتى ايطاليا.

لكن ربما تجد تلك الإتحادات نفسها مضطرة بعد فترة لتجرع الكأس المرّ، خاصة وان توالي اعلان اتحادات أخرى الغاء مواسمها وبدء الموسم الجديد في اغسطس او سبتمبر مقابل اصرار اتحادات معينة على استكمال المنافسات، سيساهم في تقسيم خارطة كرة القدم الأوروبيةويضع روزنامة الاتحاد القاري في فوضى حقيقية لم يعرف مثلها على الإطلاق.

من هنا ربما تغامر بعض الإتحادات باستئناف الموسم بعد شهر ونصف في محاولة للحاق بركب الاستعدادات للموسم الجديد، لكن تلك المغامرة أشبه بالانتحار في ظل الأوضاع الحالية والأرتفاع "الجنوني" لعدد الإصابات وتحديدا في كل من اسبانيا وايطاليا وانكلترا، اضف الى ذلك العجز الكامل عن ايجاد حلول صحية لهذا الوباء وفي ظل كل الانباء التي تشير الى موجة ثانية من هذا الفيروس ستظهر في يوليو/تموز المقبل.

يمكن اعتبار خطوة كل من بلجيكا وهولندا وفرنسا في محلها، لذلك فإن المطلوب من الدول الأخرى ان تحذو حذوها وتتخذ القرار الصعب، لأن اطلاق النار على القدم أفضل من الرأس، لذلك فإن الترتيب والاستعداد للموسم الجديد حتى لو كان في موعد أبعد من اغسطس/آب، هو أفضل من الاستعجال خاصة وان فترة التوقف الحالية وتداعيات كورونا خلفّت الكثير من الفوضى في عالم الكرة المستديرة ، ومن المهم علاج كل الآثار المترتبة عنها قبل الشروع في اعادة الحرارة الى ملاعب كرة القدم حول العالم.