من الواضح أن تداعيات أزمة كورونا لن تقتصر على ما احدثته من اهتزاز في كيان الأمن الصحي للبشر في مختلف أنحاء العالم، بعدما تسببت بفوضى عارمة داخل مجتمع كرة القدم أفضت إلى تأجيل بطولات الدوري في أوروبا والمسابقات الرئيسية للإتحاد القاري كبطولة الأمم و​دوري أبطال أوروبا​ و​اليوروبا ليغ​، اضافة الى تصفيات ​كأس العالم​ وغيرها.

ولعل الخطوة التي اتخذتها رابطة ​الدوري البلجيكي​ بعدم استئناف مسابقات موسم 2019-2020وتتويج ​كلوب بروج​ باللقب بعدما وجدت أنه من غير المرغوب فيه مهما كان السيناريو المتوقع مواصلة المنافسة بعد 30 حزيران/يونيو، تمثل الخطوة الأولى لمرحلة خطيرة يمكن أن تمهد لما يشبه حركة "التمرد" داخل ​الاتحاد الأوروبي لكرة القدم​ خاصة في ظل مؤشرات توحي بانضمام دول أخرى ومنها اسكتلندا وهولندا الى تلك الخطوة.

يدرك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عدم امتلاكه السلطة المطلقة على الإتحادات المحلية لمنعها من اتخاذ خطوات احادية بإلغاء الموسم او انهائه، لذلك لجأ الى التهديد والوعيد بحرمان الدول "المتمردة" من المشاركة في دوري أبطال أوروبا عبر القول ان المشاركة في المسابقات الأوروبية تتحدد بالنتيجة الرياضية المحققة في نهاية كل بطولة محلية كاملة، والتوقف السابق لأوانه يثير الشكوك حول تحقيق هذا الشرط، مما يعني اننا مقبلون على حقبة طويلة من الخلافات بين اليويفا والاتحادات المحلية.

لكن تلك الخلافات قد تقسم عائلة الإتحاد الأوروبي بمعنى ان الإتحادات الكبيرة في القارة العجوز والتي تعتمد بشكل رئيسي على حقوق النقل التلفزيوني ستحاول الاختباء خلف اليويفا ولن تعلن بشكل علني عن ضرورة توقف المنافسات بشكل نهائي على الرغم من التزايد المستمر في اعداد المصابين بوباء كورونا، في حين ان الإتحادات الصغيرة تبدو غير معنية بشكل كامل بحقوق النقل خاصة وانها تحصل على نسب أقل من غيرها، ومن هذا المنطلق ستكون من اوائل المطالبين بإنهاء الموسم.

من المؤكد ان الاتحاد الأوروبي سيخوض معركة استئناف الموسم حتى النهاية حتى لو اضطر الأمر لتأجيل انطلاق المنافسات خوفاً من خسارة الكثير من حقوق الرعاية واموال النقل التلفزيوني لدوري أبطال أوروبا، مما يعني ان المعركة مع الاتحادات المحلية قد تخلف الكثير من التداعيات السلبية على العلاقة بين جميع الاطراف وهذا بحد ذاته سيضع هيبة الاتحاد القاري على المحك.

واذا كان فيروس كورونا قد نجح في إيقاف عجلة النشاط الرياضي في الملاعب الأوروبية، الا ان الآثار التي يمكن ان يخلفها قد تجعل من الصعب الوصول الى رؤية موحدة ومشتركة لكل الأطراف وهذا سيعني المزيد من الخلافات في المستقبل القريب في أزمة ربما لم يشهد الاتحاد الاوروبي لكرة القدم مثيلاً لها في الألفية الجديدة.