لا يمكن حتى الآن حصر التداعيات الاقتصادية لتوقف النشاط الكروي بسبب تفشي فيروس ​كورونا​ المستجد والذي فرض حجراً "كروياً" وصحيا على جميع الفرق، تسبب بخسائر باهظة الثمن على الإتحادات المحلية والأندية في أوروبا، مما يعني أن اللعبة مقبلة على تحديات كبرى في المدرى المنظور بسبب عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها وعجزها عن تحصيل مداخيل التذاكر أو عائدات البث التلفزيوني.

هذا التوقف الذي لا تُعرف نهايته، بدأ ينذر بعواقب وخيمة على الأندية التي بدأت بتخفيض رواتب محترفيها في ظل خسائر مالية قد يصعب تعويضها في الأمد القريب خاصة اذا ما استمر التوقف لأشهر أخرى مما يعني ان الكارثة ستقع لا محالة مع التوقعات باستئناف الموسم في شهر أغسطس/آب المقبل.

لكن مفاعيل تفشي فيروس كورونا لن تطال الأندية فحسب إنما جميع اللاعبين، بعدما ساهم هذا الوباء في كارثة اقتصادية لم تسلم منها حتى الفرق الكبيرة في أوروبا، وهذا بحد ذاته سينعكس سلباً على قيمة وأسعار اللاعبين في السوق لدى فتح باب الانتقالات قبل انطلاق الموسم الجديد.

من الواضح ان أزمة كورونا ستساهم بشكل كبير في خفض تلك القيمة، ولن يعد بإمكاننا من الآن فصاعداً الحديث عن أرقام فلكية من أجل انتقال لاعب من ناد إلى آخر، بمعنى اننا لن نجد أي من الأندية الكبيرة مستعدة لدفع 100 مليون يورو وأكثر من أجل التعاقد مع نجوم "سوبر"، على سبيل المثال لا الحصر كالبرازيلي ​نيمار​، الفرنسي كليان ​مبابي​، الإنكليزي ​هاري كاين​ والبولندي ​روبرت ليفاندوفسكي​، أو حتى دفع رواتب خيالية في ظل الكارثة التي ضربت خزائنها.

هذه المعطيات قد تضعنا أمام فرضيتين: الأولى ان الكثير من الاندية لن تدخل سوق الانتقالات المقبلة وستحاول الحفاظ على "الموجود"، في حين ان الفرضية الثانية ستقوم على سعي بعض الاندية الكبيرة للتعاقد مع لاعبين ولكن باسعار قد لا تتعدى 50 مليون يورو وهذا بحد ذاته قد لا يوفر لها لاعبين من فئة الخمسة نجوم، مما يعني اننا مقبلون على محاولات خجولة وربما معدومة.

انخفاض اسعار اللاعبين في السوق لم يعد مجرد فرضية او توقع إنما بات أمراً واقعاً في ظل ما يحدث، حيث ستعاني الكثير من الأندية لسنوات قبل ان تتمكن من إعادة الانتعاش لخزائنها، اذ ان اي عودة لاستئناف مباريات كرة القدم ستبقى محفوفة بالمخاطر ما لم يتم القضاء نهائيا على فيروس كورونا.

هذا الأمر قد يجد ترحيباً لدى الكثيرين خاصة في ظل ما شهدته أسعار اللاعبين من تضخم في السنوات الماضية وتخطت المعقول لتصل الى انتقال نيمار من برشلونة الى باريس سان حيرمان بمبلغ يفوق 220 مليون يورو، لكن هذا الأمر سيعني أيضا اننا لن نشاهد مثلاً الارجنتيني ليونيل ميسي في ناد آخر، أو عودة نيمار الى النادي الكاتالوني أو انتقال محمد صلاح من ليفربول الى فريق جديد.

يبقى القول ان تداعيات فيروس كورونا أصابت كرة القدم في مقتل، واثبت هذا الوباء انه قادر على ترك الكثير من الآثار السلبية ليس على البشر فحسب، انما ايضا على المنظومة الاقتصادية لعالم الإحتراف في الكرة المستديرة.