أدت القيود التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد في مختلف أنحاء العالم، الى تقليص عدد فحوص كشف المنشطات التي تجريها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا)، في مشكلة إضافية تضاف للصعوبات التي تسبق ​أولمبياد طوكيو 2020​.

وكشفت وكالات عدة لمكافحة المنشطات في ​الولايات المتحدة​، ​فرنسا​، ​بريطانيا​ و​ألمانيا​، عن تقليص نشاطها في ما يتعلق بالكشف عن المنشطات لرياضيي النخبة بسبب القيود الواسعة المفروضة عالميا على حركة التنقل والسفر، والتي طالت نحو مليار شخص، في محاولة لوقف الانتشار السريع لبواء "كوفيد-19" الذي حصد نحو 13 ألف شخص حتى الأحد.

وقال الرئيس الجديد لـ "وادا" فيتولد بانكا الجمعة "الأولوية بالنسبة الينا هي الصحة العامة والسلامة".

وأصدرت الوكالة هذا الأسبوع تعليمات جديدة لتسهيل مواصلة إجراء اختبارات فحوص المنشطات للرياضيين، لاسيما لجهة ضمان عدم انتقال عدوى الفيروس خلال جمع العينات، مؤكدة انها ستعمل مع الوكالات الأخرى والاتحادات الرياضية "عندما يبدأ الوضع بالعودة الى طبيعته"، على تحديد الثغرات في الفحوص "لاسيما تلك المرتبطة بألعاب طوكيو والألعاب البارالمبية" المقررتين في 2020، تباعا من 24 تموز/يوليو.

وكشفت وكالة مكافحة المنشطات في ألمانيا لوكالة فرانس برس ان فحوص البول أو الدم المفاجئة للكشف عن المواد المحظورة "تستمر لكن بشكل محدود جدا وبحسب مقتضيات الظروف"، مشيرة الى تواصل النشاطات الأخرى في مجالات التحقيقات القضائية.

من جهته، رأى مدير وكالة مكافحة المنشطات في النمسا ميكايل سيبيك انه "من شبه المستحيل القيام بفحوص الا اذا كان لدينا شك قوي جدا".

وفي حالة الفحوص التي تجرى عادة خارج نطاق المنافسات المتوقفة بمعظمها أساسا في ظل الظروف الراهنة، يتعين على الفاحص والرياضي ارتداء أقنعة واقية. لكن أحد مسؤولي خبراء مكافحة المنشطات في أوروبا، يؤكد ان هذه الفحوص أيضا باتت في شبه المتوقفة، موضحا "في معظم الأحيان، يعمل الفاحصون في المجال الصحي، وبالتالي لا يمكننا تعبئة هؤلاء والطلب منهم استخدام أقنعة في الوقت الذي نفتقد اليها!".

ولا يأتي الحد من فحوص المنشطات في توقيت مثالي، اذ أنه وعلى رغم إقامتها خلال فترة الألعاب الأولمبية (مقررة بين 24 تموز الى التاسع من آب المقبلين)، فإن برامج فحص المنشطات باشراف الوكالة الدولية لإجراء الفحوص ("آي تي ايه") لحساب اللجنة الأولمبية الدولية تقام بجزء كبير منها خلال الأشهر التي تسبق إقامة هذه الألعاب.

- فرصة للغش؟ -

وتشرح فرانشيسكا روسي مديرة الوكالة الفرنسية للكشف عن المنشطات، لوكالة فرانس برس" "أنشأت الوكالة الدولية لإجراء الفحوص العام الماضي لجنة خاصة تضم ممثلين عن منظمات وطنية واتحادات دولية لمكافحة المنشطات. قامت هذه الجهات بارسال توجيهاتها إلينا في 13 شباط ، تضمنت أسماء الرياضيين وعدد الفحوص التي يتعين على الرياضيين الخضوع لها قبل انطلاق الالعاب".

وأضافت "من حيث المبدأ، يجب فحص جميع الرياضيين والبعض أكثر من مرة. في المجموع، يشارك 11 ألف رياضي في دورة الألعاب الأولمبية في 33 رياضة مختلفة".

وردا على سؤالها عن تأثير تقليص عدد الفحوص على إقامة الألعاب الأولمبية، ترى روسي انه "من المبكر لأوانه" الحديث عن هذا الامر.

أما مدير وكالة المنشطات النمسوية سيبيك فيقول "بطبيعة الحال، انه عائق أساسي (...) يتعلق الأمر بمعرفة ما اذا كان الوضع سيستمر على حاله"، في إشارة الى التفشي العالمي لوباء "كوفيد-19".

وتواجه اللجنة الأولمبية الدولية ضغوطا متزايدة من أجل إرجاء أولمبياد طوكيو، بعدما أكدت في الآونة الأخيرة انها تواصل التحضير لإقامته في موعده، وان اتخاذ أي قرار بشأن مصيره يبقى سابقا لأوانه.

وكانت وكالة مكافحة المنشطات في الصين التي تجري 15 ألف فحص سنويا، قد أوقفت نشاطها بشكل تام في مطلع شباط/فبراير بسبب فيروس كورونا المستجد الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية، قبل ان تعلن "وادا" العودة التدريجية للفحوص في الصين بعدها بثلاثة أسابيع.

ونشرت "آي تي ايه" بيانا الأربعاء أكدت فيه بأنها تراقب الوضع عن كثب، ووعدت بأن "فريقها المؤلف من خبراء سيأخذ في الاعتبار الحدود والصعوبات الحالية في ما يتعلق بإجراء الفحوص".

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يلجأ الرياضيون في هذه الفترة المبهمة الى تناول مواد محظورة؟

يرد سيبيك "اذا أرادوا الغش، فما عليهم الا متابعة المعلومات التي تشير الى انعدام الفحوص. لكن من جهة أخرى، فان عملية التنشط هذه ستكون أقل فعالية لان امكانية إجراء التدريبات تقلصت جدا".

وتحدثت الوكالة الدولية للمنشطات عن "أدوات اخرى متاحة خلال فترة الفحوص المحدودة"، منها الجواز البيولوجي، والاحتفاظ بالعينات التي "جمعت قبل، خلال وبعد الوباء"، واستمرار التحقيقات المفتوحة.