كان من المقرر ان تتألف ​بطولة العالم للفورمولا واحد​ 2020 من 22 سباقا، وهو عدد قياسي من الجوائز الكبرى في تاريخها، لكن فيروس كورونا المستجد يفرض على المنظمين اختصارها في ظل تحديات تنظيمية واقتصادية.

وحتى الآن، ألغيت الجائزة الكبرى الافتتاحية في أستراليا الأسبوع الماضي، وجائزة ​موناكو​ التي كانت مقررة في أيار. وبين هذه وتلك، أرجئت جوائز البحرين، ​فيتنام​، ​الصين​، ​هولندا​ و​إسبانيا​، الى موعد لاحق.

على رغم ذلك، لا يزال المنظمون ومجموعة "ليبرتي ميديا" الأميركية المالكة لحقوق البطولة، يأملون في التمكن من إقامتها وان بإيقاع سريع تختصر فيه الفترات الفاصلة بين السباقات، بحال سمح تفشي فيروس "كوفيد-19" بذلك، وأتاح إطلاق بطولة 2020 رسميا في المدى المنظور.

وكان انطلاق الموسم مقررا في 15 آذار مع سباق أستراليا على حلبة ألبرت بارك في مدينة ملبورن، كما جرت العادة كل عام. لكن السباق ألغي قبل ساعات من انطلاق التجارب الحرة الجمعة، بعد تسجيل حالة إصابة بالفيروس في صفوف فريق ماكلارين اضطرته للانسحاب.

ومع توالي الإعلان عن إرجاء السباقات، وصولا الى الإلغاء الكامل لجائزة موناكو التي أقيمت بشكل متواصل منذ العام 1955، باتت جائزة أذربيجان الكبرى في السابع من حزيران/يونيو، الموعد الأول الذي لا يزال قائما على جدول البطولة، بعدما كان من المقرر ان يكون مرحلتها الثامنة.

وتفرض هذه التغييرات صعوبات تنظيمية هائلة، لاسيما وان الجدول يكون معدّا بعناية قبل أشهر من انطلاق الموسم، نظرا لما يتطلبه الأمر من مخططات سفر وشحن للفرق وأجهزتها الفنية والتقنية، وتحضيرات على المستويات المحلية وارتباطات بعقود رعائية وأخرى للبث التلفزيوني.

وقال مدير فريق ألفا روميو فريدريك فاسور لوكالة فرانس برس "إعادة ترتيب الجدول هو أمر فائق التعقيد لأننا لا نعرف متى يمكن معاودة العمل"، في ظل عدم اليقين بشأن تطورات "كوفيد-19" حول العالم، والى متى ستبقى القيود المفروضة على السفر والتنقل بهدف مكافحة انتشاره.

وأضاف المدير الفرنسي للفريق الإيطالي "يجب أن تتوافر رؤية شاملة. إنكلترا ليست متضررة كثيرا (من الفيروس) في الوقت الراهن، ولكنها قد تصبح كذلك عندما تصبح إيطاليا أقل ضررا"، في إشارة منه الى البلدين اللذين يتخذ العدد الأكبر من فرق بطولة العالم من أراضيهما مقرا لها.

وحتى الآن، تبقى مواعيد 15 سباقا مدرجة على موقع البطولة بحسب ما هو مقرر، آخرها جائزة أبو ظبي الكبرى في 29 تشرين الثاني.

وكان البريطاني روس براون، المدير الرياضي لبطولة العالم، قد أبدى الأسبوع الماضي تفاؤله بإمكانية إقامة موسم من "17 أو 18 سباقا". لكن تصريحاته هذه سبقت الخطوة الجديدة الخميس، بإعلان إرجاء سباقات هولندا وإسبانيا وموناكو، قبل ان يعلن منظمو الأخير إلغاءه بالكامل.

وكانت جائزة هولندا الكبرى (الثالث من أيار) تستعد للعودة الى روزنامة البطولة للمرة الأولى منذ العام 1985، وذلك قبل أسبوع من إقامة جائزة إسبانيا (10 آذار).

أما جائزة موناكو التي تعد من الأشهر في البطولة، وتجذب آلاف المشاهير الى شوارع الإمارة بكل ألقها وحياتها الباذخة، فألغيت بالكامل بعدما كان سباقها الرئيسي مقررا في 24 أيار.

في تصريحاته الأسبوع الماضي، أكد براون لشبكة "سكاي سبورتس"، "نحن في منطقة غير معروفة. أنا متفائل جدا بقدرتنا على إقامة بطولة من 17 أو 18 سباقا أو أكثر".

وتابع "أعتقد أنه بإمكاننا اقامتها (السباقات) في فترة زمنية قصيرة، ولكن هذا يعتمد على الموعد الذي سينطلق فيه الموسم".

حتى الآن، اتخذ منظمو البطولة إجراءات لمحاولة التأقلم مع الوضع غير المألوف، شملت تقديم موعد فترة التوقف الصيفية، وجعلها 21 يوما بين آذار ونيسان، بدلا من أسبوعين في آب.

وأعلن الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" الخميس إرجاء تطبيق التعديلات الجديدة والواسعة المرتقبة على أنظمة البطولة، من 2021 الى 2022.

لكن في ظل الأوضاع الراهنة، يجد المنظمون أنفسهم أمام سباق مع الوقت لإنجاز البطولة في غضون ستة أشهر فقط، بدلا من تسعة كما العادة، وهذا بحال أتاحت الظروف العودة للحلبات في حزيران.

بعض الاقتراحات التي كشفها براون تقوم على تقصير الفترة الفاصلة بين الجوائز الكبرى. وعادة ما يفصل أسبوعان بين كل جائزة وأخرى، باستثناء بعض المراحل في دول متقاربة جغرافيا، حيث يكون الفارق أسبوعا فقط (مثل هولندا وإسبانيا، فرنسا والنمسا، الولايات المتحدة والمكسيك).

ويضع المنظمون نصب أعينهم إقامة بعض السباقات المؤجلة، في الأسابيع الفاصلة بين الثاني من آب (جائزة المجر) و30 منه (جائزة بلجيكا)، وهي فترة كانت مخصصة أساسا للإجازة الصيفية.

كما يتم البحث في تقصير مدة الجائزة الكبرى بإقامتها في يومين فقط بدلا من الأيام الثلاثة المعتادة (اليوم الأول للتجارب الحرة، الثاني لاستكمال التجارب الحرة وإقامة الرسمية، والثالث للسباق الرئيسي).

وقال براون "أحد الأمور التي تحدثنا بها أيضا هي إقامة جائزة كبرى في نهاية أسبوع من يومين، واذا تمكنا من إقامة ثلاث سباقات متتالية (في ثلاثة أسابيع) يمتد كل منها ليومين، يمكن لهذا الأمر ان يكون خيارا".

وسبق للمنظمين إقامة ثلاثة سباقات في ثلاثة أسابيع خلال بطولة 2018، لكن ذلك لم يلق ترحيب الفرق التي شكت من الإرهاق بسبب ذلك.

لكن براون يؤكد ان ما يطلبه المنظمون "من الفرق هذا العام هو المرونة. يجب أن يعطوا أنفسهم الفرصة للقيام بذلك لأننا في ظروف استثنائية، ويجب أن نحرص على خوض موسم يقدم فرصة جيدة للفرق على الصعيد الاقتصادي".

وتابع المسؤول المخضرم في عالم الفئة الأولى "أنا متأكد أن الفرق ستكون مرنة للسماح لنا بتسيير الأمور".

وسيكون الهاجس الاقتصادي وتحقيق الأرباح أساسيا في ذهن الفرق التي تستثمر مبالغ طائلة في التحضير للموسم، وتخشى ان يؤثر تقصير مدته على العائدات التي تتوقع تحقيقها من البطولة.

ويرى فاسور ان "التكاليف لن تكون بالضرورة أقل بكثير بحال إقامة 18 سباقا بدلا من 22 سيكون دخلنا أقل أيضا، سنجري سباقات أقل لذا ستكون لدينا حقوق تجارية أقل".