يمكن اعتبار بطولة ​كأس الخليج العربي​ الرابعة والعشرين في الدوحة واحدة من أهم البطولات في تاريخ تلك البطولة، بعدما أعادت مشاركة جميع المنتخبات الإعتبار للمونديال الخليجي المصغر بإعلان المشاركة في المنافسات وهو ما اعتبره البعض فرصة لرسم واقع جديد خارج إطار الرياضة في الوقت الذي كانت البطولة مقتصرة على خمسة منتخبات حتى قبل ايام على انطلاقتها.

لكن المهم في خليجي 24 تجسد بمشاركة جميع المنتخبات الخليجية بنجومها الاساسيين وهو ما عكس رغبة متجددة من الجميع بإعادة روح التنافس الى تلك البطولة والتي لطالما شكلّت منطلقاً ومنعطفاً بالغ الأهمية لكثير من المنتخبات تمكنت من خلالها من بلوغ نهائيات كأس العالم بسبب المستويات المرتفعة التي شهدتها النسخ السابقة وتحديداً في التسعينات وبداية الألفية الجديدة.

من الواضح ان النسخة الحالية من بطولة كأس الخليج تؤسس لمرحلة جديدة ستفرض على الجميع اعتبار تلك المنافسات بمثابة واجب وطني لا يمكن التخلي عنه، وهو الأمر الذي تم السير عليه في البطولات السابقة، ليثمر هذا الأمر عن نجاحات منقطعة النظير لبطولة أقليمية حصدت الإعجاب على المستويات القارية والعالمية معاً.

ولعل مفاجأة الساعات الاخيرة التي تجلّت بمشاركة جميع المنتخبات الخليجية أثمرت أيضاً عن مفاجآت على الصعيد الفني مع فوز ​العراق​ على قطر المضيفة بهدفين لواحد، وخسارة ​السعودية​ أمام ​الكويت​ بثلاثة أهداف مقابل واحد في كلاسيكو خليجي لطالما كان العنوان الأبرز لجميع البطولات الخليجية السابقة.

لكن من المعروف ان النتائج الأولية لبطولة الخليج لا يمكن البناء عليها، اذ ان معالم المنافسة على اللقب غالباً ما تتضح ابتداء من الجولة الثانية، ولنا في المنتخب العماني حامل اللقب مثال حين خسر مباراته الإفتتاحية في خليجي 23 ومع ذلك تمكن من المضي قدماً نحو منصة التتويج.

ولعل الملفت في البطولة الحالية ان معظم المنتخبات قادرة على الفوز باللقب باستثناء المنتخب ​اليمن​ي الأقل جاهزية فنية، خاصة وان تلك المنتخبات أبلت بلاء حسناً في التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة لمونديال 2022 وكأس آسيا 2023 وتحديداً قطر والعراق و​البحرين​ وحتى السعودية رغم خسارتها المباراة الأولى، مع العلم ان المدرب هيرفي رينارد أراح معظم لاعبي الهلال الذين التحقوا متأخرين بالمنتخب في الدوحة بعد مساهمتهم بفوز الهلال بدوري أبطال آسيا.

بالمحصلة هي بطولة خارج الترشيحات الأولية والتي غالباً ما تطبع كل نسخة جديدة، وهذا الامر يمكن ان يساهم في ارتفاع المستوى الفني لخليجي 24 ويمهد بالتالي لجولات مقبلة حافلة بالاثارة والندية تعيدنا بالذاكرة الى بطولات سابقة لطالما شهدت مولد الكثير من النجوم ممن ساهموا بتتويج منتخباتهم باللقب الأغلى في قلوب كل مواطن خليجي.