من الواضح ان الدوري الإيطالي لكرة القدم دخل عصراً مغايراً لما عرفه في السنوات الثماني الماضية حين بسط يوفنتوس هيمنته على الألقاب فارضاً نفسه القوة المحلية الأولى والوحيدة، ومنهياً بذلك حقبات ذهبية لقطبي مدينة ميلانو (الإنتر واي سي ميلان)، بعدما استعاد سطوة غابت لفترة طويلة مطلع الألفية الجديدة بقيادة المدربين أنطونيو كونتي وماسيمليانو أليغري.

اليوم يبدو المشهد مختلفاً في دوري كان في يوم من الأيام الأفضل في العالم والأكثر جذباً للنجوم قبل ان تنهكه الأزمات المالية والضرائب المرتفعة على العقود، حتى كدنا ننسى ان الدوري الإيطالي هو أحد بطولات الدوري الكبرى في أوروبا، لكنه بدأ يستعيد موقعه تدريجياً منذ الموسم الماضي مع قدوم العديد من النجوم وفي مقدمتهم البرتغالي كريستيانو رونالدو أفضل لاعب في العالم خمس مرات والقادم من ريال مدريد الإسباني.

ومنذ انطلاق الموسم الحالي بدا واضحاً ان الصورة بدت مكتملة مع عودة أندية عريقة للمنافسة وتحديداً انتر ميلان الذي تولى تدريبه أنطونيو كونتي، وأظهر منذ اللحظة الأولى ان مهمته الأولى هي انهاء سطوة السيدة العجوز على الألقاب المحلية، ووضعت اللبنة الأولى لتلك المهمة بمروحة واسعة من التعاقدات أبرزها دييغو غودين من اتلتيكو مدريد وروميلو لوكاكو من مانشستر يونايتد والكسيس سانشيز من الارسنال.

نجح النيراتزوري في كل الاختبارات المحلية حتى الآن محققاً ستة انتصارات متتالية وضعته في صدارة الدوري الإيطالي بفارق نقطتين عن اليوفي حامل اللقب في انجاز لم يتحقق منذ 52 عاماً، وهو أمر بدأ يمنح عشاق الفريق الامل باستعادة الأمجاد والتي كان آخرها الفوز بلقب الدوري لخمسة أعوام متتالية، اختتمت بالثلاثية الشهيرة عام 2010 حين فاز بلقبي الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا بقيادة "السبيشل وان" البرتغالي جوزيه مورينيو.

لكن قدرة ​انطونيو كونتي​ على تكرار ما فعله في اليوفي سيمر باختبارين حقيقيين هذا الاسبوع، الأول حين يواجه برشلونة يوم الاربعاء في دوري أبطال أوروبا، والثاني عندما يستضيف يوفنتوس في مباراة قمة يوم الأحد المقبل في لقاء هو الأهم وينتظره كل عشاق الفريق الأزرق والأسود هذا الموسم.

وبغض النظر عما يمكن ان يحدث في تلك المباراتين، الا انه لا يمكن استبعاد انتر ميلان من دائرة المواجهة هذا الموسم، ولا يمكن الا اعتباره احد الفرق الكبيرة العائدة لصياغة مجد جديد ليس في ايطاليا فحسب انما على صعيد القارة العجوز بأكملها، وهذا بحد ذاته من شأنه أن يُعيد عقارب الساعة إلى الوراء وينتج بطلاً جديداً للدوري الإيطالي طال انتظاره، بعدما ظن الجميع ان اليوفي ينافس نفسه على مدى السنوات الماضية.

هي لحظات لا يمكن للاحرف صياغتها، لكن انتر ميلان الذي اعاد انتاج نفسه قادر على فتح صفحات جديدة لتاريخ مشرق قدم خلاله الكثير من النجوم والمدربين وترك بصمة لا يمكن ان تمحوها سنوات من الضياع والخيبة كالتي عرفها النيراتزوري ومنحته 18 لقبا في الدوري الايطالي.