في وطن تعصف به الكثير من الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والتي تكاد لا تترك متنفساً أو مخرجاً لأولئك الذين لا يزالون يؤمنون بالقدرة على الخروج من هذا النفق، تبقى هناك "باحة" خلفية لشبان وشابات لم تتعد أعمارهم الـ20 عاماً قادرون على زرع الفرح عبر إمكانيات شبه معدومة، ومتسلحون بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين أمام أقوى وأعتى المنافسين.

وعندما تشاهد تلك الارادة تنتزع الإعجاب وتحقق المستحيل، فإن ذلك الإنجاز يتخطى بمفهومه كل العقبات والنكبات التي تعترض الرياضة اللبنانية سواء في المكاتب أو في الملاعب، وعندها يصبح الحلم واقعاً والمستحيل حاضراً والجهد ممراً لفرح طويل لا ينتهي.

الإنجاز الذي حققه المنتخب اللبناني للشابات في كرة اليد بتأهله إلى ​بطولة العالم 2020​ في رومانيا للمرة الأولى في تاريخه بعد بلوغه الدور نصف النهائي لبطولة آسيا الـ15 المقامة في بيروت، كان الخبر السعيد الذي سمح للبنانيين بنسيان ما يمرون به يومياً، وهذا التألق المتوج بتحقيق الحلم نقطة مضيئة على جبين فتيات تغلبن على كل الصعاب ورفعن علم لبنان عالياً.

لا يمكن اعتبار ما تحقق على يد شابات لبنان مجرد انجاز عادي، فعندما تتخلى كرة السلة اللبنانية عن مهمتها في اسعاد اللبنانيين وتتحول أسيرة لصراعات المكاتب بدلا من الملاعب ليصبح التأهل الى كأس العالم حدثاً من التاريخ، وعندما يخرج منتخب القدم من دور المجموعات في ​كأس آسيا 2019​ في الامارات بسبب هدف ونتيجة اشكاليات داخل غرف الملابس، فإن شابات لبنان يصبحن جاهزات لجعل اللبنانيين يضعون ايمانهم بلعبة أخرى أثبتت تفوقها في محفل آسيوي كبير انتهى بأن بات الحلم حقيقة.

نعم نجح ​المنتخب اللبناني لكرة اليد​ بقلب الطاولة وبلوغ نهائيات كأس العالم في رومانيا العام المقبل، لكن الأهم من كل ذلك ان الرياضة اللبنانية اثبتت انها لا تزال تخبئ الكثير وتملك الكثير رغم تواضع الإمكانيات، لكن تلك المواهب بحاجة لاهتمام وحرص كبيرين من جانب المعنيين أولاً والقيمين على اللعبة ثانياً حتى لا يصبح ما تحقق مجرد صفحة تطوى بمجرد المشاركة في هذا الحدث العالمي.

في كل مرة تحقق الرياضة اللبنانية انجازاً فإننا ندعو الى تحصينه والبناء عليه من أجل المضي قدماً نحو المستقبل، لكننا نفاجئ في كل مرة ان هذا الامر لا يتحقق وهو ما حدث مع ألعاب أخرى سواء على الصعيد الجماعي او الفردي، لكننا نأمل هذه المرة ان يتحول انجاز التأهل إلى كأس العالم، فرصة لإعادة لعبة كرة اليد الى الواجهة والسير بها نحو آفاق مستقبلية تستطيع من خلالها اثبات جدارتها في كل البطولات التي نشارك بها، وهو ما يعني ان منتخب الشابات بحاجة الى خطة إعداد تساهم في منح لاعبات لبنان الثقة والخبرة من أجل تشريف الوطن العام المقبل.