لربما سمعتم أنه في الفورمولا 1 هناك سائق يكون لقبه في الفريق الذي يقود له "سائق رقم 2". هذا اللقب أصبح مشهور في أيام ​مايكل شوماخر​ مع ​فيراري​ حيث كانت سكوديريا مبنية عليه وزميله كانت مهمته مساعدته على الفوز لا أكثر. حصل هذا الأمر مع أيدي أيرفاين ومع ​روبنز باريكيلّو​ في أيام شوماخر ولاحقًا حين وصل فرناندو الونسو الى فيراري اصبحت هذه المهمة منوطة بفيليبي ماسا.

هذه المسرحية أكملها فريق ​مرسيدس​ بوضوح إبتداءً من موسم 2017 حين إستقدم السائق ​فالتيري بوتاس​ ليساعد سائقه المفضّل ​لويس هاميلتون​. أمضّى بوتاس عامين وهو يضحّي بسباقاته من أجل هاميلتون. لقراءة مقال مفصّل عن هذا الامرإضغط هنا.

كي أكون واضحًا، مايكل شوماخر ولويس هاميلتون سائقان أفضل بأشواط من الباقين وفي منافسة مباشرة معهما كانا سينتصران عليهم في كل مرة. وما كانت الفرق ستستقدمهما إلى صفوفها لو كانا يشكلان خطر عليهم بالأصل.

فإذًا أنت كسائق فورمولا 1 حين تستجيب اول مرة لطلب الفريق بأن تفسح المجال لزميلك تحت أي عذر كان خلال السباق تكون فعليًا قد قضيت على مسيرتك في هذه الرياضة. هذا الطلب سيأتي مرارًا وتكرارًا في المستقبل وسوف تصبح "كيس الرمل" الذي يستخدمه الفريق من أجل تحسين إستراتيجية زميلك.

الفورمولا 1 هي مكان من دون رحمة وليس لديك أصدقاء فيها وعليك أن تسعى خلف مصلحتك الشخصية فوق كل إعتبار وإلا سوف يتم طحنك بكل بساطة. هذا المنطق بدأنا نراه في السائقين الشباب الذين بدأوا بالوصول للفورمولا 1 حديثًا فنسمعهم على الراديو يتحدون أوامر فرقهم علنًا ويرفضون التخلي عن مراكزهم أو أن يضعوا مصلحة الفريق قبل مصلحتهم.

"مصلحة الفريق قبل المصلحة الشخصية" هي الفكرة التي تهدد بها الفرق السائقين كي تلزمهم بالإنصياع للأمور خلال السباقات لكن الجيل الجديد من السائقين لا يعيرها أهمية كونه شاهد ورأى ما يحصل للذي يلتزم بها فهو يُدمر ويتم الإستغناء عنه ويُنسى كأنه لم يدخل الفورمولا 1 بحياته.

أنهي هذا المقال بفكرتين متناقضتين. الاولى متعلّقة بفريق مرسيدس الذي ما زال مصر على إعتماد إستراتيجية فيراري القديمة من حيث سائق رقم واحد وثاني حيث أنه جدد لبوتاس ليقود له في 2019. أما الثانية فهي متعلّقة بفيراري التي قررت منذ سنوات أنها تريد سائقين متساويين بالقوة والموسم المقبل سيكون تتويج لهذا الأمر. في 2019 سيُتابع ​سيباستيان فيتيل​ بطل العالم 4 مرات القيادة لسكوديريا والسائق الجديد هو ​شارل لوكلير​ الشاب الذي أثبت في موسمه الأول في الفورمولا 1 في 2018 مع فريق ساوبر أنه ذو موهبة رهيبة ولديه مستقبل رائع.

في حال تمكنت فيراري من تصميم سيارة قوية لموسم 2019 فالثنائي فيتيل/لوكلير سيتفوّق على ثنائي هاميلتون/بوتاس، على الأقل من ناحية بطولة الصانعين. ومن المعلوم أن المنافسين الوحيدين على البطولة هما هذين الفريقين ويمكن أن ينضم اليهما فريق رد بُل في حال كان محرك هوندا في الموسم المقبل قوي.