يعتبر المدرب الوطني ​عدنان الشرقي​ أحد رموز "العصر الذهبي" لكرة القدم اللبنانية وباني مجد فريق ​الانصار​، وحصد معه الألقاب والكؤوس.

اليوم، وبعد انقطاعه عن العمل مع "الزعيم" منذ سنوات طويلة، وفي حديث مع سامر حلبي مراسل صحيفة "السبورت" الالكترونية يصنف الشرقي نفسه بالمتابع الذي يملك نفس الشغف والحماسة اللذين يملكهما منذ الصغر، ولكن الفارق هو عامل المسؤولية التي لم يعد يملك زمامها في النادي.

وهو الذي يحن احيانا إلى الزمن الجميل والى الاقدام على العطاء، وفي الوقت عينه يحمد الله انه لم يعد مسؤولا في ظل التراجع الكبير في المستوى الكروي ككل وليس في نادي الانصار على وجه التحديد، فيقول الشرقي بادىء ذي بدء "كان الله في عون من يعمل في الشأن الكروي، فالتعامل مع اللاعبين اصبح اصعب من ذي قبل، والتكاليف ارتفعت والمراهنات التي تفشت اضرت كثيرا وفاقت الحد أضف إلى ذلك "جو المدرجات"..الذي يندى له الجبين".

يضيف: "كرة القدم اللبنانية يتم صرف الأموال عليها ولكن مع تأخر كل القطاعات الخدماتية في بلدنا فهي لا بد ان تتأثر، فالاتحاد اللبناني للعبة على سبيل المثال وزع جدول مباريات الدوري جغرافيا على ملاعب محددة وفق رؤيته وأسبابه، ولكن في الوقت عينه تغاضى عن فئات ومناطق جغرافية قد تتأثر سلبا من الواقع المفروض".

وحول سؤال يتعلق باللاعب اللبناني اذا كان مظلوما أو ظالما لنفسه يردف الشرقي قائلا: "اللاعب مظلوم لأننا نحمله فوق طاقته، بمعنى اننا نطلب منه ان يكون بمستوى اللاعب الخارجي بإمكانات محلية وليس بإمكانات الخارج، فالتجهيزات المحلية قليلة ولا يتدرب بالطريقة العلمية التي وصل اليها العالم حولنا أي مرتين في اليوم على فترتين صباحية ومسائية ونقدم له وجبة قبل التمرين ووجبة بعد التمرين، وهو ظالم لنفسه لأنه لا يعيش حياة لاعب كرة القدم كما ينبغي ولا يرغب بالتطور والسبب انه لم يتم توجيهه منذ الصغر. كما انه يطمئن الا ان راتبه الذي يتقاضاه اخر كل شهر الذي يفوق في لبنان راتب خريج جامعي سيصل إلى جيبه، بالاضافة انه لا يعيش حياة الرياضي الذي يحرم نفسه من أشياء في أوقات معينة ويقوم بأشياء في أوقاتها خارج الدور الوظيفي الكروي". يتابع: "ان اللاعب طالما انه قبل بتقاضي اجرا شهريا، فهو كالموظف الذي ينبغي ان يلتزم بتقديم أقصى ما يملك لناديه، فلاعب كرة القدم يجب ان يعيش في فترات معينة مثل "الناسك"، هل من لاعب يمكن ان يؤدي تمارينه مبارياته بنسبة مئة بالمئة".

عن رأيه بالأكاديميات يعتبر انها اذا لم تفي بالغرض المطلوب أي الإفادة فهي تعطي مساحة للولد ليعبر عن ذاته ويجد متنفسا فلو استفاد ٥٠ من أصل ٢٠٠٠ فهذا جيد، ويرى أن الاهتمام بالصغار هو فقط للفوز ببطولة، ولكن المطلوب هو اهتمام عقلي وجسدي ونفسي وروحي.

يقول في هذا السياق "المطلوب من الأندية ان تهتم بأكاديمياتها أكثر من الاعتماد على الأكاديميات التجارية،وتدريب الصغار أصعب بكثير من تدريب الكبار، ولكن الخطورة هي في ملاعب التدريب الاصطناعية فهي لا تبني الناشئ، بل قد ينتج عنها ثلاث إصابات خطيرة محتمة واكيدة وثابتة علميا وهي اصابة العامود الفقري ومفاصل الركبة وارتجاج المخ، طبعا ملعب العشب الطبيعي يحتاج الى عناية ولا يمكن التدريب عليه يوميا وهذا محال".

يرفض الشرقي التحدث عن البيت الأنصاري في الوقت الحالي مع ظهور علامات الحسرة الواضحة على محياه مصحوبة بمزيج الوفاء والبر للبيت الثاني، ويكتفي بالقول :"وفق الله كل شخص عمل للنادي وكان الله في عون كل مسؤول وانا لا انشر غسيل سواء كان متسخا او نظيفا".

ماذا لو عادت عقارب الساعة إلى الوراء وكان لك الخيار في الجلوس 90 دقيقة على دكة البدلاء والمدربين لتلعب ضد فريق فمن تختار؟ كان هذا سؤالا بديهيا أجاب عنه بالتالي: "لو عاد بي الزمن لألعب مباراة لاخترت فريق ​النجمة​ خصما، مباراة دائما تسكر الروح ولكنني أكون طائرا ومحلقا، العقل موجود ولكن رهبة وهيبة المباراة تجعلك قلق، قدماي ثابتتين على الارض وجسدي يطير مهما كانت النتيجة مباراة فيها شغف وحماسة وندم كبير عند الخسارة وفرح كبير عند الفوز".

اما اكثر فريق كان ينزعج من مواجهته فيقول: "الفريق الذي اخشاه او احسب له حساب هو ​شباب الساحل​ اذ كان عقدة او "دقر" لم نكن نوفق أمامه إلا بعد جهد جهيد وفوزنا لطالما جاء متأخرا أو بطلوع الروح".

يضيف "لم أكن اخاف لأنني لو عرفت الخوف لم استطع تسيير الفريق قبل المباراة وأثناءها".

وعن نهائيات كأس آسيا المقبلة يرى ان تأهل ​منتخب لبنان​ جاء من خلال ثلاثة عوامل هي زيادة العدد وانسحاب الكويت وطفرة المحترفين في الخارج الذي ساعدوا كثيرا، والمنتخب الحالي هو من الأفضل خلال السنوات العشر الاخيرة ولكن يجب العمل على الحلول الهجومية التي يراها حتى اليوم من مجهودات فردية ومهارية اكثر منها انضباطية.

وحول سؤال عن اللاعب الذي تمنى أن يضمه إلى كتيبته يوما فأجاب بعد تفكير إستمر للحظات:"كنت أتمنى ضم ​بلال فليفل​ من النجمة وعدنان حمود من الشعلة (قديما)كما أنني حزنت و"زعلت" لان جمال الخطيب غادرنا فأنا الذي كنت احضره إلى التمرين وارجعه الى بيت أمه طيلة ست سنوات".

اما بلال فليفل فكانت ظروف انضمامه للنجمة غير مناسبة مما جعله يحترق نفسيا، فكان عندما يسجل هدفا كان الجمهور يهتف "حاج حمود حاج حمود" ولو نجحت في إقناعه بالانضمام الى الانصار للمع وبرز وكان في صورة مختلفة من النجومية.

ولا يرى الشرقي مانعا من احتراف اللاعب اللبناني في ماليزيا او اندونيسيا او الهند حتى فهو افضل للنفسية ولا توجد طائفية أو مناكفات سياسية تؤثر على نفسية اللاعب. إضافة إلى النظام ومن ثم النظام.

وهو يعتبر ان جمهوري الانصار والنجمة تحديدا يضران فريقيهما وهناك يد واحدة تحرض الجمهورين وتغذيهما للهتافات الغير رياضية.

سألناه عن أمنية يرغب في تحقيقها أجاب: "اطلب من الدولة تأمين المسكن والمدرسة والطبابة لأي إنسان قبل ان اطلب منهم تقديم أي شيء للرياضة".

ويعتبر أن وزارة الشباب والرياضة اليوم لا سلطة لها على اتحاد الكرة، ولا همتها فاعلة على الساحة الرياضية عموما ففي السابق كانت هناك دائرة تنظم البطولات المدرسية في كافة الالعاب وكانت تخرج لاعبين وهي وجدت قبل المديرية العامة وقبل الوزارة نفسها، ويقول:"لعبت في بطولتي الشباب والناشئين ومارست ألعاب القوى في المدارس وهي وحدها التي تخرج الرياضيين".

ويطالب الوزير المقبل التوجه إلى البطولات المدرسية، ويقول :"انا شاركت ببطولة رمي الكرة الحديدية في فئة الناشئين وليس كرة القدم فقط".

كلمة اخيرة يوجهها لمن يعمل في نادي الأنصار أن يعمل بحب وضمير وللجمهور الاخضر يقول:"انتبه لحركاتك بالملعب،واترك غيرك يفرح متل ما إنت بتفرح".

رأيه عالميا

عن شجون الكرة العالمية يرى الشرقي ان التكتيك أصبح اعلى وهناك خطط واضحة تعتمد على مراقبة النجم والمواهب وعملية الانكماش، وبالتالي تراجعت المواهب الفردية واذا ما تم استعمال هذا الأسلوب فإن المواهب ستندثر بلا شك اذا ما أصر المدربون حاليا على الاعتماد على اللعب الجماعي المتكتل.

ويعتبر ان المنافسة في إسبانيا باتت محصورة بين ​ريال مدريد​ وبرشلونة لأسباب مالية تعاني منها باقي الفرق، ولا يعتبر غياب رونالدو سيؤثر حتى يعيد الفريق ترتيب اوراقه مع افضلية نسبية حالية لبرشلونة.

وفي الختام يحب عدنان الشرقي أن يقابل لاعبين اثنين هما الفرنسي ريمون كوبا والهولندي ​يوهان كرويف​ لو اتيحت له الفرصة من جديد.