يتقاضى سائقي الفورمولا 1 ملايين الدولارات سنويًا من أجل قيادة السيارات بأسرع طريقة ممكنة لتسجيل اكبر عدد من النقاط في البطولة. وكما هو متوقّع أن ​لويس هاميلتون​ و​سيباستيان فيتيل​ و​فرناندو الونسو​ (أبطال عالم عدة مرات) هم من يتقاضى رواتب خيالية تصل الى حدود ال30 مليون$ سنويًا لكل سائق. إن ​كيمي رايكونين​ أيضًا لديه راتب مرتفع لكن أقل من الثلاثة الكبار. ومن ثم هناك مجموعة تتقاضى ما بين ال10 الى 1 مليون $ سنويًا وهناك السائقين الصاعدين الذي يكون راتبهم تحت المليون لكنهم قلّة.

المهم أن سائق الفورمولا 1 هو رياضي مرتفع الدخل ومطلوب منه الكمال تقريبًا. ولكن منذ وفاة أيرتون سينا في 1994 قررت الفورمولا 1 التركيز على السلامة وجعلها الهمّ رقم واحد لها في السباقات. بدأت الفورمولا 1 في عام 1950 وحتى الآن لقي 28 سائق حتفه خلال السباقات الرسمية. 27 وفاة حصلت قبل عام 1994 وفقط وفاة وحيدة بعد ذلك حصلت في عام 2014.

هذه الأرقام تثبت أن ما قامت به الفورمولا 1 على صعيد السلامة كان ممتاز الى درجة الكمال. إن الوفاة التي حصلت في عام 2014 وكان ضحيتها سائق فريق ماروسيا جولز بيانكي كانت غريبة لدرجة كبيرة وكانت نتيجة عدم إحترام قوانين السلامة من كل الأطراف-طبعًا عن غير قصد. الحادثة حصلت في سباق اليابان على حلبة سوزوكا في ظل مطر غزير حيث أن بيانكي فقد السيطرة على سيارته وخرج عن حدود الحلبة وصدم تراكتور كان يزيل سيارة سائق آخر كان قد إصطدم بالحائط قبل لفة. دخل بيانكي في غيبوبة بسبب تعرضه لإصابات بليغة في رأسه وبقي فيها حتى وفاته في تموز 2015.

وبعد هذه الوفاة بدأت الفورمولا 1 تعمل على طريق فعالة لحماية رأس السائق وتم تطبيق ذلك من خلال إعتماد نظام ​الهايلو​ إبتداءً من موسم 2018 وهو عبارة عن قضبان موقعها فوق رأس السائق ويمكن أن تتحمل قوة إصطدام كبيرة. أولّ إختبار لهذا النظام حصل في السباق البلجيكي هذا الموسم حين طارت سيارة فرناندو الونسو ولامست سيارة ​شارل لوكلير​. من جهته لم يؤكّد مدير سباقات الفورمولا 1 شارلي وايتنغ أن الهايلو أنتقذت حياة لولكلير وصرّح انه يجب إجراء العديد من الدراسات قبل إعلان هذا الأمر بشكل واضح.

على كل الأحوال أصبحت سيارة الفورمولا 1 كالدبابة، يتعرّض السائق لحوادث هائلة ويخرج منها كأن شيئًا لم يحصل. وهذا الأمر مطلوب من الجميع ولا أحد يعترض عليه كونه لا أحد يريد وفاة السائقين في السباقات. لكننا وصلنا الى مرحلة أصبح عنصر السلامة طاغي الى درجة أفقد الفورمولا 1 عنصر الخطر المشهورة به والذي هو من يجلب مئات الألوف الى الحلبات في كل عام لمشاهدة السباقات بالإضافة الى مئات الملايين حول العالم على التلفزيون.

المشاهد يريد رؤية تنافس قوي ويريد إصطدامات ويريد تواجد عنصر خطر الى حد ما. إن الأميركيين يعلمون جيدًا هذا الأمر وكل بطولات السيارات هناك تخضع لهذا المنطق وهذا ما يجعل نسبة مشاهدتها مرتفعة جدًا. بالمقابل في الفورمولا 1 في حال كانت الأمطار تهطل لا يبدأ السباق بسبب السلامة وهذا أمر مستغرب. لا يمكن إقناع المشاهد أن سائق ما والذي يتقاضى 30 مليون $ يجب حمايته من المطر. وما يثير الحنق أكثر أن الفورمولا 1 تخاف على السيارات أيضًا حيث أنها لا تريد تعرّضها الى أي ضرر كون قيمتها مرتفعة جدًا.

معادلة تؤمّن سلامة السائق لكن في نفس الوقت تُبعد المشاهد. بالتأكيد نكرر ونعيد لا أحد يريد موت السائقين لكن في نفس الوقت إن عنصر الخطر هو في صلب رياضة السيارات وكل سائق يعلم ذلك وهذا ما يمنحها جماليتها. إنت كنت تخاف على حياتك على الأرجح إن الفورمولا 1 ليست المكان المناسب لك.