أسدلت الستارة على ​كأس العالم 2018​ والتي استضافتها روسيا بتتويج ​منتخب فرنسا​ باللقب على حساب منتخب ​كرواتيا​ ويمكن القول بأن البطولة هذه غلبت عليها النزعة التكتيكية أكثر بكثير من النزعة الفنية وجمالية اللعب حيث رأينا بأن المنتخبات المنظمة تكتيكيا والتي تميل للعب الدفاعي والإنضباط في وسط الملعب مع عدم المجازفة هجوميا هي التي تصل للأمتار الأخيرة من هذا العرس الكروي الذي أثبت أن لا كبار فيه.

وشهد هذا المونديال الكثير من الخطط التكتيكية كان ابرزها عودة خطة اللعب ب3 مدافعين إلى الواجهة وقد تألقت بعض المنتخبات التي لعبت بها كبلجيكا و​إنكلترا​ التي احتلتا المركزين الثالث والرابع على التوالي بجانب الخطط الاخرى والتي تقوم على اللعب ب4 مدافعين في الخلف.

في هذا التقرير، سنستعرض الرسوم التكتيكية التي لعبت بها المنتخبات المشاركة مع الإضاءة على افضل منتخب لعب في هذا الرسم وأبرز اللاعبين الذين تألقوا ضمن الخطط التكتيكية وذلك من أجل إعطاء قرائنا الأعزء فكرة واضحة عن المسار التكتيكي الذي كانت عليه هذه البطولة الكروية الأهم على مستوى العالم.

خطة 4-2-3-1:

هي الخطة الأكثر إنتشارا في العالم حاليا. استعمل هذه الخطة 13 منتخبا هي: ​ألمانيا​، روسيا، ​الأرجنتين​، المكسيك، سويسرا، مصر، ​صربيا​، كولومبيا، ​اليابان​، ​الدانمارك​، ​البيرو​، ​أستراليا​ و​بولندا​.

نظرة عامة:

تعتمد هذه الخطة على اللعب برباعي دفاعي، لاعبين محوريين في وسط الملعب، ثلاثي خط وسط بينهم صانع ألعاب خلف رأس الحربة الصريح. قلبي دفاع في العمق مع ظهيرين يسارا ويمينا يكونان فعالين في التقدم للهجوم وعكس الكرات من الأطراف مع سرعة العودة للخلف.

الكفاءة والاستقرار والتفوق التي يمنحها تواجد المحورين يجعلها مهمة ومفصلية في الكرة الحديثة. المحورين هما استعمال لإثنين من لاعبي الوسط أمام الخط الدفاعي وأحدهما يكون مبدعاً أكثر من الآخر ويوضع بصفته صانع الألعاب من العمق صانع الألعاب عادة ما يكون أكثر لاعبي الفريق ابتكارا، يلعب بين الخطوط وغالبا ظهره على المرمى.

ويجب عليه أن يتأكد من ألا ينقسم الفريق إلى قسمين ويجب عليه أيضاً أن يكون سيدا في إيجاد المساحات بما أنه سيكون أول من يواجه محوري الخصم. الأجنحة، الأظهرة، قلوب الدفاع والمهاجم لديهم أدوار مشابهة كتلك التي في باقي الخطط. هنالك توجه من بعض المدربين لجعل لاعبي الوسط يلعبون في مراكز عرضياً واسعة، هذا يساعد في الحفاظ على توازن الفريق وتحجيم الوسط على الخصم. خط الوسط كالعادة هو الأساس في هذه الخطة والسر لنجاحها وجعلها مرنة فهم من يقومون بتحويل خطط اللعب وطريقته بتحركاتهم وتبدلاتهم فيما بينهم وأهم نقطة ان يكون بينهم انسجام وتفاهم كبير في طريقة التحركات ومركز كل لاعب.

في البداية تحتاج الى لاعب محور دفاعي قوي وصلب لانه هو حائط الصد الاول في الفريق، امامه مباشرة لاعب الارتكاز ويلعب هذا اللاعبدور العقل المدبر في الفريق او كما يقال المايسترو والمنظم لطريقة لعب الفريق باختصار يكون هو روح المدرب في الملعب يجب وبشكل كبير ان يمتلك مهارة التمريرات الطويلة والقصيرة على حد سواء وحبذا لو كان يجيد التسديد القوي والمتقن.

في الجناح الأيمن يجب ان يتوفر لدينا لاعب نشيط وسريع وحركي وكذلك يجيد اللعب كمهاجم ثاني، هجوم هذا اللاعب وتحركاته غالبا ستكون في العمق حيث سيتولى الظهير الايمن الهجوم من تلك الجهة. صانع اللعب في هذه الخطة أو الرقم 10 هو لاعب يجب ان تتوفر فيه صفات المهارة العالية والقدرة الكبيرة على التحكم بالكرة ولديه حس تهديفي عالي مع اجادته لصنع الكرات والتمريرات القصيرة والبينية، الجناح الأيسر سيتولى الهجوم من الطرف الأيسر نظرا لأن الظهير الأيسر محروم من التقدم.

كما يحتاج الفريق إلى رأس حربة يجيد الصراعات الهوائية ويمكنه استغلال أنصاف الفرص ويمكن للمهاجم أن يكون حرامي باب، مهاجما وهميا أو لاعب يخرج للخارج ليفتح المساحة لإعطاء القادمين من الخلف المساحة للتسديد على المرمى.

أفضل اللاعبين الذين ظهروا بهذه الخطة:

برز العديد من اللاعبين بهذه الخطة خاصة مع المنتخبات التي نجحت في تخطي الدور الأول حيث رأينا مثلا في مركز قلب الدفاع لاعب منتخب اليابان ​يوشيدا​ ولاعب ​منتخب كولومبيا​ ​ياري مينا​ فيما لفت رودريغيز لاعب ​منتخب سويسرا​ النظر في مركز الظهير الأيسر، بينما على الأجنحة تألق لاعب منتخب اليابان هارغوشي ولاعب منتخب سويسرا ​شاكيري​ ولاعب منتخب المكسيك لوزانو إضافة للاعب منتخب كولومبيا ​كوادرادو​. أما في وسط الملعب فكان باريوس لاعب ارتكاز كولومبيا مميز للغاية وفي مركز صناعة اللعب كان تشيرسيف لاعب روسيا مميزا بجانب لاعبي منتخب كولومبيا جايمس رودريغيز و​كوينتيرو​ ولا يجب نسيان تألق دزويبا رأس حربة منتخب روسيا في هذه البطولة.

خطة 4-1-4-1:

أبرز من لعب بها ونفذها بطريقة مميزة هو منتخب كرواتيا الذي وصل للنهائي حيث استفاد من وجود لاعبي وسط بقيمة راكيتيش و​مودريتش​ كانا هما بيضة القبان في الفريق وساعدا بشكل كبير في الوصول للنهائي. كما كان منتخبا المغرب و​إيران​ أفضل منتخبين خرجا من الدور الأول واستعملا هذه الخطة، دون نسيان تونس، ​السعودية​ وباناما الذين لم يقدموا الأداء المنتظر منهم في هذه الكأس العالمية.

نظرة عامة:

تعتمد هذه الخطة على اللعب بأربعة مدافعين في الخلف وتمتاز بأنها تعطي قوة في خط الوسط والاطراف من دون الحاجة إلى صعود الأظهرة كثيرا إلا عند الحاجة للمجازفة الهجومية والحصول على كثافة عددية كبرى في خط الأمام. يبدأ قلبي الدفاع ببناء الهجمة من الخلف ويكون عليهما اللعب كما في باقي الخطط التي تعتمد على اللعب بأربعة مدافعين.

دور الأظهرة في هذه الخطة يكون في الشق الدفاعي إغلاق المساحات عبر الأطراف كما يكون هجوميا في أهمية الصعود لخط الملعب وتضييق المساحات في المنتصف ما يسمح دائما للأجنحة بالتحرك بحرية أكبر.

أساس هذه التشكيلة هو لاعبي الإرتكاز ولاعبي خط الوسط أمامهما، لاعب الوسط المدافع هو ميزان الفريق فيقوم دفاعيا بحماية رباعي الدفاع وافتكاك الكرات ومنع الخصم من ضرب الفريق بكرات بينية كما تكون مهمته الهجومي هي فتح حلول هجومية واستقبال الكرات من قلبي الدفاع في مرحلة البناء ثم توزيعها إما للعمق مع لاعبي الوسط أو للجناحان مع عدم تفضيل اللعب الطويل نحو رأس الحربة.

وهنا يكمن دور لاعبي الوسط، حيث يكون أحدهما متأخرا عن الآخر ويتبادلا هذا الدور وكلاهما يجب أن يكون سريعا في العودة الدفاعية كي يصبح الفريق ستة في الخلف وهما دائما يحاولان الإختراق من العمق ومد رأس الحربة بالكرات القصيرة أو لعب الكرات الطويلة نجو الجناحان الذي يكون دورهما في عكس الكرات العرضية من الأطراف ويتحول أحدهما دائما لمهاجم ثاني عندما تكون الهجمة من جهة الآخر بجانب تقدم لاعبي الوسط ليكون هناك 4 لاعبين في العمق لاستقبال الكرة العرضية.

دفاعيا، يجب دائما على الأجنحة العودة وتشكيل رباعي أمام رباعي الدفاع ويكون موجودا بين هذين الخطين بينما يبقى رأس الحربة هو الوحيد في الأمام. رأس الحربة في هذه الخطة يجب أن يكون قويا بدنيا ويجمع بين كل صفات المهاجمين من الفوز بالكرات الهوائية وإجادة التسديد بالرأس مع إمكانية اللعب بسرعة خلف مدافعين الخصم. تعتبر هذه الخطة إن تم تطبيقها بشكل جيد من أهم الخطط التي تعطي توازنا بين الدفاع والهجوم لكنها تحتاج إلى لياقة بدنية عالية لأن الأدوار فيها كبيرة للغاية ويجب على كافة اللاعبين القيام بالأدوار الدفاعية والهجومية مع تغطية المساحات وبقاء الفريق متماسك مع قرب الخطوط.

أفضل اللاعبين الذين ظهروا بهذه الخطة:

أبرز من لفت النظر ممن اعتمد هذه الخطة هم ثنائي خط وسط كرواتيا راكيتيتش ومودريتش اللذين كانا على تفاهو تجانس واضح مع إدراك كل واحد منهما لدوره ووظيفته كما لفت النظر جناحا منتخب كرواتيا ​ريبيتش​ وبيريستش مع تفاهم واضح مع رأس الحربة ​ماندزوكيتش​ أما قوة الخطة فكانت في لاعب الإرتكاز ​بروزوفيتش​ وهذا ما جعل خطة 4-1-4-1 تكون مفصلة تماما على قياس الكرواتيين.